افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 23 تشرين الثاني 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 23 تشرين الثاني 2021

Whats up

Telegram

افتتاحية صحيفة البناء:

فلسطين ترسم إيقاع المنطقة بمقاومتها… وبريطانيا تعاقب حماس… والقومي يتضامن معها كمقاومة
الرؤساء يضعون الحل السياسي على نار باردة… وتعاون روسي - لبناني متعدد العناوين
وفد الكونغرس مهتم بترسيم الحدود… ونقابتا المحامين تخذلان دعاة المعارضة وأدعياء الثورة

 

 تابعت فلسطين بمقاوميها صناعة الحدث الأول في المنطقة، مع تزاحم الأحداث التي تضع قوى التحرر على الساحة الدولية في مكانة متقدمة، حيث تثبت روسيا موقعها العسكري المتفوق  وتضع الخطوط الحمراء وترسم حدود المناطق الساخنة، وتتقدم الصين من موقعها كلاعب اقتصادي حاسم لترسم قواعد التنافس والاشتباك مع الأميركي، بينما إيران تكتب كل يوم في مياه الخليج حكاية جديدة للإمساك بزمام المبادرة بوجه الأساطيل الأميركية، وجديدها السياسي كان مع اقتراب موعد العودة للمفاوضات حول ملفها النووي في فيينا، الإعلان عن معادلة العودة المتمهلة إلى الاتفاق النووي، مقابل دعوات الاستعجال التي تتلقاها من الأميركيين والأوروبيين لتجيبهم بالقول أدوا التزاماتكم ثم طالبونا، بينما حملت نتائج الانتخابات النيابية في فنزويلا، التي جاءت كترجمة لمبادرة الاتحاد الأوروبي للحل السياسي، فوزاً كبيراً للرئيس نيكولاس مادورو، في حدث وصفته مصادر متابعة للوضع في القارة الأميركية، بالزلزال السياسي الذي يعادل وزن الزلزال العسكري للانسحاب الأميركي من أفغانستان.
فلسطين فاجأت الاحتلال بعملية الشيخ الشهيد فادي أبو خشيدم التي قتل وجرح فيها أربعة من جنود الاحتلال، والتي أعقبت عملية الطعن التي نفذها الشاب الشهيد عمر أبو عصب، ورافقتها عملية طعن في يافا، لتأكيد هذا الإيقاع المتسارع لنهضة المقاومة في فلسطين، ودفع المواجهة مع الاحتلال لتتحول حدثاً أول على جدول أعمال المنطقة والعالم، بينما واصلت الحركة الأسيرة عبر موجة الإضراب عن الطعام التي يخوضها الأسرى تحقيق المزيد من الإنجازات، كان أبرزها إنهاء الأسير كايد الفسفوس لإضرابه مقابل الإفراج عنه وإنهاء الاعتقال الإداري بحقه ليكون الرابع بين زملائه الذين يفوزون بالحرية، وكان اللافت دخول بريطانيا على خط تعويض الارتباك الإسرائيلي بإدراج حركة حماس التي ينتمي إليها الشهيدان أبو عصب وأبو خشيدم وعدد من الأسرى الذين خاضوا معارك الأمعاء الخاوية، على لوائح الإرهاب وفرض العقوبات على قادتها ومن يتعاون معها، بعدما شهدت بريطانيا تفاعلاً متنامياً مع دعوات المقاطعة العلمية والأكاديمية والثقافية والاقتصادية لكيان الاحتلال، وكان آخر مشاهدها ملاحقة السفيرة الإسرائيلية في لندن تسيبي حوتوبيلي في جامعة لندن للاقتصاد ومنعها من إلقاء محاضرة مقررة مسبقاً، ولقي القرار البريطاني بحق حركة حماس حملة إدانة واسعة، وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بيان تضامن مع حماس كحركة مقاومة مديناً الخطوة البريطانية.
في الشأن الداخلي، حملت زيارة وفد الكونغرس الأميركي، تحت عنوان استطلاع الآراء وتجميع المعلومات، إشارات لرهان أميركي على وضع قواعد اشتباك جديدة للمواجهة مع حزب الله، تقوم على التسليم بلا جدوى المغامرة بخيار المواجهة أو الوقوع بأوهام العزل، أو الاستثمار على إسقاط لبنان اقتصادياً، والبحث ببدائل تقوم على السعي لتجميد أو تبريد خطوط التماس مع الاحتلال التي يعتقد الأميركيون أن المقاومة تتغذى منها وأن حزب الله يستقوي بها، وفي هذا السياق حاول الوفد جس النبض لفرضية إنجاز ترسيم الحدود البحرية والبحث بترسيم مواز ينهي بعض نقاط النزاع في البر، باستثناء مزارع شبعا، بالتوازي مع الحديث عن العودة لاتفاق فك الاشتباك في الجولان السوري المحتل، أملاً بأن يؤدي الترسيم والتبريد إلى فتح الباب لتهدئة مديدة، يرافقها رهان على تأثير الملف النفطي اقتصادياً في تشكيل كابح للتصعيد، ودعم الحكومة لخطة نهوض بالتعاون مع صندوق النقد، وسعي لتوحيد القوى المناوئة لحزب الله انتخابياً، وقالت مصادر واكبت زيارة وفد الكونغرس أنه كان واضحاً بعدم الموافقة على التصعيد السعودي ضد لبنان، واعتباره عنصر تأثير سلبي على الخطة الأميركية، وأن أعضاءه كشفوا عن مساع للحلحلة تقوم بها واشنطن بعيداً عن الإعلام، كما كان واضحاً أن الوفد يميل للاعتقاد بوجود فرصة لتهدئة سياسية اقتصادية وتخفيض لسقف المخاطر.
في الشأن المحلي أيضاً كانت نتائج الانتخابات في نقابتي المحامين في بيروت والشمال تعيد الاعتبار لقواعد اللعبة النقابية التقليدية، خارج إطار التلاعب الذي تم تسويق نتائج الانتخابات السابقة تحت عنوانه، بتوصيفه انتصاراً للأحزاب التي صنفت نفسها كمعارضة أو الشخصيات التي تصدرت واجهة الحراك الشعبي وأطلقت على بعضها لقب الثوار، وجاءت النتائج لتخيب توقعات وتسقط مزاعم دعاة المعارضة وادعياء الثورة، وتقدم نموذجاً عن مشهد الانتخابات النيابية المقبلة.
على المستوى السياسي والدبلوماسي، كانت الزيارة الناجحة لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب إلى موسكو، فرصة لتظهير بدايات تعاون روسي- لبناني متعدد المجالات تحدث عنه بوحبيب ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، سواء عبر إيداع روسيا لبنان صور الأقمار الاصطناعية الروسية لانفجار مرفأ بيروت، أو عبر الإعلان عن التعاون مجدداً في  تفعيل ملف عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سورية، أو فيما كشف عنه لافروف من اهتمام جدي للشركات الروسية بلبنان وفرص الإعمار والاستثمار، وإعلانه قبول الدعوة التي وجهها له بوحبيب وعزمه على تلبيتها بزيارة بيروت.
حكومياً كان احتفال عيد الاستقلال نقطة اللقاء المرتقبة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليعقب الاحتفال لقاء رئاسي في بعبدا، قالت مصادر تسنى لها الاطلاع على أبرز ما دار فيه، أن تبريد الخلافات كان المهمة الأولى للاجتماع، والإعراب عن النوايا الإيجابية المتبادلة للتعاون، ووضع الحل السياسي على نار باردة، يفترض أن تنضج مطلع الشهر المقبل، بخلق مناخات تتيح عودة مجلس الوزراء للانعقاد، بعد تذليل العقد، سواء في ملف التحقيق في مرفأ بيروت، من خلال منح مهلة للقضاء لإصدار قرار الفصل بين مسار التحقيق وملاحقة الرؤساء والوزراء، أو تعاون الكتل النيابية للسير ببدء المسار النيابي لتفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقاً لما تم الاتفاق عليه بين الرئيس بري والبطريرك بشارة الراعي، وبعدها يصير ممكناً البحث بهدوء في ملف استقالة الوزير جورج قرداحي، الذي حسم أمر عدم طرح إقالته على طاولة البحث، وترك الأمر بين يديه في التوقيت المناسب.
وأدان الحزب السوري القومي الاجتماعي القرار الصادر عن وزيرة الداخلية البريطانية، والمتضمن تصنيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كتنظيم إرهابي.
وأكد "القومي" في بيان أصدره، أن حركة حماس هي حركة مقاومة ضد الاحتلال، وأن القرار البريطاني يعد إمعاناً في النهج المنحاز الذي دأبت على سلكه الحكومات البريطانية، بدءاً من سياستها الاحتلالية تجاه بلادنا وتجاه أمم أخرى، مروراً بوعد بلفور المشؤوم، وصولاً إلى الدعم اللامتناهي الذي تقدمه للكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني. أضاف بيان القومي: أن احتلال أرض فلسطين ومصادرة ما أمكن منها لإقامة مغتصبات يهودية عليها، وإقامة جدار الفصل العنصري، وتهجير المواطنين من أهلنا، وصولا إلى حملات الاعتقال واحتجاز جثامين الشهداء، كل هذه الجرائم لم تحرك ساكناً لدى الحكومة البريطانية. فيما استفزتها مقاومة شعبنا في سبيل تحرير أرضه من الاحتلال، وهذا حق مقدس مكفول في كل قوانين العالم وشرعات حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.
وفي مجال آخر، رأى عميد الإعلام في الحزب معن حمية أن عيد الاستقلال اكتسب معناه الحقيقي بمقاومة المستعمر، بطولة واستشهاداً، في مقاومة تصدرها القوميون الاجتماعيون وتمّ بإرادة الوطنيين اللبنانيين وتضحياتهم، ويخطئ من يظن أن الاستقلال صك يمنحه المستعمر، فالاستعمار والاحتلال لا يندحران عن أرض إلا بفعل إرادة المقاومة، وهذه حقيقة واقعية وتاريخية.
وأكد حمية في بيان أن الوطنيين اللبنانيين الذين ما رضوا يوماً بالخضوع لأي احتلال، بدءاً من التركي إلى الفرنسي مروراً بالصهيوني وصولاً إلى الإرهابي، كان قرارهم دوماً المقاومة دونما تردد، وهم اليوم عازمون على مواجهة الحرب الاقتصادية بمزيد من الصمود والثبات.
وأكد أنه "لا انتصار للبنان إلا مع محيطه القومي، تكاملاً وتسانداً، ضمن مجلس تعاون مشرقي أثبتت التجارب والأحداث ضرورته، ولا عزة للبنان إلا بخيار مقاومة الاحتلال الصهيوني، ولا إنقاذ له من نظامه الطائفي إلا بالوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها كل المواطنين في الحقوق والواجبات".
وحمل اللقاء الرئاسي في بعبدا بذكرى الاستقلال الـ78 مؤشرات إيجابية قد تفتح الطريق نحو الحل للأزمات المتراكمة والمكدسة على رصيف الانتظار، حيث شكلت المناسبة التي جمعت الرؤساء الثلاثة فرصة للحوار المباشر بين المعنيين بالشأن الحكومي، وذلك بعد طول انقطاع ومناخ متوتر شهدتها العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية تحديداً.
وقد اقتصر اللقاء بين الرؤساء الثلاثة في وزارة الدفاع في اليرزة على البروتوكولات والمجاملات والسلام والابتسامات، من دون التطرّق إلى أي حديث سياسي؛ إلا أنّه وبعد انتهاء العرض العسكري، طلب عون من برّي وميقاتي مرافقته في موكبه للانتقال إلى بعبدا، فاستقلا السيارة، وحصل اجتماع بينهم في مكتب رئيس الجمهورية استمرّ حوالي الساعة.
ولفتت مصادر بعبدا لـ"البناء" إلى أن "جو اللقاء كان إيجابياً حيث استعرض الرؤساء خلال اللقاء، جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والمالية، و"المراسيم الجوالة" التي تحتاج إلى إقرار في الحكومة، ومشاريع قوانين أرسلتها الحكومة إلى المجلس النيابي وتستوجب إقرارها.
كما تحدّث الرؤساء، وفقًا للمصادر، في الحلول للأزمة السياسية - الحكومية والقضائية والدبلوماسية الناشئة عن اعتكاف عدد من الوزراء عن حضور الجلسات الحكومية اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، وكذلك تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي تجاه السعودية، وتم الغوص بأسباب الأزمات وكيفية الخروج منها، حيث عرض رئيس الجمهورية مقاربته ثم تلاه بري ثم عقّب ميقاتي على حديث الرئيسين مؤكداً دعمه لأي حل يجري الاتفاق عليه للخروج من الأزمة. وأكدت المصادر أن جوّ اللقاء يتّجه إلى الحلحلة من دون الغوص في تفاصيل الحل، "لكن ما نستطيع تأكيده هو أن هناك إرادة جدّية من قبل الرؤساء الثلاثة للحل".
وفي رده على سؤال حول التوصل إلى حل للأزمة قال الرئيس بري لدى مغادرته قصر بعبدا: "إن شاء الله خير".
وفي سياق ذلك، كشفت أوساط مطلعة على لقاء بعبدا لـ"البناء" عن توجّه رئاسي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودة عون من زيارته إلى قطر وميقاتي من زيارته إلى الفاتيكان، وإلى حينه ستستمر المشاورات بين عون وبري لإنضاج الحل. كما كشفت عن تفاهم شبه منجز بين الرؤساء الثلاثة على حل لقضية القاضي البيطار ضمن المؤسسة القضائية وليس في مجلس الوزراء، أي بحل يخرج به مجلس القضاء الأعلى وبالتالي فصل الصلاحيات وعدم تدخل السلطة السياسية بعمل السلطة القضائية، وهذا ما أكّد عليه عون خلال اللقاء وأيده ميقاتي. وفي حال لم تحل فسيتم اللجوء إلى المجلس النيابي لتشكيل لجنة تحقيق نيابية للنظر بتفجير المرفأ وترفع نتائجها ومقترحاتها للمجلس النيابي ومجلس القضاء الأعلى للبناء على الشيء مقتضاه وقد يفتح هذا الخيار الباب على ممارسة البرلمان دوره وفق ما ينص الدستور فيخرج ملف الوزراء والرؤساء من يد القاضي بيطار.
أما قضية استقالة قرداحي والأزمة مع السعودية ودول الخليج، فحصل نوع من الاتفاق الضمني على أن تُحل قضية البيطار أولاً ويعود مجلس الوزراء للانعقاد، ويجري التعويل على مبادرة من قرداحي بتقديم استقالته من تلقاء نفسه بعيداً عن أي ضغوط أو إقالة، لكن الأمر لم يُحسم ويحتاج إلى بلورة وضمانات من المنتظر أن يحصل عليها ميقاتي من السعودية عبر الفرنسيين والإماراتيين، بوقف الإجراءات الخليجية التصعيدية بعد الاستقالة فوراً وفتح حوار مع المملكة يعالج المسائل الخلافية. وتخلص الأوساط للتأكيد بأن المناخ العام إيجابي ومن المرتقب أن ينعكس على مجمل الوضع العام في البلد وعلى تحريك الملفّات العالقة، إضافة إلى حرص من بري وميقاتي على حلحلة جدية وسريعة وضرورية للأزمة، لكن لا يعني ذلك أن الحل سيولد خلال أيام، بل المؤكد وجود إرادة للحل والسعي لهذا الهدف. وكشفت الأوساط أن عون سيغادر لبنان إلى قطر في زيارة رسمية في 29 الجاري، ستستمرّ لمدة يومين يتخلها لقاء مع أمير قطر ويحضر افتتاح كأس العرب كون لبنان مشارك فيه ويعود بداية الشهر المقبل.
من جهته، رأى ميقاتي، عقب اللقاء أن "الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين. ونحن إذا لم نكن يداً واحدة، لن نتمكن بتاتاً من الحفاظ على الاستقلال". وأضاف: "لفتني ما قاله أحدهم من أن احتفالكم بالاستقلال كامرأة مطلّقة تحتفل بعيد زواجها. صحيح، ولكن دعونا لا ننسى أنّه قبل أن تطلّق لو بقيت على التفاهم الذي كان أثناء الزواج، لما كانت تطلّقت". وشدد على أن "التفاهم والحوار هما الأساس، والبعد جفاء، والجفاء يؤدي إلى الشر. واللقاء كالذي حصل اليوم كان فيه الحوار جدياً، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير".
وفيما تؤكد مصادر الوزير قرداحي لـ"البناء" أنه لا يزال على موقفه وأنه يتمنى توصل المعنيين إلى الحل الملائم انطلاقاً من السيادة والمصلحة الوطنية، لفتت مصادر ثنائي "أمل" و"حزب الله" و"المردة"، لـ"البناء" إلى أن "تنحي المحقق العدلي الحالي لم يعد المطلب الأساسي ولم يكن كذلك أصلاً، بل الهدف تصحيح وتصويب أدائه وتوقفه عن تسييس الملف من خلال أمرين: فصل ملاحقة الوزراء والرؤساء عن بقية الملف، لا سيما أن الذين يلاحقهم ينتمون لجهة سياسية معينة وواحدة ما يزرع الشك بأدائه، والأمر الثاني وقف محاولات فبركة بعض الملفات لاتهام مسؤولين ينتمون لحزب الله". ولفتت المصادر إلى أن "الحزب والرئيس بري منفتحان على أي حل للجم البيطار وتصويب ملف التحقيقات وإعادته إلى مساره القانوني والدستوري، وأي حلّ آخر لا يراعي هذه الأهداف فلن يعود الوزراء إلى الجلسة". أما لجهة استقالة قرداحي، فتؤكد مصادر "الثنائي" و"المردة" بأن "الأمر مرهون بإنهاء أزمة البيطار ثم العودة إلى مجلس الوزراء والبحث باستقالة قرداحي إذا كانت تصب بمصلحة لبنان أم لا، لكن الأكيد لن تكون الاستقالة مجانية ولا قسرية بل طوعية وبعيدة عن أي مقايضة مع قضية البيطار".
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين، أننا "جاهزون لأي انفتاح ونقاش يوصل إلى نتائج واقعية من خلال كل التجارب التي مضت ومر بها لبنان، من أجل الوصول إلى حلول واقعية في كل المجالات".
ورأى أن "هذه الأزمات لن تبق إلى ما شاء الله، وإنما ستنتهي بعد مدة، وهذا نابع من خبرتنا وتجربتنا وإيماننا وفهمنا لهذه الأزمات، ولكن المهم أن نعمل على تقليل الخسائر، وإيجاد الحلول المناسبة، وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية بيننا وبين الآخرين، حيث أننا نعتبر بأنهم إلى اليوم لم يهتدوا إلى الطريق الصحيح، وما زالوا يسلكون طريقاً لا يوصل إلى مكان، ولا يعطي نتيجة، ولا يمكن أن نستشرف منه حلاً". كما اعتبر صفي الدين أن "أهم أسباب المشكلات التي يعاني منها لبنان هي سياسات الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما أن البنوك بين أيديها، والنظام الاقتصادي اللبناني هو نظام تابع لها، والمآسي التي حصلت طوال كل العقود الماضية كانت تحت نظر وإشراف السياسات الأميركية، ومع ذلك جاءت أميركا لتضغط، وبدل أن تساعد على الحل، ضغطت من أجل أن تخنق اللبنانيين".
أما التيار الوطني الحر، فتشدد مصادر نيابية في "التيار" لـ"البناء" تأييده لأي حل يتفق عليه الرؤساء ويراعي الأصول القانونية والدستورية، وأوضحت أن "التيار لم يطالب باستقالة قرداحي، إلا إذا كانت الاستقالة مدخلاً للحل يضمن عودة العلاقة مع السعودية ودول الخليج إلى طبيعتها".
في المقابل لا ترى المصادر بوادر أو مؤشرات لحلول وشيكة لأزمتي البيطار والقرداحي، مشيرة إلى أن الاتصالات مستمرة لكنها لم تصل إلى خواتيم إيجابية، ولفتت إلى أن جرعة التفاؤل التي أشاعها الرئيسين بري وميقاتي لم تخرج عن إطار التمنيات وليست بجديدة، وحذرت المصادر من إطالة أمد الأزمة ما سينعكس مزيداً من تردي الأوضاع الاقتصادية، ما يتطلب عودة سريعة لتفعيل الحكومة،  وجددت المصادر تأكيد موقف التيار الداعي للفصل بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية وأن يعهد ملف التحقيقات في قضية المرفأ إلى القضاء لتصحيح مساره وتنقيته من الشوائب. شددت المصادر على أن التيار مع أي حل يراعي الأصول القانونية والدستورية.
ونوه الرئيس عون خلال استقباله وفود الأجهزة الأمنية والعسكرية بمناسبة الاستقلال، بالدور الذي يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية في المحافظة على الأمن قائلاً، "العراقيل أمام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض أن تنجز خلال الأعوام الماضية مستمرة والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى".
وقال: "سأعمل خلال السنة الأخيرة من ولايتي على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة وصولاً إلى معالجة الملف الاقتصادي".
وكان عون تلقى عدداً من برقيات التهنئة بالاستقلال أبرزها من الرئيس الروسي فلاديمر بوتين، وملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونائب الأمير الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني.
وأكد بوتين اطمئنانه إلى "أننا سنتمكن بفضل جهودنا المشتركة من ضمان مواصلة تطوير علاقات الصداقة بين روسيا ولبنان"، مشدداً على "التزام روسيا الدائم بدعم سيادة ووحدة لبنان، وبعدم جواز أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية له ومن أجل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط".
كما أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن "الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب لبنان خلال هذه الأيام الصعبة ودعم آماله في مستقبل أفضل".
على صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من موسكو "أننا شكرنا وقدرنا عالياً تسليمنا صور الأقمار الاصطناعية العائدة لتفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وسنضعها بعهدة القضاء اللبناني، على أمل أن يسهم ذلك في كشف حقيقة هذه المأساة التي حلت بلبنان"، موضحاً أن "الصور سنضعها عند القضاء، وهو من يحدد إن كانت ستفيد أو لا، وليس السياسيين". وأضاف: "أكد لنا الوزير لافروف تشجيعه للشركات الروسية ومنها العاملة قي قطاعي الطاقة والنفط للعمل في لبنان".
وعن الأزمة مع دول الخليج، أشار بوحبيب إلى أنه "ما زالت لدينا علاقات طيبة مع دول الخليج، وهناك نوع من التشاور الدائم، لكي نتوصل إلى حوار، والمشاكل لا تحل إلا بالحوار، والإملاء يمنعنا من إجراء الحوار، وهناك مسائل كثيرة عالقة بيننا وبين دول الخليج".
وأكد بوحبيب، في حديثه عن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أن "لبنان يصرّ على حقّه، ولن يتنازل عن ما هو له في ما يتعلّق بترسيم الحدود البحرية، والمحاولات الأميركية لم تنجح بعد في تقريب وجهات النظر، ولكننا اتفقنا مع الممثل الأميركي آموس هوكشتاين، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، أن يعود مع اقتراحات، بعد لقائه الجانب الإسرائيلي".
وفي هذا السياق أفيد بأن موفد أميركا لترسيم الحدود البحرية سيعود إلى بيروت قريباً لنقل موقف إسرائيلي هام؟
بدوره أعلن لافروف، نقلاً عن "روسيا اليوم" أن شركات روسية تريد إعادة إعمار البنية التحتية وهذا القرار لبناني". وقال: "لدينا مشروع تنجزه شركة روسية للنفط لإيصال المحروقات إلى مرفأ بيروت".
وأشار مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية الذي شارك في اللقاء أمل أبو زيد أن "تزويد لبنان بصور الأقمار الاصطناعية عن مرفأ بيروت قبل وبعد الانفجار، هو خطوة مقدّرة جداً، تساعد في الإضاءة على طبيعة هذا الانفجار وكشف أسبابه، في وقت امتنعت أكثر من دولة عن تسليم لبنان هذه الصور".
(في غضون ذلك برزت زيارة وفد من الكونغرس الأميركي إلى لبنان وإعلانه الدعم للحكومة اللبنانية، وضم أعضاء الكونغرس دارن لحود، داريل عيسى، ودان كيلدي ورئيس مجموعة الدعم الأميركي من أجل لبنان السفير إد غبريال بحضور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، حيث زار رئيس الجمهورية في بعبدا وشدد الوفد على الوقوف إلى جانب  لبنان على مختلف الصعد وعلى دعم جهود الحكومة اللبنانية. كما شدد على "ضرورة إنهاء الخلافات السياسية بما يتيح التركيز على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
كما التقى الوفد الرئيس بري في عين التينة حيث تم بحث للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية. كما التقى الرئيس ميقاتي في السراي الحكومي.

****************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

الحكومة لا تزال تنتظر حلّ مشكلة البيطار

 

 لم يصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى مبتغاه المُعلن بعقد جلسة للحكومة. قبلَ أيام، وخلال تواصله مع عدد من القوى السياسية قال إنه يراهن على استغلال مناسبة عيد الاستقلال، واللقاء المقرر بينه وبين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ليكون اللقاء "فرصة لتبريد الأجواء بينهما وكسر الجليد والتخفيف من حدّة التشنج التي ارتفعت أخيراً على خلفية عدد من الملفات، بما فيها قانون الانتخابات". أبلغَ ميقاتي حزب الله تعويله على هذا اللقاء، لكن الخطأ في تقدير الحسابات جعل النتيجة أمس واضحة: "لا جلسة قبل تطبيق الدستور".
قبل أيام، ارتفعت وتيرة الاتصالات للضغط في اتجاه الفصل أولاً في مسار التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت، على نحو حصر صلاحية المحقق العدلي طارق البيطار بمحاكمة الموظفين على أن يتولى مجلس النواب التحقيق مع الرؤساء والنواب والوزراء، وجرى عرض أكثر من طرح كآلية للتنفيذ من بينها أن يرسِل مجلس الوزراء كتاباً إلى مجلس النواب يطلب إليه القيام بدوره، لكنه لم يجد قبولاً، لأن رئيس الجمهورية كانَ لا يزال على موقفه الرافض.
موضوع البيطار هو الملف الوحيد الذي جرت مناقشته. وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع إن بري "أعاد تكرار موقفه بالتأكيد على صلاحية مجلس النواب كما هو منصوص في الدستور"، قائلاً لعون: "أنت المؤتمن على الدستور فماذا ستفعل؟". وحين سأل ميقاتي عون عن رأيه لم يبد اعتراضاً، خاصة أن "بري تطرق إلى الاتفاق الذي حصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي"، طالباً من عون وميقاتي "القيام بما يلزم". وأكدت المصادر أن الاجتماع لم ينتج منه أي تقدّم، فالمشكلة تكمن أيضاً في المخرج، إذ إن الآلية يجب أن تكون عبر القضاء، فمن هو الذي سيتخذ قراراً بتحديد صلاحية البيطار بعدَ أن امتنعت المحاكم عن ذلك وحصل الانقسام الكبير في العدلية".

لكن مصدراً آخر أشار إلى أن النقاش تطرق إلى علاج مباشر يفترض بالقاضي البيطار أن يقوم به من تلقاء نفسه، ويقوم على قاعدة أنه هو من يحيل الملفات كل إلى الجهة المتخصصة به، وبالتالي لا داعي لانتظار أي خطوة من أي سلطة أخرى. ويبدو أن الرئيس ميقاتي يعد باتصالات في هذا الصدد.
أما بشأن ملف وزير الإعلام جورج قرداحي، فلفتت المصادر إلى أن الرؤساء اتفقوا على أنه يجب معالجة مشكلة القضاء حتى يعود مجلس الوزراء إلى الانعقاد وعندها يمكن معالجة الملف الخاص بالوزير قرداحي ونتائجه المتصلة بالعلاقات مع السعودية ودول خليجية أخرى.
على صعيد آخر، أجرى ميقاتي سلسلة اتصالات لتدارك تفاقم الأزمة المعيشية، وتبين أنه بحث في الأمر خلال اجتماعه الأخير مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وأبلغه بأن ارتفاع الدولار سينعكس سلباً على كل الوضع العام في البلاد، وسيؤدي إلى شلل على مستوى إدارات الدولة. وطلب ميقاتي من الحاكم بذل الجهود والتدخل للحد من ارتفاع سعر الدولار. لكن الحاكم لم يظهر أي استعداد عملاني، متحدثاً عن أزمة موجودات بالعملة الصعبة وعن ضرورة البحث في زيادة واردات الدولة.

******************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

“مراسم” العجز الرئاسي تكرّس الأزمة المفتوحة

لا العرض العسكري الرمزي الذي نظمته قيادة الجيش في اليرزة، وتقدم حضوره الرؤساء الثلاثة، حجب التحديات الثقيلة الأسطورية التي يتحملها الجيش والمؤسسات الأمنية كافة وسط الانهيار المتدحرج، ولا العرض المدني لمختلف قطاعات المجتمع المنبثق من رحم ثورة 17 تشرين الأول 2019 حجب عمق التراكمات الهائلة التي يتعرض لها الشعب اللبناني وأتعبته وأنهكته عن إكمال انتفاضته. في #عيد الاستقلال الـ 78 أمس، انكشفت أكثر من أي وقت سابق معالم عجز العهد والحكومة والمجلس عن وقف الزحف المتسارع نحو قعر القعر لمجرد ان صارت صورة اجتماع رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة “الإنجاز” الذي يخرق رتابة العيد، ورتابة ازمة التعثر في عقد مجلس الوزراء في بلد تقدَّم صدارة البلدان الغارقة في الانهيارات والفقر والافلاس والجوع والمرض والهجرة. وما زاد صورة عيد الاستقلال قتامة وغرابة في آن واحد والتي تحولت إلى مراسم اثبات العجز، هو انه إلى فشل اركان السلطة في تقديم “هدية العيد” عبر توافق عاجل ملحّ وسريع على اسقاط كل “الممنوعات” والاشتراطات التي شلّت حكومة حين كانت ابنة ثلاثة أسابيع من عمرها، والانصراف فوراً إلى استلحاق ما يمكن استدراكه لوقف الغرق المتسارع للبلاد في شتى أنواع الازمات الكارثية، فان ذلك لم يوفّر على اللبنانيين التوظيفات السياسية لأسوأ الظروف بحيث عاد سيّد العهد إلى اطلاق مواقف في اليومين الأخيرين ترمي كرة الانهيارات في مرامي الجميع الا العهد ورأسه. وعلى قاعدة “ما خلونا” إياها اختبأت وراء عجز العهد عن الاضطلاع بدور انقاذي حقيقي وجريء يرغم معطلي الحكومة ومجلس الوزراء عن مسار تعطيلهم وراح بدلا من ذلك يصوب على “الطبقة الفاسدة” بلغة المعارضة ونبرة الانتفاضة. واما محاولات التوافق على إيجاد تسوية تعيد احياء جلسات مجلس الوزراء، فلم يكتب لها النجاح الجدي رغم انتقال الرؤساء عون وبري وميقاتي من اليرزة إلى بعبدا في السيارة الرئاسية والخلوة التي جمعتهم في ما وصف بانه كسر للجليد بين عون وبري تحديداً.


 
 

بعد الاجتماع، وردًا على سؤال عمّا إذا كانت الأوضاع قد “تحلحلت” قال الرئيس برّي وهو يغادر قصر بعبدا: إن شاء الله خير. أمّا الرئيس ميقاتي، فأشار إلى أنّنا “لا نستطيع المحافظة على الاستقلال إن لم نكُن يدًا واحدة، والتفاهم هو الأساس” مضيفًا: “بالأمس قرأت الكثير عن الاستقلال، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولفتني ما قاله احدهم من ان احتفالكم بالاستقلال كإمرأة مطلقة تحتفل بعيد زواجها. صحيح، ولكن دعونا لا ننسى انه قبل ان تطلق لو بقيت على التفاهم الذي كان اثناء الزواج، لما كانت تطلقت. إن التفاهم والحوار هما الأساس، والبعد جفاء، والجفاء يؤدي إلى الشر. واللقاء كالذي حصل اليوم كان فيه الحوار جدياً، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير.”.


 
 

ولعل المفارقة ان استعارة ميقاتي لكلام عن مواقع التواصل شبه الاحتفال بعيد الاستقلال كاحتفال مطلقة بعيد زواجها اثار موجة سلبية عبر هذه المواقع واعتبرته كلاماً ذكورياً.

 

عون والنأي بالعهد

 

في غضون ذلك مضى الرئيس عون في النأي عن تبعات الازمات التي تعتصر البلاد وقال في لقاءات له أمس مع وفود من قيادات الجيش والقوى الأمنية: “العراقيل مستمرة امام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض ان تنجز خلال الأعوام الماضية، والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى”. وأضاف: “سأعمل خلال السنة الأخيرة من ولايتي على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة وصولاً إلى معالجة الملف الاقتصادي”. وفي رسالته إلى اللبنانيين عشية عيد الاستقلال والتي أكد انها “الأخيرة” في مناسبة الاستقلال خلال السنة الأخيرة من عهده بما فسر ضمنا رداً على التعليقات والتفسيرات التي أثيرت حول مقابلته الصحافية الأخيرة التي ذكر فيها انه في نهاية ولايته لا يسلم رئاسة الجمهورية إلى الفراغ، جدد هجومه على “المنظومة الفاسدة” واعتبر “ان أربعين بالمئة من عمر هذا العهد مرّت من دون حكومة، بعد تعثر عمليات التشكيل، جراء عقبات مصطنعة وصدامات سياسية، ما أدى إلى تأخير المعالجات وتفاقم الأزمات”. كما انتقد عون القضاء بشكل لافت وقال “أنتم تريدون المحاسبة، تريدون أن تروا من عاث في البلاد فساداً، ومن سرق أو هدر أموالكم، يدفع ثمن ارتكاباته، ودوماً تطرحون السؤال البديهي لماذا لم يوضع أحد وراء القضبان بعد، لأن المحاسبة هي للقضاء، الاتهامات كثيرة وكذلك المتهمون، الجميع نصّب نفسه قاضياً ومدعياً ومحامياً، الجميع يتهم والجميع متهم، هذه المعمعة الاتهامية التي باتت تهدّد في بعض مفاصلها الاستقرار وحتى السلم الأهلي، ما كانت لتحصل لو لم يتقاعس قضاؤنا وقام بواجباته، ولو رُفعت يد السياسيين وغير السياسيين عنه “. ودعا اللبنانيين إلى “جعل صندوق الاقتراع سلاحكم ضد الفساد والفاسدين ومن تربّوا على نهجهم، بعد أن ثبت، وعلى مرّ السنوات الثلاثين الماضية، أنهم متجذّرون عميقاً، ومحصنون بشتى الخطوط الحمر”.

 

اما العرض المدني الذي جرى إحياؤه بعد ظهر أمس فانطلق من منطقة الكرنتينا، في اتجاه مرفأ بيروت تحت شعار “شعب، جيش، قضاء”، بمشاركة كثيفة لجماعات المجتمع المدني و”ثوار 17 تشرين”. وامتدت صفوف المشاركين حتى منطقة الدورة. ورفع المشاركون لافتات تدعو إلى “تحقيق الاستقلال الحقيقي ومحاربة الفساد وسرقة المال العام، والوصول إلى الدولة المدنية ومحاسبة المسؤولين عن انفجار 4 آب”.


 
 

وضم العرض عددا من الأفواج المتنوعة كالاستشفاء والطبابة والمعلمين والمهندسين والعمال والبيئة والفنانين والإعلاميين وتقدمهم فوج الدفاع المدني وجمعية “الهلال الوطني اللبناني”، ثم فوج “شهداء 17 تشرين” رافعا صور من سقط خلال الحراك المدني، ففوج أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت باللباس الأسود وفوج جرحى الانفجار.

 

 

#واشنطن وباريس

 

ولمناسبة عيد الاستقلال تقّدم وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن، بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية، بـ”أطيب” تمنياته للشعب اللبناني بعيد استقلاله. وأكد أن “الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب لبنان خلال هذه الايام الصعبة ودعم آماله في مستقبل أفضل”، لافتا في بيان إلى أن بلاده “تعترف بالثقافة الثرية والمثابرة للشعب اللبناني، الذي واجه وتغلب على العديد من التحديات على مدار الـ 78 عام الماضية”.

 

وغردت سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو، عبر حسابها على “تويتر” مؤكدة أن “فرنسا تقف إلى جانب اللبنانيات واللبنانيين الملتزمين بعزم وموهبة وشجاعة لبناء لبنان يطمحون إليه ويستحقونه، وهو أمر ممكن.”وأشارت إلى أن “الوضع المأساوي في البلاد يتطلب أن تتحمل السلطات والطبقة السياسية مسؤولياتها بدون الإنتظار أكثر.”

 

الصور الروسية

إلى ذلك أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا سلمت لبنان صورا التقطتها أقمارها الاصطناعية تتعلق بتفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب بعد محادثاتهما في موسكو أمس: “بناء على طلب الحكومة اللبنانية، قمنا اليوم بتسليم صور فضائية وصور للأقمار الصناعية أعدتها وكالة روس كوسموس. نأمل بأن تساعد هذه المواد في التحقيق في أسباب الانفجار”. وأضاف: “بحثنا الآفاق المحتملة لمشاركة جهات اقتصادية روسية في إصلاح البنية التحتية التي دمرت نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت”. كما تحدث عن مشروع تنجزه شركة روسية للنفط لإيصال المحروقات إلى ميناء بيروت، كما قال إن هناك شركات روسية تريد اعادة اعمار البنية التحتية وأن هذا القرار لبناني. وشدد لافروف على “ثقته بقدرة” رئيس الوزراء على بسط الاستقرار في لبنان، مشيرا إلى أن “لا بدّ من حلّ المسائل الداخلية بالحوار وتعزيز التعاون”. أضاف: “لبنان يريد حوارًا مع دول الخليج لحلّ المشاكل العالقة”، وقال: “قضية وزير الإعلام جورج قرداحي ليست بالمشكلة المستعصية ولكنها ليست المشكلة الوحيدة”.

*************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“ألفاريز ومارشال” تلوّح بالانسحاب… ووزير المالية يستمهل

خلوة بعبدا: “ما بعدها كما قبلها”!

 

على رأس دولة منقوصة السيادة، مسلوبة القرار ومشلولة الحركة والإرادة، احتفل العهد بذكرى الاستقلال الأخيرة في ظله وكنفه وسط بصمات درامية باتت تطبع مختلف جواتب الحياة في البلد، حيث خيمت المأساة أمس فوق أجواء عرضي “اليرزة” و”شارل الحلو” على حد سواء، انطلاقاً من المصيبة اللبنانية الجامعة بين كافة شرائح الشعب ومكوناته المدنية والعسكرية… ولبّ المصيبة، كما لخّصها البطريرك الماروني بشارة الراعي، يكمن في أن اللبنانيين يعيشون تحت سطوة “مسؤولين وقادة وأحزاب غير مستقلين (…) ولاؤهم لغير الوطن، يعرقلون سير المؤسسات الدستورية، واستقلالية القضاء، وفصل السلطات، ويخرقون السيادة والوحدة الوطنية”.

 

لكن وعلى دارج عادتها في التنكر للواقع والتعامي عن الوقائع المأسوية لمسلسل الانهيار، بدت الطبقة الحاكمة أمس منسجمة مع انفصامها، فجسّدت دور القيادة والريادة على أطلال الاستقلال، مزهوّة بجوّ الوئام الرئاسي على خشبة اليرزة، مروراً برحلة “الليموزين” ثلاثية الأبعاد الرئاسية من وزارة الدفاع إلى القصر الجمهوري، وصولاً إلى انعقاد خلوة بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي على نية فكّ أسر مجلس الوزراء وتحريره من قيود التعطيل… فكانت النتيجة مزيداً من الرشقات “الخلبية” في عيد الاستقلال على وقع ما نقلته مصادر مواكبة من أنّ “الخلوة نجحت شكلياً في كسر الجليد الرئاسي لا سيما بين الرئيسين عون وبري بعد فترة من التراشق الحاد بينهما، لكن عملياً بقي ما بعد الخلوة كما قبلها، إذ لم تسفر عن أي تفاهمات ناجزة خارج إطار التمنيات والتوافقات المبدئية على الحاجة إلى الإسراع في حلحلة الأوضاع وإعادة لمّ الشمل الحكومي”.


 
 

وأشارت المصادر إلى أنّ الخلوة الرئاسية “لم تخرج عن هامش البحث في عموميات الأزمة دون الغوص في أي طرح أو حل متفق عليه لرفع الفيتو “الشيعي” على انعقاد مجلس الوزراء”، موضحةً أنّ حصر رئيس المجلس مفاعيل الخلوة بعبارة “إن شاء الله خير” عكست حقيقة الوضع لناحية “بقاء كل طرف على موقفه من دون التوصل بعد إلى أرضية مشتركة تتيح التأسيس لاستئناف العمل الحكومي”. وهو ما عكسه أيضاً، استمرار رئيس الحكومة في العزف على وتر “المناشدات والدعوات إلى التفاهم والحوار” مكتفياً إثر خلوة بعبدا بالإعراب عن تمنياته بأن “تؤدي إلى خير”، في إشارة لمست منها المصادر، تأكيداً على كون “الحلول المنشودة لم تنضج صيغتها بعد، سواءً في ما يتصل بقضية المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار أو بمسألة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي”.


 
 

أما على ضفة دوائر الرئاسة الأولى، فحرصت أوساطها على تعميم نظرتها التفاؤلية لنتائج الخلوة الرئاسية الثلاثية، مشددةً على أنها تناولت “المواضيع العالقة وضرورة حلها”، وأكدت أنّ “الجو كان إيجابياً لناحية وجود إرادة حل مشتركة لدى الرؤساء الثلاثة وقناعة متقاطعة بأنّ الظرف الراهن في البلد يحتاج إلى حلحلة سريعة للعقد والعراقيل”، مشيرةً انطلاقاً من ذلك إلى أنّ “الاتصالات سوف تستمر خلال الأيام المقبلة وسط توافق على وجوب استمرار المعالجات القائمة عبر المؤسسات المعنية بالنسبة إلى أسباب تعطيل مجلس الوزراء”.

 

وعن عودة مجلس الوزراء، آثرت الأوساط عدم الخوض في المواعيد الزمنية واكتفت بالقول: “فكرة دعوة مجلس الوزراء مطروحة لكن تحديد الموعد لم يحصل بعد”، مضيفةً: “أما من ناحية رئيس الحكومة، فأصبح من الواضح أنه ينوي توجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء بعد عودته من روما”.


 
 

وعلى خط موازٍ للاستعراض العسكري الرمزي الذي أقيم في باحة وزارة الدفاع في اليرزة، أحيت فعاليات المجتمع المدني ذكرى الاستقلال بطريقة اعتراضية رمزية في وسط بيروت، حيث نظمت عرضاً ميدانياً مدنياً عند جادة شارل الحلو بمشاركة حاشدة ومتنوعة من شرائح المجتمع والقطاعات والمهن، وسط حضور ثوار 17 تشرين كتفاً إلى كتف مع أهالي ضحايا انفجار 4 آب من المدنيين والعسكريين وفوج الإطفاء والدفاع المدني تحت شعار “شعب، جيش، قضاء”، فرفع المشاركون في العرض المدني لافتات تدعو الى “تحقيق الاستقلال الحقيقي ومحاربة الفساد وسرقة المال العام، والوصول الى الدولة المدنية ومحاسبة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت”.

 

وفي الغضون، يتواصل الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي تحت أقدام المواطنين، مقابل إمعان تحالف السلطة والمال في وأد فرص الإصلاح والإنقاذ والتهرب من التجاوب مع شروط المجتمع الدولي للمساعدة في انتشال البلد من أزمته. إذ كشفت مصادر موثوق بها أنّ شركة “ألفاريز ومارشال” المكلفة من جانب الحكومة اللبنانية التدقيق في الحسابات المالية للدولة، عادت للتلويح مجدداً بالانسحاب من هذه المهمة بعدما اصطدمت باستمرار المصرف المركزي في رفض تزويدها بداتا المعلومات التي تطلبها، فاستمهل وزير المالية يوسف خليل الشركة واعداً الاستجابة لكامل مطالبها، لكنّ المعنيين في الشركة أكدوا أنها بصدد الانسحاب جدياً في حال لم تتسلم الداتا المطلوبة من مصرف لبنان خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة.

********************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: الاستقلال يجمع الرؤساء ولا حلّ جاهزاً للحكومة.. وموسكو تزوّد لبنان بصور الأقمار

مرّ عيد الاستقلال هذه السنة حزيناً على بلد صار كلّ شيء فيه مجرّد ذكرى. مرّ هذا العيد الوطني الذي يفترض انّه جامع للبنانيين بكلّ فئاتهم ومكوناتهم، يتيماً في وطن انهارت كل أسسه، وصار مثالاً لمعاناة متصاعدة لم يسبق لشعب على وجه الكرة الارضية أن ابتلي بها. مرّ الاستقلال يتيماً في وطن تداعى الولاء له، وصار ارضاً خصبة لتناقضات وخلافات وعداوات، تزرع بذور التحلّل وجعل لبنان لبنانات، والانتماء اليه انتماءات، والسيادة سيادات، والسياسة سياسات، والقضاء قضاءات، والاقتصاد زلازل وانهيارات وسكاكين على رقاب الناس، اما الشعور الوطني فمقزّم على مساحة هذا الحزب والتيار. فأي قائمة لهذا البلد من هذا الجحيم الذي ابتلع كل شيء ولن يسلم من ناره أحد؟


 
تلك هي الصورة في الذكرى 78 للاستقلال؛ دولة منكوبة ومشلولة بالكامل، وتلك حقيقة لا تحجبها خطابات رئاسية وديباجيات مُملّة من هنا وتصريحات من هناك، ووعود ملّها الناس، لا تشبع جائعاً ولا تسكّن وجعاً، ولا تدفئ “برداناً”، ولا تشفي مريضاً، ولا تعيد مالاً منهوباً، ولا ودائع مسروقة، ولا توجد اماناً مفقوداً. فأصلُ الداء هو غياب الرّاعي الصالح الذي يستشعر مصاب النّاس، والعقاب الذي يُمارس عليهم بأيدي كائنات تمتد من الحكام الى سائر المكوّنات السياسيّة، التي بدل ان تجمعها مصيبة البلد وتلتقي على التصدّي لها وابتداع سبل ردّ أذاها عن اللبنانيّين، فاقمتها أكثر وفخّختها بألغامها وأحقادها وإمعانها في تغطية فشلها في إدارة الدّولة، وشراكتها في جريمة إفلاسها، وتصارعها فوق جثة بلد ميّت، وتلذّذها بتعذيب شعب، في عملية استثمار خبيثة على وجع الناس، كلّ الناس، من كلّ المناطق والطوائف والفئات، طمعاً بتحقيق مكاسب، وجنوحاً نحو تصفية حسابات رخيصة، تمكّنها من قلب او تغيير معادلات تغلّبها على ما لها من خصومات!

 

اللقاء الثلاثي

 

وإذا كانت مناسبة الاستقلال قد فرضت نوعاً من الانفراج على الخط الرئاسي، اتاحت عقد لقاء ثلاثي بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، إلّا أنّ الأجواء التي سادت هذا اللقاء، بحسب ما قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهوريّة”، “كانت هادئة وصريحة، حيث جرى استعراض المستجدات بصورة عامة، وكذلك أثار الأزمة وتفاعلاتها، وكانت النظرة مشتركة الى ضرورة إنهاء الوضع الشاذ الذي يعيشه البلد، وبذل المستطاع لتحقيق ذلك في اقرب وقت ممكن، وخصوصاً في ظل التداعي الخطير في الأزمة على كل المستويات”.

 

ولفتت المصادر الى انّ “الرؤساء تشاركوا في التأكيد على عدم جواز استمرار الوضع على ما هو عليه من انسداد، والخشية من تفاقم الامور اكثر. ومن هنا برز توافق على تكثيف المشاورات لتذليل ما هو قائم من عثرات وعقبات، ما يعني في خلاصة اللقاء الثلاثي، انّه لم يعكس بلوغ الرؤساء الحل السحري الذي يؤسس لانفراج يُخرج الدولة من شللها الراهن ويعيد اطلاق الحكومة”.

 

وقالت مصادر مطلعة على اجواء اللقاء الرئاسي لـ”الجمهورية”: “إنّ اللقاء شكّل دافعاً لنقاش جدّي في الايام المقبلة حول اسباب تعطيل انعقاد مجلس الوزراء التي ما زال مفتاح الانفراج ضائعاً فيها، واكّدت انّ هذه الاسباب ما زالت قائمة ومرتبطة بحسم مصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وكذلك إيجاد الحلّ التوافقي للأزمة التي استُجدت مع السعودية ودول الخليج، وما يتّصل بوضع وزير الإعلام جورج قرداحي، مشيرة الى أنّ أفكاراً مطروحة للنّقاش، ولكن لا يمكن الحكم المسبق على النيات، وبالتالي لا شيء محسوماً حتى الآن، ولننتظر ما ستحمله الايام القليلة المقبلة على هذا الصعيد، اكان على المستوى السياسي، او على المستوى القضائي”.

 

وكان الرؤساء الثلاثة قد شاركوا، ومعهم قائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الامنية، في حضور العرض العسكري الرمزي الذي اقامته قيادة الجيش في اليرزة امس. وفي نهايته غادر الرؤساء الثلاثة في سيارة الرئاسة الاولى الى القصر الجمهوري، حيث عُقد اللقاء الثلاثي بينهم، واكتفى بعده الرئيس بري بالقول رداً على سؤال بعد مغادرته “إن شاء الله خير”. فيما قال الرئيس ميقاتي “إنّنا لا نستطيع المحافظة على الاستقلال إن لم نكُن يدًا واحدة، والتفاهم هو الأساس”. مشيرا الى أنّ “البُعد جفا”، واللقاء الذي حصل اليوم كان حوارًا جدّيًا، وبإذن الله سيؤدي إلى الخير”.

 

وقد استقبل الرئيس عون قائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية، حيث نوّه بالدور الذي يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية في المحافظة على الأمن. وقال: العراقيل امام العمليات الإصلاحية التي كان من المفترض ان تُنجز خلال الأعوام الماضية مستمرة والعمل يجري على تذليلها الواحدة تلو الأخرى”.

 

وأضاف: “سأعمل خلال السنة الأخيرة من ولايتي على ملاحقة القضايا العالقة وفي مقدّمها وضع مسار الإصلاحات على سكة صحيحة ودائمة وصولاً الى معالجة الملف الاقتصادي”. وتابع: “الظروف الاقتصادية انعكست سلباً على العسكريين في مختلف الاسلاك، ورغم ذلك يقوم العسكريون بواجباتهم بإخلاص، وعلى الدولة ان تقابل عطاءاتهم بتحسين أوضاعهم”.

 

واكّد قائد الجيش لرئيس الجمهورية: “اننا نعول على حكمتكم في مقاربة الملفات الشائكة والخروج من الأزمة بأقل الخسائر. وبوجود المؤسسة العسكرية لا خوف على لبنان، ولن نسمح للتحدّيات ان تنال من عزيمتنا”. فيما توجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للرئيس عون قائلا: “نناشدكم ان تقوموا بكل ما بوسعكم مع الحكومة لإنقاذ المؤسسات العسكرية والأمنية قبل فوات الأوان، لكي يبقى الهيكل الأساسي للدول اللبنانية دون تصدّع”.

 

رسالة الاستقلال

 

وفي رسالة الاستقلال عشية الذكرى 78 للعيد، دعا عون الى تحصين الاستقلال، معتبراً انّ “الاستقلال للدولة هو قرارها الحر وحماية مصلحة الوطن مع المحافظة على أفضل العلاقات مع جميع الدول؛ أما الاستقلال للمواطن فهو مؤسسات دولة قادرة وموثوقة تحميه وتؤمّن له حقوقه، ويؤمّن لها ما عليه من واجبات”، وقال انّ “الاستقلال للمواطن هو بحاجة الى نضال يومي للحفاظ عليه واستعادة ما خسرناه للخروج من واقع مرهق يتخبّط به وطننا وشعبنا، والى تعاون صادق بين جميع مكونات الوطن جماعات وأفراداً؛ أما الاستغلال السياسي للأزمات فلن ينتج إلّا مزيداً من التأزم والتشرذم”.

 

ورأى “أنّ المخرج من الأزمة الحكومية ليس بمستعصٍ، وقد أوجده لنا الدستور وتحديداً في الفقرة “ه” من مقدمته التي تنص على أنّ النظام اللبناني قائم على مبدأ الفصل بين السلطات”. وسأل: “هل سنلتزم سقف الدستور ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لتعود الحكومة الى ممارسة مهامها في هذه الظروف الضاغطة، أم سنسمح للخناق أن يشتد أكثر على رقاب أهلنا وأبنائنا في معيشتهم وأمنهم؟ وهل ندرك فعلاً مدى الأذى الذي يصيب مجتمعنا جراء تعطّل الحكومة؟ إنّ هذا الوضع لا يجب أن يستمر”.

 

واشار الى انّه يسعى “لحلّ الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج ، وآمل أن يكون الحل قريباً”، وتوجّه الى الشعب بالقول: “أنتم تريدون المحاسبة، ودوماً تطرحون السؤال البديهي “لماذا لم يوضع أحد وراء القضبان بعد”؟ لم يوضع أحد وراء القضبان بعد لأنّ المحاسبة هي للقضاء، وما خلا ذلك اتهامات إعلامية قد تصيب وقد تخيب، ولا يمكن لأحد أن يدخل السجن من دون حكم قاضٍ”.

 

وتوجّه الى القضاة قائلاً: “يا قضاة لبنان، الاتهامات كثيرة وكذلك المتهمون، الجميع نصّب نفسه قاضياً ومدّعياً ومحامياً، الجميع يتهم والجميع مُتهم”، لافتًا إلى أنّه “لا زال بإمكان القضاء اليوم أن يأخذ المبادرة إن استطاع أن ينأى بنفسه عن كل المداخلات ويلتزم النصوص القانونية التي ترعى عمل السلطة القضائية واستقلاليتها وتصحح أي شطط ممكن أن يعترض أداءها”.

 

بري

 

ولمناسبة الاستقلال وانتهاء مهلة تسجيل المغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية، شدد الرئيس بري على أن “لبنان يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن نحيي الاستقلال ليس كذكرى أو ذاكرة ليوم من التاريخ، إنما لنستعيد الاستقلال كتاريخ بدأ منذ ذلك اليوم كمحطة لتحمّل المسؤولية الوطنية صنعت استقلالا وتحريرا من الانتداب، واستكملت في محطات استقلالية عديدة مواجهة ومقاومة للعدوانية والاحتلال الإسرائيليين، وتكريسا لوحدة لبنان وعروبته كوطن نهائي لجميع أبنائه”.

 

وقال: “معنيون جميعا في هذه اللحظة الأخطر وجوديا على لبنان واللبنانيين، أن نحصّن لبنان واستقلاله بتحصين القضاء وتحقيق استقلاليته كسلطة تلتزم قواعد الدستور والقانون، بعيدا من التسييس والاستنسابية والكيدية والتطييف والتمذهب. معنيون بتحرير الاقتصاد من التبعية والارتهان لسطوة الاحتكار والمحتكرين. معنيون بتحرير لقمة عيش المواطنين ودوائهم من تجار الأسواق السوداء. معنيون بتحرير ودائع الناس وجنى أعمارهم من المصارف بتشريعات وإقرار القوانين التي تحفظ هذا الحق وتعيده لأصحابه كاملا. معنيون بإعادة ترميم الثقة بين المواطن والدولة ومؤسساتها، وثقة العالم بلبنان الموقع والدور والرسالة والإنسان، لبنان الملتزم إنجاز استحقاقاته الدستورية بمواعيدها”

 

وقال: “عشيّة يوم الاستقلال، للبنانيين المقيمين القابضين على جمر الانتماء للوطن والأرض والثوابت وما بدلوا تبديلا، للبنانيين المغتربين الذين جعلوا مساحة وطنهم بحجم الكون، فكانوا وما زالوا شمسه الدائمة الإشراق والأنجم التي لا تعرف الأفول وأعلامه لا الأرقام، لهم في هذه اللحظة التي أكدوا فيها عمق انتمائهم للبنان وحقهم في الشراكة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع من خلال المشاركة في استحقاق الانتخابات النيابية تسجيلا واقتراعا، تحية لكم وأنتم سوف تشاركون في الانتخابات النيابية، متحررين من التطييف الذي ابتلينا به داخليا. أنتم الرهان على أن تكونوا نواة الدولة المدنية التي يطمح اليها اللبنانيون ولا خلاص له إلا بها”.

 

وختم: “التحية للجيش، قيادة وضباطا ورتباء وأفرادا، وللقوى الأمنية وللمقاومين، كل المقاومين، والشهداء، كل الشهداء، الذين صنعوا استقلالا وسيادة وصانوا حقوقا وثرواتا وحدودا. لهم جميعا ألف تحية. معا ننقذ لبنان ونحميه ونحفظ استقلاله”.

 

التهاني والسوداوية

 

وسط هذه الاجواء، فإن المشهد الداخلي يزداد سوداوية، وهو ما اكدت عليه المواقف الدولية التي عكستها برقيات التهئنة بعيد الاستقلال مع التشديد على عمل حكومي سريع في اتجاه الانقاذ، وكانت لافتة في هذا السياق تغريدة نشرتها السفارة الاميركية كتب فيها: “ينعاد عليك بظروف أحسن”. تزامنت مع مبادرة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الى التقدم بأطيب تمنياته للشعب اللبناني بعيد استقلاله، واكد أن الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف إلى جانب شعب لبنان خلال هذه الايام الصعبة ودعم آماله في مستقبل أفضل، لافتا في بيان إلى أن بلاده تعترف بالثقافة الثرية والمثابرة للشعب اللبناني، الذي واجه وتغلب على العديد من التحديات على مدار الـ 78 عاما الماضية”.

 

كذلك، برزت تغريدة للسفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، التي عبّرت عن وقوف فرنسا الى جانب الشعب اللبناني، لافتة الى ما وصفته “الوضع المأساوي” في البلاد الذي يتطلب أن تتحمل السلطات والطبقة السياسية مسؤولياتها بدون الإنتظار أكثر”.

 

سقوط الدولة

 

على ان هذه الصورة القاتمة، شهد عليها شاهد من أهله، حيث بلغ فيه التشاؤم حد التعبير عن خوف أكثر من جدي من بلوغ لبنان “أسوأ مرحلة في تاريخه”.

 

هذا الخوف، جاء في قراءة شديدة السوداوية حيال الوضع في لبنان، عرضها مرجع مسؤول، حيث قال لـ”الجمهورية”: اخشى اننا بلغنا المرحلة التي لم نعد فيها قادرين على ان نمنع لبنان من السقوط الكبير، والذي لن يكون في مقدور احد أن يتحمل كلفته”.

 

واضاف: “دعونا نعترف بأننا فشلنا جميعا، من رأس الهرم في الدولة الى كل المكونات السياسية، لا احد بريئا، كلّنا شركاء في ايصال لبنان الى ما وصل اليه من انهيار. والى ان تفلت الامور من ايدي الجميع، وانا قلق جدا مما خلص اليه المسؤول في الامم المتحدة أوليفييه دي شوتر في تقييمه البحثي حول لبنان قبل ايام قليلة. والذي شخّص فيه واقع المسؤولين في لبنان بأنهم لم يقدموا للبنانيين وللمجتمع الدولي اي تحرّك يفيد بأنهم قد خرجوا من عالمهم الخيالي الذي يعيشون فيه بعيدا عن معاناة اللبنانيين، ويثبتوا بأن لديهم شعورا بضرورة التحرّك العاجل والعزم اللازم لتحمل مسؤولياتهم، ووقف ما يتعرّض له اللبنانيون من “إفقار وحشي” على حد تعبيره.

 

ولفت المرجع نفسه الى ان “معلوماتي تفيد بأن المسؤول الاممي لم يقل كلّ ما لديه، مع ان خلاصة قوله اننا اصبحنا في دولة فاشلة بالفعل، وكل الوقائع السلبية التي تتوالى تنذر بدخول مرحلة أسوأ مما هي عليه”. وقال: “كانوا في الماضي يحذروننا من النموذج القبرصي او اليوناني او الفنزويلي، لكننا سقطنا الى ما هو اسوأ من تلك النماذج كلها، فقد اصبحنا في القعر. والمسؤول الأممي نفسه ابلغنا بشكل مباشر وصريح بأن لبنان على رغم كل ما يعانيه من مصاعب، ما زال في اول النفق الذي تنتظره فيه مصاعب اكبر ومعاناة شديدة للبنانيين، ولست أستغرب ابداً ان ينفجر غضب الناس ليطيح بكلّ شيء”.

 

تعاون روسي

 

من جهة ثانية، اعلنت موسكو أنها سلّمت لبنان صورا التقطتها أقمارها الاصطناعية حول انفجار مرفأ بيروت.

 

جاء الاعلان على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بعد المحادثات التي أجرياها في العاصمة الروسية امس، حيث قال لافروف: بناء على طلب الحكومة اللبنانية، قمنا اليوم بتسليم صور فضائية وصور للأقمار الصناعية أعدتها وكالة روس كوسموس. نأمل بأن تساعد هذه المواد في التحقيق في أسباب الانفجار”.

 

واشار لافروف الى “اننا بحثنا الآفاق المحتملة لمشاركة جهات اقتصادية روسية في إصلاح البنية التحتية التي دمرت نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت”. كما تحدث عن مشروع تنجزه شركة روسية للنفط لإيصال المحروقات الى ميناء بيروت، كما قال إن هناك شركات روسية تريد اعادة اعمار البنية التحتية وان هذا القرار لبناني.

 

وشدد لافروف على ثقته بقدرة رئيس الوزراء على بسط الاستقرار في لبنان، مشيرا الى أنه “لا بدّ من حلّ المسائل الداخلية بالحوار وتعزيز التعاون”. أضاف: “لبنان يريد حوارًا مع دول الخليج لحلّ المشاكل العالقة”. وقال: “قضية وزير الإعلام جورج قرداحي ليست بالمشكلة المستعصية ولكنها ليست المشكلة الوحيدة”.

 

*************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

«لقاء الاستقلال» يكسر الجليد بين عون وبري

اجتمعا في قصر الرئاسة اللبنانية بحضور ميقاتي… وإجماع على ضرورة إيجاد حلّ قريب

 

في لقاء هو الأول من نوعه منذ تأليف حكومة نجيب ميقاتي، كانت الذكرى الـ78 لاستقلال لبنان مناسبة للقاء الأخير مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وفرصة للبحث في الملفات العالقة، لا سيما تعطيل مجلس الوزراء الذي لا يزال يصر كل من ميقاتي وعون على أن هناك توجهاً للدعوة إلى عقد جلسة في وقت قريب، من دون أي تفاصيل حول الموعد والحلّ المفترض.

واللافت في اللقاء أنه لم يقتصر فقط على الإطار «البروتوكولي» المتعلق بالاحتفال العسكري في وزارة الدفاع حيث جلس الثلاثة بعضهم إلى جنب بعض، إنما في الاجتماع التالي الذي عقد في القصر الرئاسي في بعبدا، وقال بعده ميقاتي إن الحوار خلاله «كان جدياً»، فيما اكتفى بري بالقول: «إن شاء لله خير».

وفي هذا الإطار، رأت مصادر وزارية أن الاجتماع بحد ذاته هو «كسر للجليد الذي قد يؤدي إلى حلّ ما». وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لو لم يكن هناك أمر جديد وجدي لما كان عقد اجتماع بعبدا، وكانوا اكتفوا باللقاء في الاحتفال»، معتبرة أنه «مجرد حصول هذا اللقاء يعني قد يؤسس لحلحلة ما». وجددت المصادر التأكيد في الوقت عينه على أن «الحل الأقرب إلى التطبيق يبقى ذلك الذي اتفق عليه كل من بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي ويقضي بإحالة التحقيق (في انفجار مرفأ بيروت) مع الوزراء والنواب إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء».

في المقابل، وصفت مصادر مطلعة على اللقاء الثلاثي الأجواء بـ«الإيجابية». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه تم خلاله البحث والحديث في المواضيع العالقة وضرورة حلّها وكان هناك «توافق وقناعة على أن الظرف الراهن يحتاج إلى حلحلة سريعة وتأكيد على استمرار الاتصالات في الأيام المقبلة علها تؤدي إلى نتيجة قريبة». ولفتت المصادر إلى أن هناك نية للدعوة إلى جلسة للحكومة لكن لم يتم تحديد الموعد حتى الآن، وقد يكون بعد عودة رئيس الحكومة من زيارته إلى روما هذا الأسبوع».

وكان الرؤساء الثلاثة انتقلوا إلى قصر بعبدا بسيارة الرئاسة الأولى، بعد انتهاء العرض العسكري الرمزي في وزارة الدفاع، حيث عقدوا اجتماعاً استمر زهاء ساعة، عرضوا خلاله الأوضاع العامة في البلاد من مختلف جوانبها والمستجدات الأخيرة، بحسب بيان رئاسة الجمهورية.

ولدى مغادرة بري القصر، سئل ما إذا كانت هناك «حلحلة» ما، فأجاب: «إن شاء الله خير». أما ميقاتي، فتحدث إلى الصحافيين بعد الاجتماع، قائلاً: «إن الاستقلال ذكرى مهمة في حد ذاتها، ولكن الذي أدى إلى هذا الاستقلال هو وفاق اللبنانيين وتوافقهم في الميثاق الوطني، الذي حصل بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح. وقد تنازلا عن كل خصوصياتهما من أجل وحدة لبنان وإنقاذه في حينه». وأضاف: «إن الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين، ولو لم يكن اللبناني وأخوه اللبناني، لأي طائفة انتميا، بعضهما إلى جانب بعض في راشيا (حيث سجن الانتداب الفرنسي رجالات الاستقلال). ونحن إذا لم نكن يداً واحدة، فلن نتمكن بتاتاً من الحفاظ على الاستقلال».

وكان الأيام الأخيرة شهدت سجالاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين عون بري على خلفية التحقيقات الجارية في ملفي مرفأ بيروت وأحداث الطيونة، إضافة إلى تعليق اجتماعات مجلس الوزراء.

 

 

*************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

ثلاثيتان تحاصران الاجتماع الرئاسي: الكرة في ملعب حزب الله

بلينكن يعترف «بالثقافة الثرية» للبنانيين.. والاحتكار يبحث عن أزمة محروقات مع جنون الأسعار

 

على وقع احتفالات الاستقلال الـ78، وبروز معادلة جديدة ثلاثية: شعب، جيش، قضاء، مقابل ثلاثية حزب الله: شعب، جيش، مقاومة، شكل الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا بين الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي علامة فارقة، حملت ايجابيات لا تخفى، وفي الوقت نفسه، بقيت نقاط عالقة، تحتاج إلى تفاهم مع حزب الله عليها، إذ تعهد الرئيس نبيه بري بمعالجة اعتراضات حزب الله، والسعي لايجاد صيغ عملية، على هذا الصعيد.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مجرد انعقاد لقاء رئاسي ثلاثي في قصر بعبدا يؤشر إلى أن الملفات باتت على بساط البحث المباشر وأن الحوار بشأنها فتح دون أن يعني أن الأزمات قد حلت. لكن الاجتماع اوحى بالعمل على معالجة ما وهذا ما عكسه رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء.

وقالت المصادر إن هناك ليونة ابداها الرئيس بري على أن أي موعد لأستئناف جلسات الحكومة لم يحدد بعد مشيرة إلى أن هناك سلسلة اتصالات ستتم. وفهم أنه يصعب من الآن تحديد هذا الموعد قبل بلورة مناخ مساعد في هذا المجال. وافيد أن مدة اللقاء كانت كفيلة بمناقشة عدد من القضايا العالقة ولاسيما عودة جلسات الحكومة والأزمة مع الخليج.

الى ذلك افادت أوساط مراقبة أن قضية استقالة الوزير قرداحي اضحت في عهدته أي أنها متروكة له. وترك ملف القاضي البيطار للجسم القضائي ومحكمة التمييز وفق ما أشارت إليه «اللواء».

واشارت مصادر سياسية الى ان لقاء الرؤساء الثلاثة في بعبدا، ادى الى كسر جليد العلاقات التي شهدت توترا ملحوظا بين الرئيسين عون وبري منذ تأليف الحكومة، على خلفية التباين الحاصل حول مطالبة الثنائي الشيعي بتنحية المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وتعليق جلسات الحكومة حتى تحقيق هذا المطلب، وقابله اصرار عون على رفض الحكومة التدخل بهذه المسالة، انطلاقا من مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التدخل في شؤون القضاء ظاهريا، ولكن ضمنيا، يحبذ استمرار المحقق العدلي بملاحقة النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر المقربين من بري، في إطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية معه،برغم تعارض هذه الملاحقة مع نص الدستور، الذي يحصر ملاحقة الرؤساء والوزراء والنواب امام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب.

ووصفت المصادر اجواء اللقاء بالمريحة والايجابية،وساده نقاش صريح حول سبل معالجة مشكلة تردي العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ، بفعل التصريحات العدائية التي أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي ضد المملكة، وحل شرط الثنائي الشيعي، لتنحية القاضي البيطار، لاجل انهاء تعليق جلسات الحكومة، ومعاودة اجتماعاتها،بالسرعة اللازمة، لمناقشة واقرار الملفات والقضايا المهمة باسرع وقت ممكن.

وكشفت المصادر عن تفاهم حصل، للتحرك عبر وسطاء باتجاهين ،الاول باتجاه دول الخليج ولاسيما المملكة وقطر،لاستكشاف مدى تأثير خطوة استقالة اواقالة قرداحي،في حال حصولها،،على استئناف عودة العلاقات بين لبنان وهذه الدول، ام ان هذه الخطوة، ستبقى محدودة، ولن تؤثر في انهاء التازم الحاصل، وتبقى الامور على حالها. اما الاتجاه الثاني، فيكمن في فصل مسألة التحقيق مع الرؤساء والوزراء والنواب عن التحقيق مع سائر الملاحقين الاخرين، انطلاقا من النصوص الدستورية التي تحدد ماهية هذه الملاحقات.

وقالت المصادر ان حل هذه المشكله،سينطلق من اقتراح اعادة تفعيل مهمات المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب بنصوص جديدة، وتحويل كل الملاحقين التي تنطبق عليهم هذه المواصفات اليه، فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته، ويستمر بالتحقيق مع الملاحقين الاخرين،من مدنيين وعسكريين، برغم تشبث حزب الله بتنحيته، فيما تتولى النيابة العامة التمييزية النظر في دعاوى مخاصمة الدولة التي رفعها احد الرؤساء وعدد من النواب الملاحقين لدراستها والبت فيها سلبا، ام ايجابا.

وعلم ان بري اخذ على عاتقه مهمة اقناع الحزب بالسير في هذا الحل المطروح في حين،لم يتم الاتفاق على موعد محدد لانعقاد جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بانتظار نتائج المساعي والجهود التي ستبذل مع كل المعنيين بهذه الخلافات القائمة بالداخل والخارج معا. واستبعدت المصادر أن يعاود مجلس الوزراء اجتماعاته، قبل بلورة امرين اثنين، الاول، ترقب نتائج الزيارة التي سيقوم بها الرئيس عون إلى قطر لمعرفة ردود الفعل الخليجية على خطوة استقالة قرداحي ،والثاني انتظار اتجاهات جلسة معاودة المفاوضات حول الملف النووي الايراني في التاسع والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة النمساوية فيينا.

وتزاحمت التطورات في عطلة نهاية الاسبوع وعيد الاستقلال، الذي جرى تتويجه بلقاء بين رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة في القصر الجمهوري استمر زهاء ساعة، عرضوا خلاله الأوضاع العامة في البلاد من مختلف جوانبها والمستجدات الاخيرة لا سيما استئناف جلسات مجلس الوزراء، وذلك بعد عرض عسكري رمزي لمناسبة الاستقلال في وزارة الدفاع في اليرزة، وبعد زيارة لوفد من الكونغرس الاميركي الى لبنان.

لكن يبدو ان اللقاء – برغم اهميته بالشكل من حيث كسر القطيعة بين عون وبري- لم يسفر عن نتائج فورية بحيث ان موضوع تنحية المحقق العدلي في إنفجار المرفأ طارق بيطار لم يجد بعد الحل القضائي المناسب له،وذكرت مصادرومتابعة للقاء «ان الاجتماع السريع لن يحل الأمور سريعاً بل ربما يكون بداية تفعيل الاتصالات التي سيتولاها الرئيس ميقاتي مجدداً بعد عودته من زيارة روما والفاتيكان الخميس المقبل حيث يستقبله البابا فرانسيس. وتم التوافق على معالجة المسألة عبر المؤسسات».

لقاء الرؤساء

عقب العرض العسكريّ الرمزيّ الذي شهدته وزارة الدفاع الوطنيّ في اليرزة، توجّه كلّ من رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، بعد أن استقلّوا معًا سيارة الرئاسة الأولى.

وعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعًا في القصر الجمهوريّ، للبحث في الأوضاع الراهنة، وسبل حلّ للخروج من الأزمة.

بعد الاجتماع، وردًا على سؤال عمّا إذا كانت الأوضاع قد “تحلحلت”، قال الرئيس برّي وهو يغادر قصر بعبدا: إن شاء الله خير.

أما ميقاتي، فتحدث الى الصحافيين بعد الاجتماع، وقال: بداية، اود ان أتوجه الى اللبنانيين بكلمة، متمنيا ان تكونوا جميعا من اعلاميين ومواطنين بألف خير.

وأضاف: إن الاستقلال ذكرى مهمة في حد ذاتها، ولكن لنتذكر ما الذي أدى الى الاستقلال. إن الذي أدى اليه هو وفاق اللبنانيين وتوافقهم في الميثاق الوطني، الذي حصل بين رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح. وقد تنازلا عن كافة خصوصياتهما من اجل وحدة لبنان وإنقاذه في حينه.

وقال: إن الاستقلال ما كان ليحصل لو لم يكن اللبنانيون متحدين، ولو لم يكن اللبناني واخاه اللبناني لأي طائفة انتميا الى جانب بعضهما البعض في راشيا. ونحن إذا لم نكن يدا واحدة، لن نتمكن بتاتا من الحفاظ على الاستقلال».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram