أنظمة ذكية تقول للعمل الإبداعي كن، فيكون

أنظمة ذكية تقول للعمل الإبداعي كن، فيكون

Whats up

Telegram

يوما إثر يوم تزحف التكنولوجيا الذكية لتحتل مكانها في تفاصيل حياتنا، وتأخذ مكانا لها في ورشات العمل والمكاتب والمصانع، وتنتشر على الطرقات السريعة، وتحلق في الأجواء المفتوحة والبحار.

والأمر لا يختلف كثيرا في مجال اعتقدنا حتى هذه اللحظة أنه عصي على الذكاء الاصطناعي. مجال تحرسه وتطوقه المشاعر والأحاسيس الإنسانية، لا يمكن لأدوات وآلات باردة أن تخترقه. ولطالما عبر الكتاب والفنانون عن سخريتهم في كل مرة تطرق فيها الحديث عن سيطرة الروبوتات والذكاء الاصطناعي على مهنتهم.

ليس بالأمر الجديد التطرق إلى المخاوف التي تثيرها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وإمكانية استيلائها على الساحة الإبداعية. تم الحديث عن ذلك في أوقات وفي مناسبات مختلفة.

سبق أن تابعنا أخبار مزادات لبيع أعمال فنية أنجزتها روبوتات؛ ورغم النجاح والإقبال الذي حققته، والأرقام العالمية التي دفعها جامعو أعمال فنية لاقتنائها، ورغم الإطراء من قبل نقاد تنبؤوا بمستقبل زاهر لها، إلا أن الرأي السائد بين المبدعين لا يخلو من التشكيك والسخرية، وإن كانت سخرية مشوبة ببعض المخاوف.

مؤخرا، حقق الباحثون قفزة جديدة بابتكارهم نظاما قادرا على إنتاج صورة كاملة من جملة بسيطة باللغة الإنجليزية، أطلقوا عليه اسم دالي – 2، في إشارة ذات مغزى للفنان الإسباني سلفادور دالي رائد السريالية.

سخرية مشوبة بالمخاوف

الإصدار الجديد قادر على إنشاء صور من نص بسيط، وإضافة كائنات إلى الصور الموجودة، أو حتى توفير زوايا نظر مختلفة لصورة موجودة.

ومنعا لإساءة الاستخدام، فرض المطورون قيودا على نطاق الذكاء الاصطناعي لضمان عدم قدرته على إنتاج صور تحرض على الكراهية أو العنصرية أو العنف، أو استخدام الأداة لنشر معلومات مضللة.

وتضمنت بعض الأعمال الفنية المبكرة التي أنشأتها منظمة العفو الدولية عارضة أزياء في قميص من الفانيلا، ورسما لفجل يمشي مع كلب، ورمزا تعبيريا لبطريق صغير.

تسمح إحدى الميزات بالرسم داخل الصورة، حيث يمكن اختيار صورة موجودة وإضافة عناصر أخرى لها، مثل إضافة فلامنغو إلى حمام السباحة. والنظام قادر على ملء التفاصيل تلقائيا، مثل الظلال، عند إضافة كائن حي، أو حتى تعديل الخلفية لتتناسب مع تغيير مكان عنصر في الصورة أو إزالته.

بعد النجاح البصري والسمعي، دخلت الكلمة على الخط، وقدم لنا الباحثون روبوتا ينظم الشعر، بعد أن تمت تغذيته بكميات كبيرة من أبيات الشعر، جمعت من مصادر مختلفة، وصنفت تحت أبواب مختلفة، حسب نوعية المشاعر التي تعبر عنها.

وأثبتت النتائج أن النصوص التي يتم إنتاجها إلكترونيا يمكنها أن تثير الانفعالات نفسها في نفوس القراء، على غرار النصوص الأدبية التي يكتبها مؤلفون بشر.

أيلون ماسك، الذي يتابع العالم أخباره للتعرف على الاتجاهات الحديثة للتكنولوجيا الذكية، دعم منذ البداية الشركة المطورة لأداة “جي.بي.تي - 2” للكتابة. وهي الأداة التي استخدمت لاحقا في تأليف نص مسرحي.

ولكن، هل يكفي أن يكون مولد النصوص قادرا على توليد نص، قريب بشكل كبير إلى النص البشري، يقنع فيه الناس بأن من كتبه في الواقع هو إنسان حقيقي؟

الإجابة عن هذا السؤال تحتاج منا أولا معرفة الآلية التي تعمل وفقها أداة الكتابة بالذكاء الاصطناعي. وهي مجرد آلية بسيطة، تستخدم فيها أدوات الكتابة لتوليد لغة طبيعية وإنتاج كلمات مكتوبة. ويكون الذكاء الاصطناعي فعالا عندما تتاح للنظام كمية كبيرة من البيانات يحولها إلى لغة مكتوبة يمكن فهمها.

لا داعي إلى القلق


 لم يتوقف المطورون عند جيل اللغة الطبيعية؛ بذلت المزيد من الجهود بعد الاكتشاف الذي تم عام 2016. لقد أعادوا تسمية العلامة التجارية وطوروا ذكاء اصطناعيا لا يحتاج إلى تصنيف البيانات ويسمح بتوفير الوقت والمال. في مايو 2020 تم إنشاء نموذج آخر أطلق عليه اختصارا “جي.بي.تي – 3” يعتبر أكبر شبكة عصبية من نوعها على مستوى العالم. مزود بأكثر من 175 مليون معلومة، يقوم بتنفيذ مهام متنوعة، مثل الإجابة على الأسئلة وملء الفراغات ونشر المقالات وكتابة الأغاني والنكات وحتى طرح أسئلة فلسفية!

وقامت بعض الشركات بنسخ نظام اللغة الخاص “جي.بي.تي – 3” المفتوح المصدر وأجرت عليه تحسينات إضافية، من بين هذه الشركات غوغل، التي أطلقت برنامج دردشة جديدا يسمى LAMDA مصمما لإجراء محادثات عاطفية وفكرية. ودخلت بكين على الخط وقامت بإنشاء أول ذكاء اصطناعي حي في يونيو 2020.

وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي أظهر براعة وخبرة كبيرة في الكتابة، لا تزال هناك فجوات كبيرة سيستغرق الأمر سنوات من البحث لسدها. وإلى أن يأتي ذلك الوقت، لا داعي إلى القلق من أنظمة الذكاء الاصطناعي. فالكتاب البشر أكثر قدرة على فهم الجوهر وإدراك القارئ، من الأنظمة الذكية لعدة أسباب أهمها:

التفرد: يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى التفرد الذي يضفيه الكتاب البشر على مقالاتهم. إنه عامل معقد يميز المحترف عن الهاوي. قد تكون أنظمة الذكاء الاصطناعي مثالية لجمع البيانات وتحليل الكلمات المعقدة ولكنها تمتلك تحليلات إبداعية ضعيفة. وتعبر عن نفسها بشكل سيء بسبب نقص الإدراك والعاطفة. يمكن للبشر فقط معالجة مثل هذه التعقيدات.


التحرير: تنتج أنظمة الذكاء الاصطناعي كل ما تصادفه. هذه العملية أشبه باستخراج القمامة من القمامة. لا يزال عبء العمل يقع على عاتق الإنسان لإعادة قراءة المقالات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي وتعديلها بعناية.


المشاركة: نعم، قد يكون من الصعب تمييز مقال مكتوب من قبل الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، تكافح هذه الأنظمة لتكوين محتوى متماسك جذاب. المشاركة هي حجر الأساس لكل محتوى جيد. والبشر أكثر مهارة في التقاط جوهر كل مقال. وقد يستغرق الأمر سنوات من البحث للذكاء الاصطناعي لإظهار مثل هذه الميزات.
الغموض: إن كان هناك شيء واحد يفتقر إليه الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في عرض المعلومات، فهو نقص التقييمات المباشرة والمتعددة. أيضا، لا يمكن لهذه الأنظمة أن تفرق بين التعقيدات اللغوية، مثل عدم استخدام الكلمات المسيئة.


في الوقت الحالي، ليس لدى المبدعين البشر ما يدعوهم للقلق. يمكن للذكاء الاصطناعي والبشر أن يتعايشا بشكل تكافلي، دون أن يسيطر أحدهما على الآخر.

 

وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن الحلول الذكية اقتصادية وأكثر موثوقية من الكتاب البشر، تبقى كلفة بدء تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي حاجزا دون انتشارها بين الأفراد والشركات الصغيرة، لتبقى مقتصرة على شركات التكنولوجيا الكبرى.

أدوات الذكاء الاصطناعي تساهم بشكل كبير في تسريع عملية الكتابة وتبسيط عبء العمل. نحن اليوم نستخدم بالفعل أنظمة ذكاء اصطناعي منخفضة الموارد مثل أنظمة تدقيق القواعد اللغوية واكتشاف الانتحال. ومع ذلك، فإن المحررين والمراجعين من البشر عناصر لا غنى عن خدماتهم، على الأقل في المستقبل المنظور.

هذا كله لا يلغي المخاوف من أن يصحو المبدعون يوما ليجدوا أن الآلة احتلت مكانهم. و”سواء أحببنا ذلك أو كرهناه، الذكاء الاصطناعي موجود ليبقى، لا يمكننا محاربته”، ومع ذلك يقول سام التمان الرئيس التنفيذي لشركة Open Ais، في تغريدة له، يمكننا إنشاء وسيلة لدمج الذكاء الاصطناعي في الحظيرة المادية دون فقدان أي وظيفة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram