رسالة الى صهريج مازوت
هذا اليوم ليس يوميا عاديا كبقية الأيام التي مرّت والتي ستمر ، وستحفظه الذاكرة كما حفظت عبور المقاتلين الشرفاء الى المدن الشامية ليدافعوا عن مصيرهم ومستقبلهم . ستحفظه الذاكرة لأنه الطريق ذاته الذي عبرته أفواج المقاومين الى الشام .
هذا اليوم ليس كبقية الأيام ، ففيه وجهارا، وعلى مرأى كل العالم وعلى مسمع كل الأمم مرّت صهاريج النجدة الى لبنان غير آبهة ببروتوكولات الحدود بين الكيانين ، مرّت دون أن تبرز الأوراق الثبوتية لحرس الحدو المصطنعة ، وأثبتت كما أثبت المقامون من قبل أننا أمة واحدة ووطن وواحد .
وكم كان سخيفا ذاك الذي سأل عن مستوجبات العبور الرسمي وعن الرمز الجمركي ،هكذا هي الانجازات الكبيرة تفضح صعاليك السياسة وصغار النفوس وتضعهم أمام حقيقة ارتباطاتهم المشبوهة .
نحن لا نسجّل كلام الذين جاهروا بعدائهم للإنتماء الوطني ، ولا نعتب عليهم، فدأبهم العمل على إطفاء بقع الضوء، ومن عادتهم التمرمغ برماد الحرائق ، ويعلمون أن لا مكان لهم بين أبناء النور .
لا نعتب على الذين لا يميزون بين الذل والهوان والكرامة فصحّ بهم قول سعاده :
لا يشعر بالعار من لا يعرف العار ، ولا يعرف العار من لا يعرف الشرف ،ويالذل قوم لا يعرفون ما هو الشرف وما هو العار .
قبل أن يكون التصفيق للمازوت يجب أن يكون لطريقة العبور ، وقبل التهليل لإنجازات المازوت ، علينا التهليل لتكسير الحواجزة الخشبية التي صنعتها إتفاقية سايكس بيكو ، فالتصفيق للمازوت آني ومرحلي بينما التصفيق ، لإلغاء مراكز الحدود المصطنعة ،خرق يُبشّر بعودة الأمور الى طبيعتها بين الكيانين .
صباح الخير صديقي الصهريج
أيها العابر الى لبنان مع شروق الشمس ، وخروج الناس الى حقولهم والخائفين على مصير أرزاقهم ، ومصيرهم بعد أن شّحت مستلزمات متطلبات مزروعاتهم .
وحدك الأمين الصادق ، لا تعرف المقايضة ، ولا تعرف المسايرة ، ولا تعرف الزحفطة من أجل تأمين المصلحة ، لذلك رأيتك مرفوع الهامة ، منتصب الرأس
تسير إلى لبنان كما يجري الأسد الى عرينه ، فتُصيب كل الذين يتأهبون لضبط الحدود على ساعات مصالهم ،بالضربة القاضية وتخبرهم بأن تجمعهه الجغرفيا وما يجمعه التاريخ لا يمكن لأي قوة في العالم أن تفرّقه .
نحن نريدك أن تكون نقطة البداية ، لا أن تكون العبور اليتيم .
نحن نريدك أن تكون الخطوة الأولى على طريق التكامل الاقتصادي بين الكيانين .
نحن نريدك أن تكون الإبرة الصغيرة التي بدأت بتطريز الثوب الواحد للكيانين .
نخاف عليك يا صديقي من الوحدة ، ونخاف عليك من العرض في سوق الطلب والعرض ، ونخاف عليك من قلّة الدراية لأهميتك ،فتكون كوميض برق خبّر عن اصطدام غيمتين .
نخاف عليك من الزوربة ، والتكويعات ، من الذين يجيدون الصيد في زمن المحن والصعاب .
يا صديقي ،آمل أن تكون بأيد أمينة وعقول عارفة أهميتك ، وعارفة أنك أكبر من المازوت والبنزين بكثير كثير .
نحن نعلم أن الآتي أصعب من الماضي ، ونعلم أننا أمام مشاريع خطيرة جدا ، تتطلب مواجهتها حنكة وصبرا وانحناءات بسيطة أحيانا وكبيرة أحيانا ، ولكن نعلم أيضا أن السفينة بأيد أمينة ونعلم أن هذه الأيدي لا تدخل سوق البيع والشراء ولا تدخل سوق المقايضة بين الحق القومي والإحتلال .
بالأمس البعيد عبرت دمشق الى لبنان ، وبالأمس القريب عبرت المقاومة الى الشام واليوم تعبر الشام الى بيروت لتكون رئة الحياة لهذا الكيان .
أيتها الصهاريج الراقصة على أنغام نبضات قلوبنا . حتى تكوني الدم لمتدفق الى قلوبنا ، نأمل أن تكوني المدماك المتين في بناء عودة الحياة الطبيعية الى الكيانين فترفعين عنا خطر تجرّع سمّ الكأسين ، كأس الغاز ، وكأس الكهرباء .
سامي سماحة
اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي : الواتساب التلغرام
نسخ الرابط :