بسام أبو شريف: عملية اغتيال عماد مغنية.. “السي أي ايه” شاركت فيها.. وبوش اقرها بشروط.. والتكاليف باهظة جدا.. ويوسي كوهين مسؤول الملف والرصد في سورية

بسام أبو شريف: عملية اغتيال عماد مغنية.. “السي أي ايه” شاركت فيها.. وبوش اقرها بشروط.. والتكاليف باهظة جدا.. ويوسي كوهين مسؤول الملف والرصد في سورية

Whats up

Telegram

بسام أبو شريف

السيد حسن نصراللّه، القائد الثوري لحركة المقاومة ضد الإرهاب الذي أسسته ودربته ومولته الولايات المتحدة ودول غربية أخرى وإسرائيل وأنظمة عميلة للولايات المتحدة وإسرائيل، كان وما زال على رأس لائحة المطلوبين لهذه الجهات العدوة حيا أو ميتًا. وتتركز جهود اللجنة المشتركة «الميدانية”.

لقيادة العمليات السرية، والمكونة من كبار ضباط الموساد وأمان الصهيونيين والسي آي إيه والأمن القومي الأميركي، تتركز على سبل ووسائل اغتياله «طبعا جرت عدة محاولات فاشلة»، ووضعت اللجنة المشتركة اسم المناضل القائد عماد مغنية مباشرة بعد اسم السيد حسن نصراللّه، واعتبر مئير داغان مسؤول الموساد أن التخلص من عماد مغنية سوف يضعف السيد حسن نصراللّه كثيرا، فقد كان السيد حسن نصراللّه يعتمد على عماد مغنية كرئيس أركان ورئيس جهاز الأمن في حزب اللّه والمسؤول عن إجراءاته الأمنية «حسب تقرير عملاء للموساد في لبنان.» شارك مئير داغان في غزو لبنان 1982، وقاد فرقة الدبابات التي حاصرت وهاجمت بيروت الغربية، وتمكن المقاومون من صدها بعد أن الحقوا بها خسائر فادحة في معركة «ميدان سباق الخيل»، قرب المتحف والمحكمة العسكرية، وبعد أن تمركز في صور في مقر القيادة العسكرية الإسرائيلية المحتلة بدأ يهتم باغتيال عماد مغنية.

المشكلة الأولى التي كان على مئير داغان «رئيس الموساد» وفريقه من رؤساء الأجهزة الأمنية الأخرى، هي معرفة شكل عماد مغنية ووجهه، فلم يكن حتى تلك اللحظة لدى الأجهزة الإسرائيلية الأمنية والعسكرية صورة لعماد مغنية أو حتى رسم تقديري لوجهه. واستمر البحث فترة طويلة عبثًا، فقد كان عماد مغنية قائدا متمرًسا ويعرف أن العدو وراءه ويحاول اغتياله، وكان يعرف أن الخطوة الأولى هي التعرف عليه ومحاولة اختراق إجراءاته الأمنية أو تنظيم أحد المحيطين به للعمل مع الموساد. وحسب قول مئير داغان جرى التعرف على جزء من وجه عماد مغنية من لقطة فيديو تظهر جزءا من وجهه، وهو يشرح للسيد نصراللّه تفاصيل معركة في الجنوب على شاشة كبيرة. كان ملتحيا ويلبس قبعة عسكرية، ولم يوزع الفيلم إلا داخليا على أعضاء حزب اللّه إلا أن الموساد تمكن من الحصول على نسخة من الفيديو الذي تمت دراسته عدة مرات للتعرف على عماد مغنية، وكان الاسم الذي تطلقه الموساد على مغنية هو «موريس ـ أيضا حسبما قال مثير داغان للصحفي رونين برغمان.» وأمر داغان شبكة الموساد في لبنان وعملائها بالبحث عن المصور الذي صور الفيديو وإغرائه بالعمل مع الموساد تحت غطاء تأسيس شركة لبيع الكمبيوتر وكاميرات الفيديو وإنتاج الأفلام، لكن هذا لم ينجح. وكان الهدف اختراق شبكة اتصالات عماد مغنية، فقد كان داغان «متأكدا من أن عماد مغنية هو صلة حزب اللّه مع الحرس الثوري الإيراني والمخابرات السورية»، ولذلك فإن عماد مغنية «موريس»، أصبح المطلوب الأول إلى جانب حسن نصراللّه. ليس هذا فحسب، بل أمر داغان إعطاء الأولوية للتخلص من عماد مغنية. وينقل رونين عن داغان قوله: «كان عماد مغنية مسؤولا عن الترتيبات الأمنية لحسن نصراللّه، وهو الذي قرر عدم ظهوره في مهرجانات علنية أو إجراء مقابلات حية، وهو الذي حدد دائرة حماية نصراللّه وكذلك حدد دائرة حماية نفسه، كان خبيرا خطيرا.»

الاختراق العميق

بقي أمر عماد مغنية شائكا وصعبا، وأصدر مئير داغان تعليماته للموساد بالتعاون مع أمان لتطوير وزيادة فاعلية الاختراق الإلكتروني، ولعب في هذا البحث ضابط كان يطلق عليه لقب «الموديل»، لانه كان يهتم بمظهره ولبسه وتصفيف شعره هو الضابط يوسي كوهين. كان كوهين الضابط الوحيد الذي تمكن من اختراق صفوف حزب اللّه والحرس الثوري، وكان يسمي ذلك «الاختراق العميق!!» إذ ساهم في تطوير نظام القرصنة بحيث تمكن من اختراق جزء من الشبكة الإيرانية المعقدة ـ وكان هذا الجزء يتضمن الاتصالات من وإلى عماد مغنية «رونين برغمان ـ انهض واقتل أو ًلا.» وفهم مئير داغان من هذا الاختراق أن اللقاءات بين مغنية، والحرس الثوري لم تعد تتم في بيروت بل انتقلت إلى دمشق، فانتقل اهتمام داغان للبحث عن عماد مغنية في دمشق التي كانت تشكل صعوبة أكبر أو ميدانًا أخطر للموساد بسبب القبضة الحازمة للمخابرات السورية التي كان يقودها اللواء سليمان، وكلف داغان يوسي كوهين في العام 2004، بالملف الإيراني لمتابعة العلماء الإيرانيين والحرس الثوري واغتيال علماء الذرة الإيرانيين.

ومنذ العام 2006، ركز مئير داغان جهود الموساد على دمشق اغتيال عماد مغنية، فقد كان يعتقد أن اغتيال مغنية سوف يشل حزب اللّه لان السيد نصراللّه ليس عسكريًّا بل رجل سياسي، وأن عماد مغنية يشكل وحده رئيس الأركان ووزير الدفاع والقائد الميداني، وهذا من الصعب ان يتوفر في شخص واحد إلا نادرا. وزاد من حقد الإسرائيليين عليه الهزائم التي ألحقت بالجيش الإسرائيلي في العام 2006، فقد توصل مئير داغان ومجموعة من ضباط المخابرات من مختلف الأجهزة بأن عماد مغنية كان وراء التكتيكات العسكرية التي أنهكت الجيش الإسرائيلي، فقد مزج العمل العسكري النظامي لامتصاص اندفاع الغزاة الأول بتكتيكات إنهاك هذه القوات بعدها عبر ضربات توجه لها وآلياتها من قبل مجموعات كوماندوس أحسنت الاختباء أثناء تقدم القوات الإسرائيلية. ويرى مئير داغان ـ حسب قوله ـ: «أن عماد مغنية هو الذي رسم تكتيكات المباغتة والانقضاض على آليات وجنود الجيش الإسرائيلي التي اجتاحت الجنوب في العام 2006، وأنه الذي تسبب في إلحاق خسائر كبيرة بالجيش الإسرائيلي وبسمعته وهيبته. لقد بوغت جنود جيش الدفاع والبعض منهم فقد اتصاله بالمركز، وبقيت الأوضاع ضبابية لفترة من الوقت واكتشفنا الانقضاض على آلياتنا وجنودنا، كانوا يظنون البيوت خالية فإذا بها تتحول إلى كمائن.»

انتقال مركز الثقل في عمل عماد مغنية من بيروت إلى دمشق لم يجعل مهمة الموساد الذي يلاحقه منذ سنوات مهمة أسهل، لا بل زادها صعوبة، فدمشق تحت قبضة المخابرات السورية، وهي مخابرات عريقة وقديرة وتستطيع أن تؤمن شبكة حماية حقيقية لعماد مغنية. رغم ذلك فإن عماد مغنية بعد التنسيق الكامل مع مدير المخابرات السورية سليمان أقام شبكة أمنه الخاصة، وهذا زاد من صعوبة مهمة الموساد. وحدد عماد مغنية دوائر أمنية محيطة به وتبدأ بمجموعة قليلة العدد تحيط به، ولا يسمح ألحد بالاقتراب من هذه الدائرة. كما أن مغنية كان يختار مرافقيه بنفسه، ولكن «حسب تقارير الموساد»، كان عماد مغنية يتبع قوانين أمنية خاصة به، فقد كان يسلك طرقًا مختلفة ويختار هو الطريق، وقد يغيره في اللحظة الأخيرة فكان من الصعب التقاط روتين معين في حركته، وكان أحيانًا يتخلص من مواكبيه وسياراتهم ويتحرك وحده دون حماية أو مرافقين، خطة تحركه كانت دائما في ذهنه ويصدر تعليماته بشأنها بعد أن تبدأ.

وعجز الموساد عن تحديد المكان في دمشق أو سكنه أو مواقع اجتماعاته بشكل ثابت يمكن من التخطيط لاغتياله، وعلى الرغم من مشاهدة عملاء الموساد في دمشق عماد مغنية أكثر من مرة إلا أن ذلك لم يمكن الموساد من رسم تصور محدد لطبيعة تحركه والمواقع التي يتحرك فيها وإليها، فقد رأته مجموعات الموساد ـ «حسب مئير داغان» ـ يتحدث على انفراد مع اللواء سليماني «الحرس الثوري»، بالقرب من مقر المخابرات السورية ولم يكن حولهما أية حراسة لكن ذلك كان صدمة، ولم يمكن الموساد من القيام بأي عمل. بعد أن عجز مئير داغان وجهازه «الموساد»، عن تتبع عماد مغنية في دمشق، قرر اللجوء إلى الولايات المتحدة. لقد جن جنون مئير داغان ـ الأوكراني الأصل ـ والضابط الذي شارك في معارك سيناء عام 1967، والذي قاد حملة شارون الانتخابية التي أوصلته لرئاسة الوزراء، وذلك بعد أن اشترك معه في غزو لبنان عام 1982، وقاد فرقة الدبابات التي هاجمت بيروت الغربية، فقد كان يعتبر نفسه خبيرا بلبنان، لكن عماد مغنية كان يشعره بالعجز، ولذلك لجأ للسي آي إيه في الولايات المتحدة التي كانت تحت قيادة هايدن والرئيس بوش، وسبق ذلك أن عمق داغان تعاون الموساد مع أمان التي كان يرأسها «فركشن» أو أهارون زئيفي، وذلك بهدف اصطياد عماد مغنية دون أن يكلل ذلك بالنجاح.

بتعاون أهارون زئيفي «أمان» ومئير داغان «موساد»، وبرئاسة شارون أصبحت كل أجهزة إسرائيل تركز على عماد مغنية، واستمر هذا التركيز بعد مجيء أولمرت لرئاسة الحكومة إثر «تسمم شارون»، وتمكن هذا التعاون من تطوير وسائل القرصنة الإلكترونية الاختراق شبكة الحرس الثوري ولقرصنة بريد مغنية الإلكتروني وهاتفه الذي يتلقى عليه مكالمات الحرس الثوري، وأطلقت المخابرات الإسرائيلية على هذا التطوير اسم «سيجنت ـ .»Signit وبدأت تحركات مئير داغان اغتيال عماد مغنية تأخذ مجرى أكثر خطورة منذ أن لجأ إلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية بعد أن عجز هو والموساد وأمان من تحديد موقع أو وقت اغتيال عماد مغنية.

كان مئير داغان قد رسخ عالقة وثيقة بينه وبين مدير السي آي إيه هايدن من خلال تفاني مئير في خدمة إسرائيل بتزويد السي آي إيه بمعلومات لم تكن متوفرة لديها، وكان هايدن يأمر دائما بالتحقق من معلومات داغان قبل اعتمادها إلى أن يثبت لديه أن كل ما زوده به داغان كان صحيحا، فوثق به وتعمقت علاقتهما على صعيد شخصي إضافة للعالقات المصلحية بين واشنطن وتل أبيب. ولكننا نثبت هنا أنه رغم هذه الثقة والتحالف بين البلدين كان العمل المشترك بينهما يخضع لموافقة الرئيس الأميركي بنفسه، ولم يكن متروكًا لمدير السي آي إيه، فتبادل المعلومات والخبرات كان ممكنا لانه يخضع الاتفاق عام بينهما، إنما «العمل المشترك» كان يخضع لقرار رئيس الولايات المتحدة الأميركية. لذلك، فإن طلب مئير داغان من هايدن التعاون اغتيال عماد مغنية كان خاضعا لموافقة الرئيس بوش بنفسه.

كان مئير داغان قد أرسى علاقات ثقة مع مستشار الأمن القومي لدى بوش ستيفن هادلي Hadley Stephen، ومدير السي آي إيه آنذاك Hayden Michael مايكل هايدن. تم اللقاء في نيسان 2007، وتلاه اجتماع آخر في حزيران 2007 وذلك في مقر قيادة السي آي إيه في لانغلي ـ واشنطن .Langley ربط مئير داغان طلبه لمساعدة السي آي إيه في اغتيال عماد مغنية بالتعاون الذي تم بين الموساد «إسرائيل»، والسي آي إيه «واشنطن»، لضرب المفاعل النووي السوري، وذلك لحث الولايات المتحدة على الموافقة على التعاون باغتيال عماد مغنية»، وكان مئير داغان قد أعد حججا لدفع واشنطن للموافقة، أهمها أن عماد مغنية مسؤول عن قتل عدد كبير من الجنود الأميركيين في العراق ولبنان (في العراق حسب مئير داغان بمساعدته وتدريبه أعضاء حزب اللّه العراق لضرب القوات الأميركية هناك.) حمل هادلي وهايدن ملفات عماد مغنية وتوجها للبيت الأبيض. تردد بوش في بداية الأمر، فقد كانت واشنطن ما زالت تحتفظ بعالقات مع دمشق ولا تريد أن تعطل مجرى هاما تستفيد منه سياسيا وميدانيا، لكن إلحاح هايدن جعله يوافق ضمن شروط يلتزم بها رئيس وزراء إسرائيل، وهي أن لا يصاب أحد سوى عماد مغنية وأن لا يصاب أي أميركي ميدانيا. وافق أولمرت ووقع تعهدا بذلك وهكذا أصبحت مهمة اغتيال مغنية هدفًا إسرائيليا ينفذه السي آي إيه بالتعاون مع الموساد.

اغتيال باهظ الكلفة

وحسب ما قاله مئير داغان: «كانت تلك العملية أكثر عملية اغتيال كلفة في التاريخ، فقد ضحت الولايات المتحدة وإسرائيل بمبالغ طائلة لإتمام الرصد ومعرفة نظام حركة مغنية وتحديد المكان الأفضل لاصطياده، والوسيلة األفضل لاغتياله ضمن شروط الرئيس بوش التي تعهد أولمرت بالالتزام بها.»

كان عليهم أن يحددوا مكانًا ال يوجد فيه أحد حتى مرافقيه، وأن يقتلوه دون إصابة أحد خاصة الأميركيين المشاركين، واستنزف ذلك وقتًا كبيرا وجهدا كبيرا برصد الأقمار الصناعية والرقابة الأرضية وقرصنة Sigint، على الشبكة الإلكترونية الإيرانية ـ والحرس الثوري تحديدا، وأعطي عماد مغنية اسم موريس Maurice، وبعد أشهر طويلة من الرصد بكل هذه الوسائل تبين لهم أن اجتماعات «موريس» لا تتم إلا في مقرات رسمية أو سرية للمخابرات السورية ـ أي تحت الحماية المشددة ـ وأن عماد مغنية يلتزم بذلك، وعندما يريد الانفكاك لا يتحرك إلا وحده، وعبر طرق مختلفة نحو ثلاثة أماكن في دمشق لزيارات اجتماعية. وعجزت الرقابة الأرضية عن متابعة سيارته التي كان يقودها بنفسه نحو هذه العناوين، لكنها رصدته عائدا من موقع من هذه المواقع، وتوجه إلى مقر مدير المخابرات السورية لحضور اجتماع ما؟! كانت السي آي إيه قد اخترقت شبكة الاتصالات الإلكترونية بشكل أعمق مما فعله الموساد، وأتاح لها هذا الاختراق التعرف على طريقة دعوة عماد الاجتماع مع قائد الحرس الثوري الإيراني، ومن المهم هنا أن نعرف أن السي آي إيه أيقنت عبر مراقبة لحوحة أن مثل هذه الدعوة ترسل من طرف الحرس الثوري وال يذكر سوى التوقيت. ومثل هذه الدعوات ولا تنتظر ردا من مغنية، ويبدو أن هذا كان جزءا من الاحتياطات الأمنية. بينما كان عماد مغنية في موقع فيها الأسلوب زيارة اجتماعية، وصلته رسالة حول لقاء عاجل، فأسرع للتوجه إلى المكان المعهود لمثل هذه اللقاءات: مقر قيادة المخابرات السورية.

وكانت السي آي إيه والموساد يتوقعان تلبية عماد للدعوة، فقد ظن أن اللواء سليماني يريد رؤيته على عجل في المكان المعهود للقائهما، إذ قام خبراء السي آي إيه باستخدام صيغة للدعوة كان الحرس الثوري قد استخدمها سابقا في ترتيب مثل هذه اللقاءات، كذلك كان من المعروف لدى وكالة المخابرات المركزية الأميركية وعملاء الموساد الموجودين في دمشق أن اللقاء بين الإثنين يتم عادة في مقر اللواء سليمان مدير المخابرات السورية. ووصل عماد إلى مكان الاجتماع المفترض دون مرافقيه، كان لدى القتلة مهلة زمنية قصيرة لتنفيذ خطتهم، فقد كان معلو ًما أن عماد مغنية سيعود إلى سيارته مسرعا بعد أن يكتشف أن الدعوة وصلت خطأ، وأن المهلة هي تلك الفاصلة بين دخوله المقر والخروج منه. خلال تلك الفترة قامت مجموعة القتل بزرع عبوات ناسفة تنفجر عن بعد حال اقتراب مغنية من باب السيارة. واستشهد عماد مغنية البطل الذي قاد حزب اللّه في معركة ألحقت الهزيمة بجيش إسرائيل. كان اغتيال مغنية جريمة أمر بتنفيذها رئيس الولايات المتحدة جورج بوش، ومدير مخابراته مايكل هايدن، ومستشاره للامن القومي ستيفن هادلي سوية مع إيهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل، ومئير داغان مدير الموساد وفركش ـ رفائيل إيتان قائد أمان AMAN، ولعب يوسي كوهين دو ًرا هاما في القرصنة والاختراق العميق لشبكات الحرس الثوري وحزب اللّه ليتمكنا من معرفة بعض المعلومات التي ساهمت في الاغتيال.

لعب مئير داغان ورفائيل إيتان ورئيس فرقة القتل «قيسارية»، الملقب بهوليداي دورا مجسدا للتجذر الإرهابي في الصهيونية فكرة وحركة ودولة ـ وذلك من خلال تحويل كل أجهزة هذه الدولة ـ العسكرية النظامية «بحرية وجوية وآلية وإلكترونية»، والأمنية «مخابرات واستخبارات عسكرية» إلى أدوات قتل، ووضعوا كل ذلك عبر رؤساء وزارات يعانون من نفس الأمراض تحت تصرف «قتلة محترفين وعنصريين حاقدين.»

جريمة دولية

لا شك أن بصمات مئير داغان على تجذير الإرهاب في الدولة الصهيونية كان لها التأثير الكبير، فقد قضى مئير داغان عبر صلاحياته الواسعة التي انتزعها من رؤساء وزارات متتابعين على هامش (كان دائما هامشا ضيقا)، مراعاة القوانين الدولية ومواقف الحلفاء من العمليات الإرهابية الدموية التي ترتكبها دولة الصهيونية العنصرية. ما كان مئير داغان يضع في حساباته سوى موقف دولة واحدة هي الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لما للولايات المتحدة من تأثير على حياة وأمن ومستقبل إسرائيل، فقد كانت وما زالت المصدر الرئيسي لتمويل التوسع الاستيطاني، وتسليح إسرائيل مجانًا إذ تفتح لها مخازن الذخائر دون حساب، وتدعمها في المجالات السياسية الدولية وفي خرقها للقوانين الدولية.

واعتمد مئير داغان لتسجيل «انتصاراته»، داخل القيادة الإسرائيلية على دعم مباشر من الولايات المتحدة وصل إلى حد قيام الأخيرة وأجهزتها بالعمل الإرهابي الذي خطط له مئير داغان وذلك لتجنيب إسرائيل ردود فعل غير محسوبة. وعندما قرر أن يقوم بعملية اغتيال محمود المبحوح في دبي، وشرع فريقه بالتخطيط لها وتنفيذها، سقط واضطر للخروج من منصبه، فقد ارتكب خطأً استراتيجيا وإن كان قد حقق مكسبا تكتيكيا على صعيد تنافس الأجهزة في إسرائيل وصراع السياسيين.

كانت عمليات مئير داغان الإرهابية الكبيرة مستحيلة التنفيذ لو اقتصرت عليه هو وعلى أجهزة إسرائيل الأمنية وسالح جيشها، وتحدثنا عن اغتيال عماد مغنية وهي من أكبر العمليات التي أراد داغان تنفيذها، ولكنه عجز فلجأ إلى الولايات المتحدة التي رفضت أجهزتها تنفيذها إلا عندما اتخذ جورج بوش قرارا بذلك مقابل تعهد رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت بالالتزام بشروط الرئيس بوش، والشيء نفسه ينطبق على اغتيال الرئيس ياسر عرفات، وضرب المفاعل النووي السوري، وسنسجل هذه الأحداث لاستخراج الدروس ولمزيد من فهم العقلية الإرهابية التي أدمنت على ارتكاب الجرائم وما زالت تتعمق في هذا الإدمان. وما يدور الآن من عمليات قتل يومية للأطفال والنساء والرجال العزل في الضفة الغربية وقطاع غزة، هو تعبير عن استفحال هذا الإدمان، وولد هذا الإدمان ويولد لدى العنصريين رغبة وتحركًا للقتل بشكل متساهل، ولهذا يرفعون هذه الأيام شعارات تنادي بقتل كل العرب وتجد فتية من المستعمرين يقتلون امرأة كانت تقود سيارتها قرب حوارة في نابلس، وتكافئ الدولة الإرهابية هؤلاء القتلة بحمايتهم وتشجيعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram