الحزب القومي ودمشق وبوصلة الاتجاهات المعطّلة

الحزب القومي ودمشق وبوصلة الاتجاهات المعطّلة

Whats up

Telegram

سامي سماحة

 

أحب السوريون القوميون الإجتماعيون الشام وكانت وما زالت بالنسبة إليهم قبلة صلاتهم، لأنهم رأوا فيها نقطة الإرتكاز لمشروع النهضة السورية القومية الإجتماعية، ولأنهم رأوها كما قال سعيد عقل:
شآم ماالمجد ؟ أنت المجد لم يغبِ.


صحيح كانت بيروت نقطة البداية ولكن لم تكن هذه النقطة سوى جسر العبور إلى دمشق حيث هناك يغلي مرجل النهضة وينطلق ليتناول حياة الأمة بأسرها.

لا شك أن النظام في الشام وبشخص حسني الزعيم وفريقه ومن تحالف معهم من الأخصام والأعداء أفقد الأمة أضخم شخصية قيادية وفكرية ومُطلقة النظرة الجديدة إلى الحياة والكون والفن، ولا شك أن ذاك النظام أصاب بخيانة أنطون سعاده الأمة مقتلاً ما زلنا نعاني من تأثيراته ونزيف دم ما اندمل حتى الساعة.


 
إن الجرح النازف في جسم الحزب السوري القومي الإجتماعي لم يستطع أن يمنع حب السوريين القوميين الإجتماعيين للشام، ولم تستطع سهام السلطان الأحمر عبد الحميد السرّاج ورصاصات الغدر من حجب ثقة القوميين الإجتماعيين بشام المجد شام الفتوحات  التي ألحقت الدنيا ببستان هشام.

لم يمنع اغتيال الزعيم القوميين الإجتماعيين من تنشق هواء قاسيون وعزّة الجولان وإبداعات حمص وحماة وحلب وكل قرية ودسكرة في الشام.

للحزب في الشام ودائع الإبداع من غسان جديد إلى أدونيس وفايز خضور ومحمد الماغوط  وشيخ النحاتين سعيد مخلوف وغيرهم من الذين كان لهم اليد النظيفة في تجويد الحياة في الشام وفي كل إنحاء البلاد .


 
لا شك أن فترة الخصومة بين الحزب والشام كانت من أبشع فترات حياة الحزب السوري القومي الإجتماعي . وشهدت الشام خلالها أبشع مراحلها السياسية والفكرية ولم يستقر الوضع فيها إلا حين وصل إلى السلطة سيادة الرئيس حافظ الأسد.

أما الحزب فقد تعاقبت عليه الويلات من ويل الانشقاق إلى ويل الإغتيالات فويل أحداث عام 1958 فويل الانقلاب الفاشل ومن ثم ويل الخروج من السجن الذي أسس لإنشقاق 1975 وما تبعه من ويلات ما زالت تظهر بوجوه مختلفة حتى يومنا الحاضر.

عندما خرج القوميون الإجتمتاعيون من السجن اختلفوا على العلاقة مع دمشق، فمنهم وخاصة أبطال الإنقلاب ومن معهم اختاروا العلاقة مع منظمات التحرير التي كانت على خلاف مع الشام ، أما بعض القيادات الحزبية التي كانت تعارض العلاقة مع منظمة التحرير اختارت العلاقة مع دمشق ليس عن قناعة بل للتفتيش عن ظهر يؤمن لهم القبض على السلطة في الحزب، لذلك رأينا كثيراً منهم لم يلجأوا إلى دمشق حين اندلعت الحرب.


 
نشأت قبل الحرب اللبنانية علاقة بين الحزب ودمشق لم تترجم في السياسة بل تُرجمت بالتدريب العسكري وإنشاء المخيمات العسكرية الثقافية (1972) .

يومها لم تستوعب قيادات الحزب معنى أن يُقيم الحزب مخيماً في الشام، ولم تلتقط فكرة إنشاء علاقة مع النظام في الشام . ولم يصل إلى آذان القوميين الإجتماعيين أخبار لقاءات سياسية مع الشام.

طبعاً من أهم معاني المخيم، هو مدّ شعرة معاوية لإنشاء علاقة مع الحزب.

لم تظهر العلاقة مع الشام إلا في بداية الحرب اللبنانية وخاصة عندما قررت الشام الدخول إلى لبنان، وكان سبق هذا القرار بداية انشقاق في الحزب على خلفية تأييد التدخل الشامي أوالوقوف بوجهه، إنشق الحزب على خلفية العلاقة مع الشام والعلاقة مع منظمة التحرير الفلسطينية وعلى خلفية الانخراط في مشروع الحركة الوطنية المحكومة من ياسر عرفات أو مشروع وقف الحرب التي دعت إليه يومها الأطراف المؤيدة للشام والتي أنشأت الجبهة القومية.

اختلف السوريون القوميون الإجتماعيون على العلاقة مع  دمشق لكنهم لم يختلفوا على حب دمشق، حتى أولئك الذين وقفوا ضد دمشق، سكنوا في دمشق وأنشأوا أقوى العلاقات مع قيادات شامية ومع مجموعة كبيرة من المفكرين المقيمين في الشام.

مع اندلاع الحرب بدأ الحديث عن العلاقة مع النظام الشامي.

وبدأت شمّاعة الحق على الطليان.

أردت من خلال هذا السرد أن أصل إلى مسألة الحق على الطليان.

كان الحزب مأزوماً قبل العلاقة مع دمشق، ونجح بعض القوميين الإجتماعيين باتهام دمشق باختراع أزمته، لذلك أوحى للقوميين أن أزمة الحزب في دمشق كي يتخلصوا من  الحديث عن قصور تفكيرهم ورداءة أفعالهم  وخطورة علاقاتهم.

وانتشرت نغمة جديدة طابت للكثيرين:

النظام الشامي يقسم الحزب.

النظام الشامي يوحّد الحزب، وبين الوحدة والانشقاق يفقد الحزب بعض وهجه.

اقتنعت قيادات الحزب بأنها عاجزة عن تحقيق غاية الحزب، واقتنعت أن مكانها في الصفوف الخلفية، وأقتنعت أنها غير قادرة عن حل مشكلات الحزب الناشئة عن غياب تدريس مبادىء الحزب وغايته، وأقنعوا القوميين الإجتماعيين بضرورة التبعية حتى ولو كانت لأعور الدجّال.


 
لم ينتبه هؤلاء أنهم يوجهون إهانة للحزب والقوميين عندما قرروا أن الحزب وظيفة وأن الحزب استجابة لمناسبة أو ظرف أوحدث عابر، وأن شرط وجود الحزب هو رضى بعض القوى المحلية في لبنان والشام، وفاتهم، أن الحزب فكرة وحركة تتناولان حياة الأمة بأسرها.

خسرنا الحزب عندما ذهبنا نفتش عن حلول لمشاكله من الخارج، وأعلنّا الاستقالة من كل جهد يساهم في القضاء على مشاكله، ورددنا مع من قال:

لا تفكر نحن بنفكر عنك.

طبعاً عندما نطلب النجدة فهذا اعتراف أننا ضعفاء.

في الحقيقة نحن ضعفاء لأننا أردنا أن نكون ضعفاء، أما إذا أردنا أن نكون أقوياء فنحن نملك كل شروط القوة وأول هذه الشروط الثقة، ولكثرة ما ملكنا من الثقة أضعنا بوصلة التفاهم  وأصبح كل واحد منا مرجعية خلاص.

التفتيش عن أزمة الحزب في جوارير الآخرين.

لا يجوز لنا أن نفتش عن أسباب أزمة الحزب خارج بنية الحزب، ولا يجوز لنا أن نطلب النجدة من أحد أو نرمي الملامة على أحد، فنحن أهل الحزب ونحن أدرى بشعابه .

علينا أن نعترف أن أزمة الحزب ليست في جوارير الآخرين وبالتالي حلّها ليس في جوارير الآخرين أيضاً، وعلينا أن نبني مخارج الحل على نقاط القوة الموجودة في حزبنا وفي عقيدتنا .


 
نحن نعلم أننا نلتقي مع دمشق ومع القوى الوطنية والقومية الصادقة بكثير من النقاط، ونعلم أيضاً أن المطلوب في هذه الظروف التي تمر بها البلاد وأن التحديات التي تواجه الأمة تتطلب إنشاء أوسع جبهة لمواجهة التحديات الآتية، ولكن نعلم أيضاً أنه على عاتقنا تقع مسؤولية تطبيب جسدنا.

إن متانة العلاقة مع دمشق لا تمنحنا الاعتماد عليها في حلّ تشابك علاقاتنا الداخلية، ولا تمنحنا الاستقالة من دورنا في فكفكة مشاكلنا والعمل على الخلاص منها مشكلة مشكلة . .

مشتبه كل من يزعم أنه لا يريد أن يكون حليفاً لدمشق، ومشتبه كل من يعتقد أنه يمكن أن يعيد للحزب ألقه خارج التحالف مع دمشق.

لا شك أن للحزب مهام غير تلك التي يتفاهم عليها مع دمشق، وهذه المهام هي التي تساهم في فرض احترامه على القوى الوطنية والقومية في سورية الطبيعية.

لا نستطيع الانكار من أن للشام مسعى يهدف إلى وحدة الحزب، ولكن لا يمكن لهذا المسعى أن يكون لو لم نسمح له نحن، ولا نستطيع  أن ننكر أهميته، لكن لا يمكن لهذا المسعى أن يخرج بنتائج إذا لم نكن نحن نملك الاستعداد لصياغة مشروع إنقاذ الحزب.

العِلّة فينا والحل ّمن عنّا.

نحن نعتقد إن اشتداد الأزمة في الحزب، ومساوىء الانشقاق الأخير، وخروج بعبع سلوكيات الانحراف، والسقوط الأخلاقي الكبير لكثير من الذين يزعمون أنهم أبناء العقيدة السورية القومية الإجتماعية، ساهموا في فضح ما وصلت إليه بعض سلوكياتنا، وهذا ما أكد أنه لم يبق في أحزاب الانشقاق من النهضة سوى كلمة نهضة التي لم تعتد مستعملة إلا في المناسبات الحرجة.

لكل ما ورد اعتبرنا نحن في نداء العمل القومي أن الأزمة أزمة فكر وثقافة، أزمة أخلاق، أزمة تشريع للفساد الذي كان من الطبيعي أن يصل معتنقيه إلى خلاف على اكتساب صفات المرجعيات وقلنا أنه حلّ الأزمة الحزبية لا يكون بالتسوياات والصفقات أو التفاهم بين قيادات الانشقاق بل:

تدريس العقيدة السورية القومية الاجتماعية للقوميين الذين فاتهم إدراك مبادىء الحزب وغايته، وللمواطنين المقبلين والطلبة الذين ارتضوا الدخول إلى الحزب وصياغة خطاب المواجهة مع التحديات القادمة.

تحديد الأليات التي تحمل هذا المشروع التدريسي وهذا الخطاب المواجه للتحديات التي بدأنا بإنجازها وبدايتها الاعتماد على منارات في المناطق تعمل على وصل ما انقطع مع القوميين والناس فيعود الحزب إلى بعث النهضة وتعود النهضة لتكون الخروج من الشك والبلبة إلى الثقة واليقين.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram