العلاقات مع “إسرائيل” التي يُفضل السعوديون إبقاءها سرية

العلاقات مع “إسرائيل” التي يُفضل السعوديون إبقاءها سرية

Whats up

Telegram

 

يسافر كبار “الإسرائيليين” ورجال الأعمال والمستشارين إلى المملكة العربية السعودية بانتظام، وهذه علاقات عميقة وتستمر في التوسع، وهناك تبادل للمعلومات وكذلك صناعات ومنتجات وأنظمة يشتريها السعوديون من “إسرائيل”.

 

الخط الواصل بين “تل أبيب” والرياض نشط للغاية هذه الأيام حتى ولو كان سراً. 

 

يتم استقبال “الإسرائيليين” بحرارة هناك، فهم موضع ترحيب كبير في الرياض، والسعوديون متعطشون لـ “القدرات الإسرائيلية” في مجالات الأمن والإنترنت والزراعة والطب، “فالتكنولوجيا الإسرائيلية” تفتح العديد من الأبواب ولها تأثير كبير.

 

إن العلاقات بين البلدين معقدة، لكنها ذات أهمية كبيرة في المفهوم أو التصور “الأمني الإسرائيلي”، فالمملكة العربية السعودية تفضل الحفاظ على العلاقات مع “إسرائيل” هادئة وسرية، فهي تعتبرها مهمة وذخراً، لكنها لا ترغب في تناولها في وسائل الإعلام، لكن نتنياهو يتحدث علناً عن رؤيته للموضوع وأن العلاقات تجري بشكل وثيق من خلف لكواليس.

 

تتم إدارة هذه العلاقات من خلال مسؤولين في وزارة الدفاع السعودية بالتنسيق مع “الموساد” والهيئات الأخرى، وهناك تعاون في المحور الاستخباري والعسكري، فالجسر الأمني هو حلقة الوصل بين الدول، ولكن ليس هو فقط: فـ “الشركات الإسرائيلية” الخاصة التي تعمل في المجالات المدنية المختلفة تعمل أيضاً في المملكة العربية السعودية، وهذا يمكن أن يؤدي مستقبلاً إلى زيادة مستوى العلاقات.

 

تمتلك المملكة العربية السعودية حالياً مكانة مُختلفة، ليس فقط من وجهة نظر “إسرائيلية” ولكن أيضاً على الصعيد العالمي

 

تجعل موارد النفط والقدرة الإنتاجية الكبيرة -وسط أزمة الطاقة العالمية- من المملكة العربية السعودية دولة مهمة جداً، فالجميع يحجون إلى الرياض، والمملكة العربية السعودية التي لطالما طالبت بالالتزام الأمريكي بأمنها أدركت قيمتها المتجددة، لذلك تطالب واشنطن بمطالب جديدة، إنها تريد المزيد من الأسلحة، حتى أنها تطلب بطائرات F-35 وتطلب بمفاعل نووي مدني لتوليد الطاقة.

 

 

 

عندما تصبح المنطقة بؤرة الصراع بين القوى..

أصبح توقيت الطلبات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى: فأزمة الطاقة والمساعدات العسكرية الإيرانية لروسيا في أوكرانيا، ومحاولة الصين استغلال التوترات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لتقويض الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، كل هذه الأمور حولت مرة واحدة المنطقة إلى ساحة صراع بين القوى.

 

سعت الولايات المتحدة مؤخراً لتقليل مشاركتها في الشرق الأوسط من أجل تكريس الاهتمام والموارد للتغييرات الدراماتيكية في آسيا وأوكرانيا، والآن أصبح الشرق الأوسط مرة أخرى في مركز اهتماماتها، لدرجة أن بايدن اضطر إلى تنحية المبادئ والقيم والإهانات جانباً للعمل مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

ترى الصين في الرياض سوقاً كبيراً، لذلك وقعت اتفاقيات تعاون واسعة النطاق

 

وقعت -الصين المتحالفة مع روسيا، والسعودية العدو اللدود لإيران- اتفاقيات كثيرة، في وقت حذر فيه البنتاغون من زيادة العلاقات العسكرية بين موسكو وطهران، وتسمح مذكرة التفاهم بين الرياض وبكين لشركة الاتصالات الصينية العملاقة “هواوي” بتزويد الحكومة السعودية بقدرات الحوسبة السحابية وخدمات تكنولوجيا المعلومات الأخرى.

 

الولايات المتحدة تحذر منذ وقت طويل من أن منتجات “هواوي” قد تسمح للحكومة الصينية بسرقة المعلومات من مستخدميها، وبهذه الطريقة يمكن للنظام مراقبة المعارضة داخل البلاد، وترى الصين المملكة العربية السعودية كمصدر محتمل للتمويل والوقود، ولكن الولايات المتحدة تقول: نتسامح مع مثل هذه التحركات وهذا لن يساعد في حصول السعودية على الطائرات الأمريكية F35 التي تريدها.

 

العقبة الكبيرة لا تزال هُنا..

كيف ستسخّر “إسرائيل” هذه التطورات لصالحها، وهل تستطيع ذلك في ظل الحكومة الجديدة التي تشكلت في تل أبيب؟

 

اعترف السعوديون بالفعل بوجود “دولة إسرائيل”، لكن العقبة الأكبر التي لا تزال قائمة هي العلاقات بين “إسرائيل” والفلسطينيين، بينما في معظم الدول العربية أصبحت هذه القضية غير ذات صلة، لكن المملكة العربية السعودية بنظر للأمور بشكل مختلفة.

 

في “إسرائيل” يحذرون كثيراً من التحدث عن عمق العلاقة مع السعوديين

 

فالفهم في تل أبيب -كلما تحدثوا أكثر زاد الضرر بفرصة تحقيق اتفاق سلام كامل-، بينما يعتقد المطلعون على العلاقة والمفاوضات التي تطورت بين “الدولتين” أن ذلك ممكن، لكن هناك عدة عقبات، فلا يزال الملك يؤمن بحل الدولتين في “المخطط السعودي” ويدفع باتجاهه، أو بشكل أكثر دقة يمنع التقدم في قنوات أخرى، بينما “بن سلمان” يعتقد خلاف ذلك، لكنه لن يتخذ خطوة التحدي حتى رحيل والده.

 

المسجد الأقصى

الإسلام له ثلاثة أماكن مقدسة: مكة والمدينة والمسجد الأقصى، وكلما أكدت “إسرائيل” سيادتها على المسجد الأقصى كلما ابتعدت السعودية عن المضي قدماً في المفاوضات من أجل اتفاقية تطبيع، ومن الأهمية احترام الاتفاقيات المبرمة مع السعودية للحفاظ على الوضع الراهن، على عكس الدول الأخرى في المنطقة مثل الأردن ومصر، يمكن أن يتأثر الرأي العام السعودي، عندما يتوفى الملك، وسيتمكن محمد بن سلمان من تطبيع الرأي العام والشعب السعودي دون صعوبة، وهذا ما يعتقده “المسؤولين الإسرائيليين”.

 

النقطة الأهم هي الأقصى والحفاظ على الوضع الراهن

 

خلال اتفاقات السلام مع الأردن تم الاتفاق حول مسؤولية الوقف في المسجد الأقصى، أولئك المطلعون جيداً على علاقات “إسرائيل” مع المملكة العربية السعودية ومع الجيران الآخرين في المنطقة يصفون اقتحام “بن غفير” للمسجد الأقصى بأنه ضار، لقد كان ذلك بمثابة إصبع في العين، والدليل على ذلك أن الإمارات ألغت زيارة نتنياهو المخطط لها إلى أبو ظبي بعد اقتحام “بن غفير” للمسجد الأقصى، وهذه ليست سوى البداية.

 

 

 

الحلول التي يبحث عنها النظام السعودي في “إسرائيل”

من الأمور المهمة في زيارة نتنياهو لملك الأردن الأسبوع الماضي الوعد بالحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى، فنتنياهو وعد بذلك لأنه يدرك أن القضية هي بوابة للتقدم في العلاقات مع السعودية، وفي قضية الأقصى هناك إجماع عربي بحساسيته لدى كل الجماهير والأطر، وهذا هو أكبر موحد وأكثرها تفجراً اليوم، ومن أجل التوصل إلى تفاهم مع السعوديين، فإن “إسرائيل” مطالبة بإجراء اتصالات سرية وهادئة والتصرف بحساسية عالية بشأن قضية المسجد الأقصى – لكن هل هذا الأمر ممكن هذه الأيام؟

 

في ظل الحكومة الحالية، سيكون من الصعب إحداث انفراجة أو اختراق في العلاقات مع المملكة العربية السعودية – وهذا ما يؤمن به أولئك الذين يعرفون كلا الجانبين عن كثب، كما أن هذا يعتمد على المناخ الإقليمي وفي النهاية بالطبع على الإرادة والرغبة السعودية، فالعلاقة بين الزعيمين نتنياهو وبن سلمان – لها أهمية كبيرة.

 

هناك عامل مؤثر آخر على العلاقة مع “إسرائيل” وهو العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فقد وقعت الإدارة الأمريكية بالفعل خلال عهدي أوباما وترامب سلسلة من صفقات الأسلحة بقيمة 700 مليار دولار بين البلدين، يُنظر إلى الاتفاقات على أنها محاولة للحد من نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط، وقاد بايدن سياسة متناقضة تجاه السعوديين بسبب انتهاك حقوق الإنسان وقتل الصحفي جمال خاشقجي، وبالتالي هناك علاقات لكنها فاترة، فالسعوديون خائفون للغاية من إيران وليس لديهم رد جيد على هجمات الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز الحوثية لذلك تبحث السعودية أيضاً عن حلول لدى “إسرائيل”.

 

هكذا يتم نسج العلاقات..

قدم رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القسم الأمني – السياسي في وزارة الجيش “شمعون” لمحة عن العلاقات الأمنية مع العالم العربي، وقال لبرنامج “مود كاست” في وزارة الجيش: “في العلاقات بين الدول هناك مجموعة من الحساسيات التي عادة ما تتأثر بالساحة الداخلية لكل دولة، ونحن بحاجة إلى أن نكون حساسين لهذا الأمر، ونعلم أنه على الرغم من المصلحة الضرورية التي يراها كلا الطرفين في التعاون، هناك دولاً لا تزال تفضل عدم الإعلان عن العلاقة، وفي أوقات الأزمات والتوترات السياسية أحياناً يكون الجسر الوحيد الذي لا يزال يعمل بلا توقف بين الدول هو العلاقة الأمنية، وفي بعض الأحيان يكون الفهم أن هذه هي العلاقة التي ستؤدي في النهاية إلى حل الأزمة السياسية”.

 

وهذا هو المكان الذي تدخل فيه “إسرائيل” الصورة بكامل قوتها – ليس فقط الحلول الإلكترونية من خلال برنامج التجسس “بيغاسوس” من شركة NSO التي فتحت الباب في الرياض، فالآن أيضاً أنظمة كشف واعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار وصواريخ كروز مثل نظام القبة الحديدية، والتي وفقاً للتقارير يطلبها السعوديون، تعتبر ورقة قوية لـ “إسرائيل”، ولم يتقرر بعد ما إذا كانت ستستخدمها، وهل ستتم الموافقة على بيعها أصلاً، وماذا ستطلب في المقابل؟

 

خلف الكواليس، تُبذل بالفعل جهود لترتيب زيارة نتنياهو إلى المملكة العربية السعودية ولقاء دافئ مع محمد بن سلمان، لكن نتنياهو يعلم أنه لا يمكن أن يذهب خالي الوفاض، عند هبوطه هناك سيُطلب منه أيضاً التعهد بتهدئة العمليات في المسجد الأقصى، وربما أيضاً حزمة أسلحة جديدة للمضيفين. 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram