افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 8 نيسان 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 8 نيسان 2021

Whats up

Telegram

افتتاحية صحيفة البناء:

 

شكري لجولة رئاسيّة ولبكركي وجنبلاط وهاتف لجعجع… مستثنياً دياب وحزب الله وباسيل عون يضع التدقيق الجنائيّ سقفاً للحكومة… ويدعو حكومة دياب لاجتماع استثنائيّ إلغاء باريس لمسعى المصالحة وتهديد بالعقوبات… و"القومي": نعم للأسد والسوق المشرقيّة

 

خلال أربع وعشرين ساعة مضت، انقلب المشهد الداخليّ والبيئة الدوليّة والإقليميّة المحيطة به، من التفاؤل الى التشاؤم، فقد تزامنت مجموعة من التطورات التي دفعت بالمصادر المتابعة للشأن الحكومي إلى الاستنتاج أن هناك تغييراً جذرياً في المواقف يجعل التعقيدات التي تعترض تشكيل الحكومة الجديدة تتغلب على مساعي التسهيل، وكان أول التطورات هو ما تبلغته الجهات اللبنانية الرئاسية والسياسية من باريس عن صرف النظر عن المسعى الفرنسي لعقد لقاء مصالحة يضمّ الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وتبع ذلك كلام فرنسيّ على لسان وزير الخارجية جان إيف لودريان عن التلويح بفرض عقوبات على مَن وصفهم بالمعرقلين الذين يضعون مصالحهم الضيقة أمام مصلحة بلدهم. وقالت المعلومات الفرنسيّة إن المقصود بالتلويح بالعقوبات هو فريق رئيس الجمهورية، أما ثالث التطوّرات فكان الرمزيّة التي حملتها زيارة وزير الخارجيّة المصريّة سامح شكري بمن قصدهم الوزير المصريّ بزيارات مقارهم ومَن استثناهم، فإذا كانت زيارة كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب من باب تحصيل الحاصل، وتقع خارج الحساب السياسيّ، إلا أن اختيار زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري واستثناء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من جهة، واختيار زيارة النائب السابق وليد جنبلاط والاتصال الهاتفي برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لتعذّر زيارته بسبب إصابته بكورونا، وزيارة بكركي للقاء البطريرك بشارة الراعي، مقابل استثناء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وحزب الله، وضع الزيارة في دائرة إحياء الانقسام السياسي اللبناني على ضفاف النزاع الإقليمي والدولي، وانسحاب العامل الخارجي من دور المساعي الوسطية الى العمل على تعزيز الاستقطاب حول المحاور، بينما قالت المصادر إنه كان بمستطاع الوزير المصري تظهير مساعي التوفيق بين الأطراف لو كان هذا المطلوب من خلال طاولة تعفيه من كل الزيارات تشبه الطاولة التي عقدها الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر وضمّت الجميع.
ليلاً، جاءت رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحت عنوان التدقيق الجنائي، لتنعى عملياً مساعي تشكيل الحكومة، بوضع التدقيق الجنائي سقفاً للحكومة الجديدة، وتغمز من قناة القيادات السياسية التي تعاقبت على الحكومات السابقة، وعلى الذين يقدّمون الغطاء لمصرف لبنان، وفهم تتويج الرئيس عون لرسالته بدعوة حكومة تصريف الأعمال لاجتماع استثنائي تأكيداً قاطعاً بتراجع مساعي تشكيل الحكومة، وعلم على هذا الصعيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سيتريّث باتخاذ موقف من دعوة رئيس الجمهورية لدراستها ومعرفة مواقف الأطراف المختلفة منها.
المصادر المتابعة قالت إن المساعي الداخلية التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري باتت وحيدة، في ظل المناخات الخارجية الجديدة، وإنها وحدها اليوم يمكن أن تشكل المسعى الذي يمكن التعويل عليه لعدم ذهاب البلد الى الانسداد الكامل.
رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية ترأس اجتماعات حزبية في دمشق تحضيراً للمؤتمر القومي للحزب، واستعداداً للاستحقاق الرئاسي المقبل في سورية، داعياً للمشاركة الكثيفة في الاستفتاء تحت عنوان نعم للرئيس بشار الأسد، مشيداً بمبادرة الرئيس ميشال عون بالدعوة للسوق المشرقيّة.
أكد رئيس الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ وائل الحسنية أنّ صون الحزب وتحصين وحدته وترسيخ نهجه الصراعيّ، مسؤوليّة تقع على عاتقنا جميعاً، ولن نتساهل إطلاقاً مع أيّ أمر يعرّض حزبنا للانكشاف والضعف، فنحن حزب قويّ وفاعل على الصعد كافة، وهو ماضٍ في مسيرته وعلى نهج الصراع، في ميادين المقاومة ضدّ الإرهاب والاحتلال والاستعمار.
موقف الحسنية جاء خلال اجتماع عقده لهيئات منفذيّات دمشق، ريف دمشق، حرمون، حوران، القنيطرة والقلمون، بحضور عدد من مسؤولي الوحدات، في قاعة مقر الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية.
وطلب الحسنية من المسؤولين العمل بوتيرة عالية لأجل إنجاز استحقاقاتنا الحزبية، وبالإرادة والعزم ذاتهما المساهمة الفاعلة في إنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية في الشام، والتشديد على تحويل هذا الاستحقاق إلى استفتاء شعبيّ عارم حول قيادة الرئيس بشار الأسد الذي يقود سورية في حربها المصيريّة ضدّ الإرهاب والاحتلال.
وتطرّق الحسنية إلى الوضع العام، فأشار إلى أنّ الحرب الإرهابيّة الكونية على الشام، لم تتوقف بهزيمة الإرهاب وفشل مشاريع الدول التي ترعاه، بل هي حرب متواصلة، فالمجموعات الإرهابية تعيث فساداً في إدلب، وتركيا والولايات المتحدة ترعيان الإرهاب وتحتلان أراضي سورية، إضافة إلى الحصار الاقتصادي الظالم واللاإنساني الذي يُفرض على السوريين، لذلك، فنحن معنيّون بتحمّل أعباء المواجهة تعزيزاً للصمود وتشديداً على مبادئ التكافل والتضامن الاجتماعيين لنتجاوز هذه المرحلة الصعبة، بعد أنّ استطعنا بالصمود والقتال والتضحيات تخطّي مرحلة تكاد تكون الأخطر في تاريخ سورية.
ورأى الحسنية أنه في مواجهة الحصار الاقتصاديّ المفروض على أمتنا، لا بدّ من سلوك طريق التعاون المشرقي، ونثمّن دعوة الرئيس العماد ميشال عون إلى السوق المشرقيّة، ونشدّد على ضرورة البدء بخطوات في هذا الاتجاه انطلاقاً من معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق بين لبنان والشام، وصولاً إلى إقرار قيام مجلس التعاون المشرقي.
ولفت الحسنيّة إلى أنّ الأصوات المشككة بجدوى التعاون المشرقي ونتائجه التي تصبّ في مصلحة اقتصاد دول الهلال الخصيب، منفصلة عن الواقع، لأنها ترى الكارثة في اقتصاد هانوي والرخاء في اقتصاد هونغ كونغ، ضاربة عُرض الحائط بأهميّة وجدوى الاقتصاد المشرقيّ الذي إنْ توفرت الإرادات يشكل أهمّ الاقتصادات في العالم.
في غضون ذلك، أكد الرئيس عون أن التدقيق المالي الجنائي هو معركة أصعب من تحرير الأرض لأنها ضد الفاسد و"الحرامي" اللذين هما أخطر من المحتل والعميل، فـ"مَن يسرق أموال الناس يسرق وطناً".
وشدّد على أن التدقيق المالي الجنائي ليس مطلباً شخصياً لرئيس الجمهورية، بل هو قبل كل شيء مطلب اللبنانيين جميعاً، لافتاً الى أن سقوطه يعني ضرب المبادرة الفرنسية لأن من دونه لا مساعدات دولية ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربي وخليجي ولا صندوق دولي، فهو المدخل لمعرفة من تسبّب بوقوع جريمة الانهيار المالي.
وأكد رئيس الجمهورية في رسالة وجّهها الى اللبنانيين مساء امس، أن إسقاط التدقيق المالي الجنائي هو ضرب لقرار الحكومة، داعياً إيّاها لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس، وكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق.
وأشار رئيس الجمهورية الى ان التدقيق المالي الجنائي واجه عراقيل عدة "كنا نفككها تباعاً" واستمرت العرقلة الى ان اعترف وزير المال من بضعة أيام أن المصرف المركزي يمتنع عن الإجابة على عدد كبير من أسئلة شركة الفاريز ومارسال. وقال: "لقد صار واضحاً أن هدف المماطلة هو دفع الشركة الى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب".
وتوجّه الى القيادات السياسية وغير السياسية، داعياً إياها الى تحمل مسؤوليتها امام الله والشعب والقانون فـ: "ما كان ليحصل ما حصل لو لم توفّروا انتم بالحد الأدنى الغطاء للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال". وحمّل رئيس الجمهورية المصرف المركزي "المسؤولية الأساسية لأنك خالفت قانون النقد والتسليف، وكان لزاماً عليك ان تنظم العمل المصرفي وتأخذ التدابير لحماية أموال الناس في المصارف وتفرض معايير الملاءة والسيولة"، مشيراً في الوقت نفسه الى مسؤولية المصارف "الواضحة" في التصرّف بعدم مسؤولية بودائع وأموال الناس طمعاً بالربح السريع ومن دون "توزيع مخاطر" على ما تقتضيه أصول المهنة، مركّزاً ايضاً على مسؤولية جميع الحكومات والإدارات والوزارات والمجالس والهيئات عن كل قرش أُهدِر عبر السنوات، وجميعها يجب ان يشملها التدقيق الجنائي. وطالب عون الدول التي "تدّعي التضامن مع الشعب اللبناني" بالمساعدة على كشف عمليات تحويل أموالٍ أَخذت بعد 17 تشرين الأول 2019 طابع التهريب المالي.
وبحسب مصادر سياسيّة، فإن رئيس الجمهورية فتح المواجهة المباشرة مع حاكم مصرف لبنان والفريق السياسيّ الذي يدعمه وبالتالي أضيف الى التعقيدات التي تواجه تأليف الحكومة عنصر اشتباك جديد تمثل بإصرار عون على تنفيذ قرار التدقيق الجنائي وكشف حسابات مصرف لبنان كمدخل للإصلاح ولتطبيق المبادرة الفرنسية ولإنجاح الحكومة، ما يعني أن التدقيق بات مفتاح تأليف الحكومة، كما أوحى عون في كلامه أمس.
وسبق كلمة عون تصعيد قضائي من قبل النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، حيث ادعت على حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ومصرف SGBL بملف التحويلات المصرفية التي أدّت الى المضاربة على العملة الوطنية وتسببت بانهيارها. وأفيد أن النيابة العامة حاولت تبليغ سلامة للمثول أمام القاضية للتحقيق معه لكن تعذر ذلك لعدم وجود سلامة في منزله، كما أفيد أن صاحب مصرف SGBL أنطوان الصحناوي لم يحضر الى التحقيق أيضاً وكلف محاميه بالمثول عنه وعمد الى رفع دعوى على القاضية عون بحجة تسرّب التحقيق والقدح والذم.
وفي ظل هذا الواقع والأجواء التصعيديّة، لا يبدو أن ولادة الحكومة أصبحت وشيكة كما أشاعت الأجواء التفاؤلية مؤخراً، وأشارت أوساط مطلعة لـ"البناء" إلى أن "الحراك الجاري على خط تأليف الحكومة لم يُحرز أي تقدم باستثناء ارتضاء الأطراف السياسية كافة بتوسيع حجم الحكومة من 18 وزيراً إلى 24 لكن اكتمال الخلطة الحكوميّة تحتاج إلى فكفكة عقد عدة كالجهة التي ستسمي الوزراء ووفق أي معايير". ولفتت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ"البناء" إلى أن "التعقيدات الدولية والإقليمية لا زالت قائمة ولم تتبدد ومانعة تأليف الحكومة، وبالتالي على الرئيس سعد الحريري أن يقرر ماذا يريد ولا يمكنه الاستمرار بأسلوبه وتسويفه في التأليف".
وعن تمسك الرئيس عون والتيار بالثلث المعطل تعتبر المصادر أن "أولى مواصفات الحكومة هي الاختصاص وعدم الانتماء السياسي وبالتالي محدودية تأثير القوى السياسية على الوزراء، فكيف سيستطيع رئيس الجمهورية وغيره من التحكم بعمل الوزراء وأدائهم، ما يعني أن الرئيس عون لا يسعى لامتلاك الثلث وبالأساس لم يكن يسعى إليه كما أكد مراراً وتكراراً، لكنّ الحريري وفريقه السياسي يصرّون على اتهام عون بهذا الأمر لتبرير فشلهم في تأليف الحكومة ورمي الكرة في ملعب الرئاسة الأولى".
وعما إذا كان التيار سيمنح الثقة للحكومة أم لا، توضح المصادر أن "ثقة تكتّل لبنان القويّ للحكومة ليست مفروضة ولا مستبعدة بل إنها مشروطة بمواصفات الحكومة ومعايير التأليف ومراعاتها للأصول الدستورية والميثاقية والتوازن السياسيّ إضافة إلى برنامجها الإصلاحي، وبالتالي في حال توافرت هذه الشروط بالتأكيد سيمنح التيار الثقة للحكومة وسيدعمها".
وفي ما يشير مطلعون على الموقف الفرنسي، الى وجود وجهتي نظر في الادارة الفرنسية حيال الملف اللبناني، أشارت مصادر "البناء" إلى أن "محاولات عدة جرت لعقد لقاءات في باريس بين أطراف لبنانية لا سيما بين الحريري وباسيل لم تصل إلى خواتيهما، وبالتالي تم صرف النظر عنها حالياً إذ لم تلق ترحيباً وتشجيعاً فرنسياً فضلاً عن أن الحريري يرفض لأسباب عدة التواصل مع باسيل الذي لم يطلب موعداً في الأًصل". ولفتت المصادر الى أن "المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة لكنها لم تترجم عملياً في تفاصيل التأليف حتى الساعة حيث إنه لم يعُد لدى الفرنسيين ما يقدّمونه وتركوا الأمر للأطراف اللبنانية للاتفاق على صيغة معينة وتأليف حكومة مطابقة للمبادرة الفرنسية ولمطالب المجتمع الدولي للحصول على الدعم الخارجي".
وأمس غرّد باسيل قائلاً: "أبديت وما زلتُ أبدي كل التجاوب مع أي رغبة فرنسية بزيارة باريس، او بلقاء في أي مكان ومع ايٍّ كان، بلا عِقد أو حجج، ومن دون المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية أو التعرّض لدوره شكلاً ومضموناً. فالهم واحد أوحد هو تنفيذ الاصلاحات بدءاً بتأليف الحكومة". وتابع: "لكن رغم كل ذلك، ورغم قرار التيّار عدم المشاركة في الحكومة مع تقديم كل تسهيل لتشكيلها وإزالة كل العقبات أمامها، ورغم تحديد أكثر من موعد وفرصة، جاء من يعطّل كل محاولة فيها أمل، سنبقى نتجاوب، ضمن الأصول، مع كلِّ مسعى خارجي أو داخلي، ولن نيأس إلى ان يبصر الحل النور".
وفي موقف فرنسي تصعيدي، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على أن بلادة ستتخذ إجراءات بحق مَن عرقلوا حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية. وشدّد لودريان على أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعيّة بل عن مسؤولين سياسيين معروفين. وتابع قائلاً: "القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة".
وفي سياق ذلك، أفادت مصادر فرنسية لقناة المنار، الى أن "المبادرة الفرنسية لم تنته على الإطلاق بل هي بمرحلة الاستسلام أمام تعنت المسؤولين اللبنانيين". ولفتت إلى أنه "تبقى في الساحة المحاولة الداخلية لرئيس المجلس النيابي نبيه بري التي نالت دعم أكثر من جانب، ويبقى التعويل على مسعى بري عله يتمكن من إحداث خرق إيجابي في المرحلة المقبلة، والاتصالات لم تغب خلال الساعات الماضية وبري مصرّ على مساعيه".
وفيما يعتصم الحريري بالصمت بعد عودته من الامارات، أكدت مصادر حركة أمل لـ"البناء" أن "طروحات الرئيس بري مجرد أفكار لم ترق الى مستوى مبادرة وهي أفكار ذات عناوين عامة تتضمن حكومة تكنوقراط أي اختصاصيين ولا ثلث معطل لأحد ووفق صيغة 24 وزيراً، لكنها لم تلق تجاوباً كاملاً حتى اللحظة في ظل رفع المتاريس السياسية المتقابلة".
وإذ لفتت المصادر الى تنسيق تام بين ثنائي أمل وحزب الله في الملف الحكومي ومساعي الرئيس بري، أكدت بأن الثنائي لم يفقد الامل بتأليف الحكومة برئاسة الحريري، وبالتالي الثنائي لا يحبّذ خيار اعتذار الحريري لأنه لن يشكل مدخلاً للحل بل سيزيد الأمور تعقيداً. وعلمت "البناء" أن "إحدى العقد للتأليف هو من يسمّي الوزراء في حكومة الـ 24 وزيراً ومن سيسمّي وزارة الداخلية". كما علمت أن "أحد الأطراف السياسية التي زارت الحريري بعد عودته الى بيروت نقل عنه عدم ممانعته أن يكون وزير الداخلية من الطائفة المسيحية لكن مصرّ على ان يسمّيه هو وهذا ما يرفضه عون مصراً بدوره عن أن يسمّيه".
وكان وزير الخارجية المصرية سامح شكري الآتي من باريس، جال أمس على القوى السياسية باستثناء حزب الله وباسيل ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. ووضعت مصادر مطلعة زيارة شكري في اطار استطلاع الوضع في لبنان ومنح الحريري جرعة دعم كتعويض عن الموقف السعودي الأخير الذي عكس عدم تمسك بالحريري وبالتالي شكري لم يحمل مبادرة.
وزار شكري عين التينة والتقى الرئيس بري ثم التقى الحريري في بيت الوسط. ونقل رسالة من القيادة المصرية الى لبنان "بتضامن مصر وتوفيرها لكل الدعم للخروج من هذه الأزمة لتشكيل الحكومة بما يفتح الباب للدعم الإقليمي والدولي ويؤدي الى تحقيق المصلحة المشتركة لدول المنطقة، ولكن في المقام الأول للشعب اللبناني الشقيق. وبالتأكيد، فان الإطار السياسي يحكمه الدستور واتفاق الطائف وأهمية الالتزام الكامل بهذه الدعائم الرئيسية للاستقرار، ومصر لن تدخر جهداً في مواصلة دعمها للبنان خلال هذه المرحلة الدقيقة".

**********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

"وساطة" مصرية تتبنّى مطالب واشنطن والرياض وساطة مصرية مبتورة: القاهرة تتبنّى مطالب واشنطن والرياض السيسي يقاطع نصف اللبنانيين!

في العلن، هي مساع للتوفيق بين اللبنانيين علّهم يضعون خلافاتهم جانباً ويذهبون إلى تأليف الحكومة، لكن في الواقع، لم يكن التحرك المصري سوى تأكيد إضافي لتبنّي مصر، ومن خلفها فرنسا، وجهة النظر الأميركية والسعودية، التي يعبّر عنها داخلياً سعد الحريري، واتهام جبران باسيل بالتعطيل. ذلك دور لا يمكن أن يكون توفيقياً، ولا يمكن أن ينتج حكومة. إذا كان باسيل معرقلاً فعلاً، فبالمستوى نفسه على الأقل يعرقل الحريري. يكفي أنه يريد لنفسه ما لا يريده لغيره. أضف إلى أنه يحمل لواء المبادرة الفرنسية، ثم لا ينفك يفرغها من مضمونها الإصلاحي المتمثل في التدقيق الجنائي


فشل الفرنسيون في إقناع السعوديين بتليين موقفهم من سعد الحريري، فدخل المصريون كبدل من ضائع. صارت "أم الدنيا" مع "الأم الحنون" جزءاً من المشكلة في لبنان. ببساطة، قررا التخلي عن دور الوسيط لصالح تبنّي وجهة النظر التي تعتبر أن "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" يُعرقلان تأليف الحكومة. هما نفسيهما لم يجدا في رهن سعد الحريري نفسه والبلد بانتظار لقاء، لن يأتي، مع ولي العهد السعودي ما يستدعي، على الأقل، تحميله جزءاً من مسؤولية المراوحة. هو في النهاية رئيس الحكومة المكلف بتأليف الحكومة، والمسؤولية الأولى تقع عليه، لكنه لا يفعل سوى انتظار المبادرات والتنازلات.


زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لا يمكن تفسيرها، بالشكل والمضمون، سوى أنها ضغط إضافي على "المعرقلين" لتأليف حكومة بالتي هي أحسن. ولذلك، تكامل الموقف المصري المعلن في لبنان مع الموقف الأميركي والسعودي، الذي ينطق به إيمانويل ماكرون ومرؤوسوه. وهذا الموقف كرّره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، في الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث أشار إلى أن بلاده ستتخذ "تدابير محددة بحق الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد". واعتبر أن "الأيام المقبلة ستكون مصيرية، وفي حال لم يتخذ هؤلاء الأطراف قرارات ملائمة، فسوف نقوم من جهتنا بواجبنا". وقال إن "الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين، القوى السياسية تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة، هذا التعنت يأتي من قبل أطراف سياسيين محددين يضعون مطالب تعجيزية خارج الزمن".


أما شكري فأسف في تصريحاته لاستمرار الانسداد السياسي، وأشار إلى أنه "ينقل رسالة تضامن من مصر، وتأكيد توفيرها لكل الدعم للخروج من هذه الأزمة لتأليف الحكومة، بما يفتح الباب للدعم الإقليمي والدولي، ويؤدي الى تحقيق المصلحة المشتركة لدول المنطقة، ولكن في المقام الأول للشعب اللبناني الشقيق". لكن الوزير المصري الذي أتى إلى لبنان "لاستمرار بذل كل الجهود في إطار التواصل مع المكونات السياسية اللبنانية كافة من أجل الخروج من الأزمة الراهنة"، لم يجد حرجاً في التغاضي عن لقاء فريقين سياسيين على علاقة مباشرة بتأليف الحكومة هما "حزب الله" (الحزب الأكثر تمثيلاً على المستوى الشعبي في لبنان) و"التيار الوطني الحر" (صاحب الكتلة النيابية الأكبر). لكنه في سياق دعم الجهود التي تبذل "لتأليف حكومة من الاختصاصيين"، وجد، على سبيل المثال، أن من المفيد لقاء النائب السابق سامي الجميّل والاتصال بسمير جعجع، اللذين لا يُقدّمان ولا يؤخّران في المسألة الحكومية. شكري الذي التقى أيضاً النائب السابق وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي واستقبل النائب السابق سليمان فرنجية، زار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والرئيس المكلف، لكنه لم يتردد في كسر البروتوكول، فلم يلتق الرئيس حسان دياب ولا وزير الخارجية (كان حاضراً في اللقاء مع رئيس الجمهورية). لكنه مع ذلك، أكد بعد لقائه الحريري أن "مصر حريصة على أمن لبنان واستقراره، وذلك يقتضي إنهاء حالة الجمود الراهنة واضطلاع الجميع بمسؤولياتهم في تعزيز استقرار لبنان ووحدته، واضطلاع مؤسساته بمسؤولياتها الكاملة تجاه الشعب اللبناني الشقيق".


كل ذلك يشير إلى أن الزيارة المصرية، إن كان لها من مساهمة في مسألة تأليف الحكومة، فقد كانت مساهمة سلبية، تؤكد وقوف مصر مع فريق من اللبنانيين ضد آخر، وهي بذلك بدت حريصة على التماهي مع الفرنسيين والسعوديين، من دون ادعاء القدرة على الحلول مكانهم.


في لقائه مع الرئيس نبيه بري، ثمّن شكري "جهود دولته ومبادراته التي يطلقها للعمل من أجل الخروج من هذه الأزمة في إطار الحفاظ على الأرضية الراسخة السياسية والقانونية المتمثلة في تطبيق الدستور اللبناني واتفاق الطائف واستعداد مصر لتقديم كل ما في وسعها لمعاونة الأشقاء لتجاوز هذه الأزمة".


وفي هذا السياق، لا تزال مبادرة بري حيّة ترزق، رغم العقبات التي تواجهها. وبحسب معلومات "الأخبار"، ثمة مستوى متقدّم من التواصل الداخلي "الجدي" بين القوى السياسية، خصوصاً التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله والحريري. وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، المشكلة الأساسية التي تعتري مبادرة بري هي في تفسير الحريري لها، لجهة منحه نفسه حق تسمية وزراء مسيحيين خارج حصة رئيس الجمهورية. لكن هذه المشكلة حُلَّت، بحسب المصادر، "فحتى الحريري صار مسلّماً بأنه لن يسمّي أي وزير مسيحي".


باختصار، صار جلياً أن الأزمة أكبر من أن تُرمّم من خلال كيل فرنسا بمكيالين أو من خلال عين مصرية واحدة. فرنسا بمبادرتها أصبحت ثقلاً على تأليف الحكومة، بالرغم من أنها لا تزال من القلة المهتمة بالشأن اللبناني. والرئيس المكلف صار حريصاً على المبادرة أكثر من حرصه على التأليف، لكن فاته عمداً أن المبادرة تلك، على ما ذكّر رئيس الجمهورية أمس، تشير في بندها الأول إلى التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان. وهذا يعني أن الحريري، وبالتعاون مع الرئيس نبيه بري وجنبلاط، هم أول من أفرغ هذه المبادرة من مضمونها. وبالتالي لا يجوز التفجّع عليها ممن يأخذ منها ما يناسب صراعه الشخصي مع باسيل فقط.


وفي هذا السياق، تعتبر مصادر اشتراكية أنه لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال من العمل السياسي، فالبلد ينهار يوماً بعد يوم. وهذا يحتّم على الجميع، أصدقاء وخصوماً، فصل الخلافات الشخصية عن السياسة، والذهاب فوراً إلى تأليف الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأي أمر آخر، لا قيمة له. وسألت المصادر: ماذا يعني أن يُكبّل الرئيس المكلّف نفسه بشروط مسبقة، كأن يرفض لقاء باسيل؟ ومع تأكيد المصادر الخلاف السياسي الكبير مع باسيل، إلا أنها تسأل: كيف يعقل أن يطلب الرئيس المكلف الحصول على ثقة العونيين، من دون أن يلتقي رئيس كتلتهم؟ علماً بأنه هو نفسه التقى الرئيس السابق للحزب القومي أسعد حردان، بالرغم من الخلافات العميقة التي تجمع "المستقبل" بـ"القومي"، للحصول على تسمية كتلته المؤلفة من ثلاثة وزراء فقط.


إلى ذلك، شدّد عون، أمام شكري الذي نقل له رسالة تضامن من الرئيس عبد الفتاح السيسي، على "دقة المهمات التي ستلقى على عاتق الحكومة الجديدة، ولا سيما في مجال الإصلاحات الضرورية التي يلتقي اللبنانيون والمجتمع الدولي في المناداة بها والعمل على تحقيقها، وفي مقدمها التدقيق المالي الجنائي لمحاسبة الذين سرقوا أموال اللبنانيين والدولة على حدّ سواء".

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار 

 

عون يشعل معركة التدقيق في مواجهة “العزل”!

 

اذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون خصص كلمته الغاضبة المفاجئة الى اللبنانيين مساء امس بملف التدقيق الجنائي دون سواه ظاهرياً، فإن الخلفية المتصلة بتطورات الملف الحكومي وسط تصاعد الضغط الفرنسي – المصري المنسق الى ذروته على الفريق المعطل لتأليف الحكومة الجديدة، بدا ماثلاً بقوة وراء توقيت الكلمة وتلميحها الى الغطاء السياسي لمن اتهمهم عون بتعطيل التدقيق الجنائي. بذلك حوّل عون مسألة التدقيق الجنائي شرطاً أساسياً من شروط إقلاع المبادرة الفرنسية وتأليف الحكومة وتدفق المساعدات الدولية، متجاهلاً العلة الأساسية التي باتت الدول تحمّله إياها مع فريقه السياسي، أي تعطيل تاليف الحكومة الى حدود كاد معها الفرنسيون يسمون الفريق المعطل فيما هم يلوحون باقتراب بدء فرض الإجراءات المتعلقة بعقوبات محتملة على المعطلين. ولكن توقيت كلمة عون بدا لافتاً لجهة ربطه ضمنا بالزيارة المثيرة للجدل التي قام بها امس وزير الخارجية المصري سامح شكري لبيروت والتي شكلت ظاهرة دبيبلوماسية لافتة لجهة استثنائه من برنامج لقاءاته رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل و”حزب الله” في رسالة تعد الأكثر وضوحاً لجهة كشف المعطلين لتأليف الحكومة في مقابل دعم الرئيس المكلف سعد الحريري في مهمته. كما ان الجولة جاءت غداة فشل المحاولة التي أجريت لعقد لقاءات في باريس، اذ بدا ثابتاً ان السيناريو الذي جرى تداوله في هذا السياق قد طوي تماما. وعاد الملف الحكومي الى دائرة الشكوك بقوة في ظل الاتجاهات التي بدأت تكشفها الضغوط الفرنسية حول احتمال اضاءة الأضواء الخضراء امام عقوبات يتردد ان أوانها قد حان.

 

جولة شكري واتصالاته التي شملت الرؤساء عون ونبيه بري وسعد الحريري الى بكركي ورؤساء أحزاب الاشتراكي والكتائب والقوات اللبنانية والمردة اتخذت دلالات قوية للغاية لجهة الرسالة المصرية المنسقة مع فرنسا في تصعيد الضغوط المشتركة للدولتين الأكثر اضطلاعا بدور حيوي حيال الازمة اللبنانية منذ انفجار مرفأ بيروت قبل ثمانية اشهر. وبرزت معالم تصاعد الضغط المنسق والمشترك بوضوح، اذ انه فيما كان شكري يكمل جولته في بيروت، صدر موقف متشدد جديد لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان امام مجلس الشيوخ الفرنسي امس معلنا فيه “أن بلاده ستتخذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية”. وشدد لودريان على “أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين”. وتابع قائلاً: “القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة” .

 

 رسائل شكري

في المقابل كان شكري يشدد امام المسؤولين والزعماء الذين التقاهم على ضرورة قيام حكومة اختصاصيين ليصل الدعم الدولي الى لبنان. وفيما وصف لقاؤه برئيس الجمهورية بانه كان بروتوكوليا وباردا اعرب عون في المعلومات الرسمية التي وزعت عن اللقاء عن  “شكره للدور الذي تقوم به جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمساعدة لبنان في مواجهة الازمات المختلفة التي يعاني منها، ولاسيما منها الازمة الحكومية”، متمنيا  ان “تثمر هذه الجهود عن نتائج إيجابية لاسيما اذا ما توافرت إرادة حقيقية للخروج من هذه الازمة من خلال اعتماد القواعد الدستورية والميثاقية التي يقوم عليها النظام اللبناني وبالتعاون مع جميع الأطراف اللبنانيين من دون اقصاء او تمييز”.

 

اما شكري فقال”للأسف بعد ثمانية اشهر، لا يزال هناك انسداد سياسي ولا تزال الجهود تبذل لتشكيل حكومة من الاختصاصيين القادرين على الوفاء بحاجات الشعب اللبناني الشقيق وتحقيق الاستقرار المهم ليس فقط للبنان بل للمنطقة ومصر للارتباط الوثيق القائم على المستوى السياسي والشعبي بين لبنان ومصر”. وأوضح ان الرسالة التي ينقلها تتعلق  “بتضامن مصر وتوفيرها كل الدعم للخروج من هذه الازمة لتشكيل الحكومة بما يفتح الباب للدعم الإقليمي والدولي ويؤدي الى تحقيق المصلحة المشتركة لدول المنطقة ولكن في المقام الأول للشعب اللبناني الشقيق. وبالتأكيد، فان الاطار السياسي يحكمه الدستور واتفاق الطائف واهمية الالتزام الكامل بهذه الدعائم الرئيسية للاستقرار، ومصر لن تدخر جهدا في مواصلة دعمها للبنان خلال هذه المرحلة الدقيقة”.

وكان اللقاء الأبرز لشكري مع  الرئيس المكلف سعد الحريري في”بيت الوسط”، اذ اعلن بعد اللقاء أنه أكّد للحريري “دعم مصر تشكيل حكومة مهمّة بعيدة عن التجاذبات السياسية، لاستعادة لبنان موقعه الطبيعي كمنارة في المنطقة”. وأضاف ان “مصر حريصة على أمن واستقرار لبنان، وذلك يقتضي إنهاء حالة الجمود الراهنة”، مشيراً إلى أنه “يتطلّع لاستمرار الحوار الوثيق مع الحريري والأطراف كافة من أجل الخروج من الأزمة وستبقى مصر داعمة للبنان” .

 

 

وقبيل إلقاء عون كلمته مساء كتب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل عبر صفحته على تويتر: “أبديت وما زلتُ أبدي كل التجاوب مع أي رغبة فرنسية بزيارة باريس، او بلقاء في اي مكان ومع ايٍّ كان، بلا عِقد أو حجج، ومن دون المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية أو التعرّض لدوره شكلاً ومضموناً. فالهم واحد أوحد هو تنفيذ الاصلاحات بدءاً بتأليف الحكومة. لكن رغم كل ذلك، ورغم قرار التيّار عدم المشاركة في الحكومة مع تقديم كل تسهيل لتشكيلها وازالة كل العقبات امامها، ورغم تحديد أكثر من موعد وفرصة، جاء من يعطّل كل محاولة فيها أمل . سنبقى نتجاوب، ضمن الأصول، مع كلِّ مسعى خارجي أو داخلي، ولن نيأس إلى ان يبصر الحل النور”.

 

عون والمعركة !

اما كلمة الرئيس عون الى اللبنانيين عن التدقيق الجنائي فحمل فيها بعنف بالغ على ممثلي وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان في ما وصفه بالمماطلة المؤكدة في المفاوضات مع  شركة “الفاريز ومارسال” ما يدل على عدم وجود إرادة بإجراء التدقيق الجنائي، وقدم عرضا مسهبا للوقائع السابقة المتصلة بهذا الملف معتبرا ان “الشكوك كانت تتأكد يوماً بعد يوم بان حسابات المصرف المركزي غير شفافة ولم يكن يعرف حجم النقص في الاحتياط بالعملات الأجنبية وهو نقص كانت تتم تغطيته من أموال المودعين خلافا للقانون”. ورأى “ان هدف المماطلة هو دفع الشركة الى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب”.

 

وقال “ان سقوط التدقيق الجنائي يعني ضرب المبادرة الفرنسية لأن من دونه لا مساعدات دولية ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربي وخليجي ولا صندوق دولي.

ان التدقيق الجنائي هو المدخل لمعرفة من تسبب بوقوع جريمة الانهيار المالي”. واضاف “أيها اللبنانيون أقول لكم بإمكانكم ان تختلفوا معي سياسيا لكنكم تجدونني دائما الى جانبكم بالحق. اتقدمكم في معركة كشف اكبر عملية نهب بتاريخ لبنان فكونوا معي. ضعوا خلافاتكم السياسية جانبا وثقوا باننا لن ندعهم يسرقون الشعب ويقهرون أمّاً ويذلّون أباً ويهينون مريضاً. لن ندعهم يسقطون التدقيق الجنائي او يقضون على الدولة والشعب والتاريخ والمستقبل. وللقيادات السياسية وغير السياسية أقول: مسؤوليتكم كبيرة امام الله والشعب والقانون، وما كان ليحصل ما حصل لو لم توفّروا انتم بالحد الأدنى الغطاء للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال.

 

للمصرف المركزي أقول: إنك تتحمل المسؤولية الأساسية لأنك خالفت قانون النقد والتسليف، وكان لزاما عليك ان تنظم العمل المصرفي وتأخذ التدابير لحماية أموال الناس في المصارف وتفرض معايير الملاءة والسيولة.

 

للمصارف أقول: مسؤوليتكم واضحة ولا يمكن لكم ان تهربوا من الحقيقة؛ فالناس اودعوكم أموالهم، وانتم تصرفتم بها بعدم مسؤولية طمعا بالربح السريع ومن دون ” توزيع مخاطر” على ما تقتضيه أصول المهنة … إن اسقاط التدقيق الجنائي هو ضرب لقرار الحكومة التي أدعوها لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس، وكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق.

 

انا ميشال عون رئيس الجمهورية والجنرال الذي تعرفونه، اناديكم، لا لتكونوا معي، بل لتكونوا مع أنفسكم ومع مستقبل اولادكم،’ودعونا نكشف معاً الحقائق لنسترجع الحقوق ولاحقين نختلف على السياسة ” .

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

مصر مع المبادرة الفرنسية “الأصلية”… وباريس تتوعّد “المعرقلين”

باسيل “منبوذ”… وعون “على الأطلال”: أنا الجنرال!

 

لم يعد إنس ولا جان على وجه المعمورة يختلفان على تحديد مكمن العطل والتعطيل في لبنان، ولم يعد أي من الأطراف الدولية والعربية يتردد في الإشارة بالإصبع إلى “جبران باسيل” باعتباره حجر الأساس في عرقلة تشكيل “حكومة مهمة” إنقاذية للبنان، بغية تحقيق مصالح “تحاصصية” بالأصالة عن نفسه، ومصالح “استراتيجية” بالوكالة عن “حزب الله”، حسبما لاحظت أوساط مواكبة لمسار أحداث الساعات الأخيرة، التي بدا واضحاً من سياقها أنّ باسيل أصبح “معزولاً، معاقباً أميركياً ومنبوذاً أوروبياً وعربياً… فلا “الأم الحنون” قبلت استقباله، ولا “أمّ الدنيا” تريد لقاءه”، في إشارة إلى رفض قصر الإليزيه تحديد موعد له، وتجنب وزير الخارجية المصري سامح شكري الاجتماع به.

 

ورغم ذلك، لا تزال عوارض سياسة “الإنكار والهروب إلى الأمام” تظهر على تغريدات رئيس “التيار الوطني الحر” وإطلالات رئيس الجمهورية ميشال عون، فالأول ما زال يرى نفسه “متجاوباً مع كل مسعى خارجي وداخلي”، والثاني أعادته التفليسة إلى “دفاتره القديمة” ليقلّب صفحات أمجاد غابرة، بدا معها في حديثه المتلفز أمس، كمن يقف “على الأطلال” مخاطباً اللبنانيين: “أنا ميشال عون أنا الجنرال أناديكم”، في مشهد غلب عليه الضعف والوهن واستجداء تعاطف الناس لكي يستذكروه في حقبة “الجنرال” بعد أن خذلهم في سدة الرئاسة.

 

لكن، ولأنّ باريس عاينت عن كثب بيت الداء والدواء في الملف الحكومي، ومصادر الإليزيه باتت تسمي باسيل بالاسم بوصفه العقبة التي تحول دون تطبيق مندرجات المبادرة الفرنسية حكومياً، مستخدماً توقيع الرئاسة الأولى متراساً لتحقيق “مطالب تعجيزية” كما وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أمس، فإن “الأيام المقبلة ستكون مصيرية” كما شدد لودريان، كاشفاً أنّ فرنسا بصدد “اتخاذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان”، باعتبار أنّ “الأزمة ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين”.

 

وتوازياً، ألقت مصر بثقلها على الساحة اللبنانية من خلال زيارة وازنة في الميزان الحكومي، قام بها وزير خارجيتها سامح شكري إلى بيروت، وغلّبت كفة دعم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وتأييد توجهات البطريرك الماروني بشارة الراعي على كفة قوى 8 آذار، مع الحرص على النأي برئيس مجلس النواب نبيه بري عن الامتعاض العربي من محاولة الانقلاب على الدستور والطائف واللعب بموازين القوى في البلد. وبهذا المعنى أتت زيارة شكري “مدججة بالرسائل شكلاً ومضموناً” وفق تعبير مصادر سياسية، لتصب في خانة التأكيد أنّ “القاهرة ليست على الحياد في ما يتعلق بأمن لبنان واستقراره بل هي “رأس حربة” في عملية إعادة تصويب البوصلة العربية للبنان والتصدي لمحاولات تغيير هويته”.

 

ومن هنا، آثر وزير الخارجية المصري استثناء باسيل و”حزب الله” من جدول لقاءاته اللبنانية، في رسالة واضحة تؤشر إلى تحميلهما “مسؤولية مشتركة عما آلت إليه الأمور في لبنان وعرقلة كل الجهود المبذولة داخلياً وعربياً ودولياً لإعادة استنهاضه وإنقاذ اللبنانيين”، وكشفت المصادر أنّ شكري “كان واضحاً لناحية دعوته إلى تشكيل حكومة سريعاً برئاسة الحريري من دون أن يمتلك فيها أي طرف ثلثاً معطلاً”، وهو أبلغ رئيس الجمهورية صراحةً أنّ “ما يحصل في ملف تشكيل الحكومة غير مقبول لأنه يخرج عن الأطر والأعراف الدستورية ولا يتماشى مع متطلبات المبادرة الفرنسية التي تحظى بدعم مصر”، الأمر الذي رد عليه عون بتحميل مسؤولية التعطيل لرئيس الحكومة المكلف “لامتناعه عن التشاور مع (باسيل) رئيس أكبر كتلة مسيحية”، ملوحاً بأنّ “لبنان وفق الصيغة الحالية وبطريقة تطبيق الدستور لا يمكنه أن يستمر”.

 

وخلال لقاءاته الأخرى، نقلت المصادر أنّ شكري عبّر عن “استياء مصر من استمرار تأزم الوضع في لبنان من دون تشكيل حكومة”، وحذر من أن “الوضع سيسوء أكثر إذا لم يحصل التأليف سريعاً”، مؤكداً أنّ القاهرة تتحرك بالتنسيق مع الفرنسيين إزاء الملف اللبناني، وأنها “مع المبادرة الفرنسية بمندرجاتها الأصلية وليس المعدّلة”، في إشارة إلى ضرورة تأليف حكومة اختصاصية لا تكنو- سياسية.

 

وفي بكركي شدد شكري على أهمية الدور المحوري الذي يلعبه البطريرك الراعي في هذه المرحلة وأثنى على طرح الحياد موجّهاً إليه دعوة لزيارة مصر، كما ناشده أن يواصل مساعيه وضغوطه لتشكيل الحكومة. وفي السياق نفسه، أكدت المصادر أنّ الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي الذي وصل بيروت مساءً، سينقل “موقف الجامعة العربية الداعي إلى ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة فوراً وفق مندرجات المبادرة الفرنسية”.

 

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

وزير الخارجية الفرنسي يكرر التهديد بـ«إجراءات» ضد معرقلي الحل في لبنان

قال إن الأزمة «ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين»

 

باريس: ميشال أبو نجم

مرة جديدة، تشهر فرنسا سيف العقوبات بحق السياسيين الذين يعطلون خروج لبنان من الأزمة متعددة الأوجه التي عنوانها الأول استمرار الفراغ المؤسساتي على مستوى الحكومة، حيث انقضى ما يزيد على خمسة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري مهمة تشكيلها. وحتى اليوم، تدور المساعي المبذولة في حلقة مفرغة، الأمر الذي يحبط المسؤولين الفرنسيين، رغم الجهود التي قامت بها باريس على أعلى المستويات، ومروحة الاتصالات الواسعة التي أجراها الرئيس ماكرون والوزير لودريان، والخلية الخاصة في الإليزيه.

وأمس، أدلى لودريان بتصريحات بالغة التشدد، في إطار إجابته عن سؤال في مجلس الشيوخ حول الوضع في لبنان، وفيما اكتفى سابقاً بتقريع الطبقة السياسية اللبنانية، والتهديد بتعبئة وزراء الخارجية الأوروبيين كـ«افعة» للضغط عليها، ذهب أمس أبعد من ذلك بتأكيده أن «الأيام المقبلة ستكون مصيرية». و«سيتم اتخاذ إجراءات بحق الذين عرقلوا إيجاد حل للأزمة في لبنان».

وحتى اليوم، امتنعت باريس عن الكشف عما يمكن أن تلجأ إليه من عقوبات، منذ أن قرر الرئيس ماكرون قبل نحو الشهر «تغيير نهج التعاطي» مع المسؤولين اللبنانيين، بعد أن تأكد له أن محاولات الإقناع لم تؤدّ إلى نتيجة، بل بقيت المبادرة الفرنسية الإنقاذية تراوح مكانها. والتدبير المثالي بالنسبة لباريس هو تكوين كتلة ضاغطة فرنسية – أوروبية – أميركية وعدد من الأطراف العربية لدفع السياسيين اللبنانيين إلى التخلي عن أنانيتهم. وقال لو دريان أمس إن القوى السياسية اللبنانية التي وصفها بـ«العمياء التي لا تتحرك لإنقاذ البلاد رغم تعهداتها»، إنما «تتعنت عن عمد، ولا تسعى للخروج من الأزمة». وشدد على أن «هناك أطرافاً سياسية في لبنان تضع مطالب تعجيزية». وفي أي حال، لم يرد لو دريان أن يضع النقاط على الحروف وتعيين الجهات التي تعتبرها باريس معطلة للجهود المبذولة، بل اكتفى بالتلميح بقوله إن الأزمة في لبنان «ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين».

وتعد تصريحات لو دريان تطوراً بالنسبة لما صدر عن وزارة الخارجية الفرنسية في بيانها يوم 29 مارس (آذار) الماضي عقب الاتصالات التي أجراها الوزير مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، ومع رئيس الحكومة المكلف. إذ أبلغ الوزير الفرنسي المسؤولين الثلاثة أنه «يجب فوراً إنهاء التعطيل المتعمد للخروج من الأزمة السياسية»، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يبحث سبل ممارسة ضغوط على الجهات التي تعرقل إيجاد مخارج من الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان. وبحسب لو دريان «لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي فيما لبنان ينهار».

ويرى العديد من المراقبين في العاصمة الفرنسية أن المبادرة الفرنسية فقدت زخمها، لا بل إنها تلاشت بفعل عامل الزمن من جهة، ومن جهة أخرى بفعل إحجام باريس حتى اليوم عن وضع تهديداتها موضع التنفيذ. ويرى هؤلاء المراقبون أن قيام باريس بالتلويح باستعدادها الفوري لاتخاذ عقوبات بحق من تعتبرهم معرقلين أو فاسدين، وبإمكانية أن تمتد هذه العقوبات لتصبح أوروبية في مرحلة لاحقة من شأنه أن يدفع السياسيين اللبنانيين للتفكير ملياً، والتوقف عن النهج التعطيلي. لكن الصعوبة أن المسؤولين الفرنسيين الذين يصرون على البقاء على تواصل مع جميع الأطراف اللبنانية، والتعامل مع طبقة سياسية لفظها الشارع اللبناني، تعي خطورة الوصول إلى هذه المرحلة على ما تبقى من استقرار في لبنان، وعلى ما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات في الشارع، الأمر الذي لا تريده بأي حال.

 

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

مصر تستعجل حكومة متوازنة.. باريس طفح الكيل.. وعون يعلن “حرب التدقيق”

 

كلّ العالم الخارجي الصديق والشقيق يلحق بالقابضين على السلطة الى عقر دارهم، ناصحاً إيّاهم بأن يلحقوا هم ببلدهم ويُمسكوا به قبل أن تُودي به أزمته الحارقة، وتزيله عن خريطة الوجود كدولة ووطن. ومع الحراك المتجدّد في اتّجاه هذا البلد المنكوب، تأكّدت مقولة أنّ كلّ أصدقاء لبنان وأشقائه عيونُهم على لبنان وقلوبُهم معه، وحريصون على استقراره ودخوله واحة الانفراج فيما القابضون على السلطة في هذا البلد عيونهم على مصالحهم، وقلوبهم على الحجر، ويسوقونه بأنانيّاتهم إلى الإنفجار والفوضى الشاملة التي لا قيامة للبنان منها إذا سقط فيها.

جوهر هذا الحراك، أو بمعنى أدق، الإندفاعة الخارجية في اتجاه لبنان في هذه الفترة، والتي تَصدّرها حضور وزير الخارجية المصرية سامح شكري الى بيروت، هو توجيه رسالة مباشرة الى القابضين على السلطة خلاصتها انّ لبنان بوضعه الراهن لم يعد يملك ترف تضييع الوقت والاستهتار بما حل به وما قد يحل به، وبالتالي فإنّ فرصة الانقاذ والانفراج لم تنعدم بعد، فاستفيدوا من هذه الفرصة واستغلّوها وتشاركوا في ورشة الانقاذ.

 

طفح الكيل

واللافت في موازاة تلك الرسالة، كانت الرسالة الفرنسية البالغة الدلالة والحدة التي وجّهتها باريس وعكست فيه ما بَدا انّ الكيل قد طفح بالنسبة اليها من تعامل القادة اللبنانيين مع المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة وفقاً لمندرجاتها، وانها قررت الانتقال من اللغة الهادئة التي اعتمدتها منذ اطلاق المبادرة في آب الماضي، الى لغة الضغط والعقوبات على من تعتبرهم معطّلي الحل في لبنان.

 

الرسالة الفرنسية، جاءت عبر مواقف حادة في نبرتها، عبّر عنها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان بهجوم شنّه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على القوى السياسية اللبنانية بسبب عدم إنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، حيث قال امام الجمعية الوطنية الفرنسية: «القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من التعهدات التي تم اتخاذها وهذا يعدّ جريمة».

 

وإذ اكد لودريان انّ هذه القوى ترفض التوافق، قال: الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين، القوى السياسية تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة، هذا التعنت يأتي من قبل أطراف سياسية محددة تضع مطالب تعجيزية خارج الزمن».

 

وكشف «انّ باريس سوف تتخذ تدابير محددة بحق الذين فضلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد، والأيام المقبلة ستكون مصيرية، في حال لم تتخذ هذه الأطراف قرارات ملائمة، سوف نقوم من جهتنا بواجبنا».

 

لا دخان أبيض

كل ما استجد، بدءاً بحضور الوزير المصري اضافة الى التصعيد الفرنسي في وجه المعطلين، يلقي كرة نزع الفتيل المشتعل سياسيا وماليا ونقديا واجتماعيا ومعيشيا مرة جديدة، وربما اخيرة، في أيدي كل المعنيين بملف تأليف الحكومة، التي بات من المسلّم به أنّ تشكيلها هو الخطوة الاولى في رحلة الألف ميل نحو أخذ لبنان برّ الامان.

 

الوزير المصري نقل ما يمكن وصفها برسالة حثّ على التأليف، واكدت مصادر سياسية عالمة بخلفيات زيارته، انّها زيارة محصّنة بغطاء عربي شامل وداعم لها، وليست منعزلة عن الموقف الفرنسي وخريطة الطريق التي حددتها المبادرة الفرنسية للخروج من الازمة، وفي طليعة مندرجاتها المبادرة سريعاً الى تشكيل حكومة مهمّة متوازنة تباشر فوراً في الخطوات والاجراءات الاصلاحية التي ينادي بها المجتمع الدولي، وتلبّي بالتالي طموحات الشعب اللبناني في الانتقال ببلدهم نحو واقع مغاير للواقع الذي ساد على مدى السنوات الماضية وأفسد البلد وأشعل فتيل الازمة. الّا أنّ العلامة النافرة التي احاطت بتلك الرسالة، هي أنّها سقطت على واقع غارق بالوحل السياسي، وصدمها «المعطلون» بالموانع والذرائع والمعايير ذاتها

التي عطلت تشكيل الحكومة، وبالإصرار على التنصّل من المسؤوليّة وقذف كرة التعطيل الى ملعب الآخرين.

 

لحكومة فوراً

وما تكشّف من سلسلة اللقاءات التي أجراها الوزير المصري، اكد انّ مفتاح الحلّ للازمة الراهنة ما زال ضائعا، وان الحكومة ما زالت متأرجحة بين تناقضات جذرية في النظرة اليها.

وقالت مصادر مواكبة للزيارة لـ«الجمهورية» انّ الوزير شكري عكسَ في محادثاته:

– تأكيد وقوف مصر الكامل مع لبنان والحرص على استقراره على كل المستويات، وهذا موقف تتشارَك فيه مع كل الاسرة العربية من دون استثناء.

– القلق على لبنان، والخشية الكبرى من بلوغه نقطة الخطر الشديد على كل المستويات، اذا ما استمر الحال فيه على ما هو عليه من فراغ حكومي وتعقيدات سياسية.

– التأكيد على كل القوى السياسية إعلاء مصلحة لبنان فوق كل الاعتبارات السياسية والحزبية، وخصوصاً في هذا الظرف الصعب الذي يمر فيه لبنان مع تفاقم الازمة الاقتصادية فيه الى حدود شديدة الخطوره، وباتت المعاناة منها يُعَبّر عنها لدى مختلف فئات الشعب اللبناني.

– التأكيد على القوى السياسية الشروع فوراً، وبمعزل عن اي اعتبارات او خلافات سياسية، في تأليف حكومة جديدة متوازنة تعزز الاستقرار

الداخلي، وتطلق ورشة إصلاحات جوهرية في لبنان (كما هي محددة في المبادرة الفرنسية)، بما يُعيد ربط لبنان بالمجتمع الدولي مجدداً بحبل من الثقة، ويفتح باب تدفق المساعدات الدولية إليه لمساعدته في النهوض من هذه الأزمة التي أدخلت شعب لبنان في أعلى درجات البؤس.

 

مواقف الاطراف

وبحسب المصادر نفسها، فإنّ الوزير شكري وقف في لقاءاته على خليط من المواقف، فمع قوى المعارضة سمع شكوى صريحة من كل الطبقة الحاكمة، وفي بكركي كان الموقف متطابقاً مع ما طرحه البطريرك الماروني مار بشارة الراعي لناحية التعجيل بحكومة إنقاذية سريعا. وفي بيت الوسط لمسَ مرونة جدية وبالغة، ولم يلمس مطالب تعجيزية بل لمسَ استعدادا للسير الفوري بحكومة متوازنة لا ثلث معطلاً فيها لأي طرف.

 

وقالت مصادر بيت الوسط لـ«الجمهورية» انّ اللقاء بين الحريري وشكري كان ممتازا ومريحا جدا، وكان الوزير متفهّما للعرض الذي قدمه الرئيس الحريري في ما خَص الوضع الحكومي، والذي اكد فيه الرغبة الشديدة في تأليف حكومة في اسرع وقت ممكن، من اختصاصيين لا سياسيين ووفق مندرجات المبادرة الفرنسية ولا ثلث معطلا فيها لأيّ طرف.

 

ومن بيت الوسط اعلن شكري أنّ «مصر حريصة على أمن لبنان واستقراره، وهذا يقتضي العمل على إنهاء حالة الجمود الراهنة كما أنّها حريصة على كل جهد يُبذل لخير لبنان والمنطقة واستعادَتِه لمكانته».

 

وقال إننا «نتطلّع للحوار مع الجميع للخروج من هذه الأزمة بالاعتماد على الأرضية القانونية المتعلقة بالدستور واتفاق الطائف، ونتمنّى للبنان التوفيق وعلى الحكومة أن تكون خارج التجاذب».

 

بري

اما في عين التينة فكان اللقاء اكثر من مريح مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والتطابق كان كاملا وجليا في المواقف، ولا سيما لناحية الدخول في مرحلة الانقاذ للبنان عبر تشكيل حكومة منسجمة (لا ثلث معطلا فيها او متحكّماً، لأي فريق سياسي)، اي حكومة بحجم المرحلة ويشترك فيها الجميع في هذه العملية.

 

وكان موقف لافت في عين التينة للوزير شكري، اكد فيه على اهمية العمل بكل اجتهاد وبكل سرعة لتشكيل حكومة اختصاصيين، وقال انه نقل الى الرئيس بري تثمين مصر الكبير لجهود دولته ومبادراته التي يطلقها للعمل من اجل الخروج من هذه الأزمة في إطار الحفاظ على الارضية الراسخة السياسية والقانونية المتمثلة في تطبيق الدستور اللبناني واتفاق الطائف واستعداد مصر لتقديم كل ما في وسعها لمعاونة الاشقاء لتجاوز هذه الازمة والانتقال الى مرحلة يستعيد فيها لبنان عافيته الكاملة، وإننا نرى أهمية للاسراع بذلك. واكد على انّ استقرار لبنان هو حيوي بالنسبة للمنطقة».

 

في بعبدا

الّا ان اللقاء بين شكري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى ما تؤكد المصادر، لم يعكس اي اشارات مشجعة يمكن البناء عليها للحديث عن ايجابيات. فرئيس الجمهورية، وبحسب المصادر، عرض من وجهة نظره ما يحيط بملف تأليف الحكومة، مُلقياً باللائمة في هذا السياق في اتجاه الرئيس المكلف، وعدم تعاطيه بجدية في هذه المسألة، وصولاً الى السعي الدائم الى تجاوز الاصول الدستورية والمعايير الاساسية في عملية تشكيل الحكومة، وفرض معايير مناقضة لها.

 

وقد انعكست الاجواء السلبية للقاء في ما اعلنه الوزير شكري على أثره، حيث اعرب عن أسفه «من الانسداد السياسي الذي لا يزال موجوداً بعد مرور 8 أشهر على تفجير مرفأ بيروت».

 

واشار الى «أنّ السياسيين اللبنانيين يتخبطون لتشكيل الحكومة، مؤكدا أن مصر ستستمر ببذل كل الجهود للتواصل مع كل الجهات للخروج من الأزمة». وفي المقابل، وزّع القصر الجمهوري ما أبلغه الرئيس عون للوزير شكري، حيث اعرب عن «تقديره وامتنانه للدور الذي تقوم به مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمساعدة لبنان في مواجهة الازمات المختلفة التي يعانيها، لا سيما الازمة الحكومية، متمنياً ان تثمر هذه الجهود نتائج إيجابية، لا سيما اذا ما توافرت إرادة حقيقية للخروج من هذه الازمة، من خلال اعتماد القواعد الدستورية والميثاقية التي يقوم عليها النظام اللبناني وبالتعاون مع جميع الأطراف اللبنانيين من دون إقصاء او تمييز». كذلك شدد على «دقة المهمات التي ستلقى على عاتق الحكومة الجديدة، لا سيما في مجال الإصلاحات الضرورية التي يلتقي اللبنانيون والمجتمع الدولي في المناداة بها والعمل على تحقيقها، وفي مقدمها التدقيق المالي الجنائي لمحاسبة الذين سرقوا أموال اللبنانيين والدولة على حد سواء».

 

باسيل

وفيما لوحظ انّ لقاءات وزير الخارجية المصرية لم تشمل أمس رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الا ان باسيل اطلق تغريدة لافتة للانتباه في مضمونها قال فيها: «أبديتُ وما زلتُ أبدي كل التجاوب مع أي رغبة فرنسية بزيارة باريس، او بلقاء في اي مكان ومع ايٍّ كان، بلا عِقد أو حجج، ومن دون المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية أو التعرّض لدوره شكلاً ومضموناً. فالهَم واحد أوحد هو تنفيذ الاصلاحات بدءاً بتأليف الحكومة».

 

أضاف: « لكن رغم كل ذلك، ورغم قرار التيّار عدم المشاركة في الحكومة مع تقديم كل تسهيل لتشكيلها وإزالة كل العقبات امامها، ورغم تحديد أكثر من موعد وفرصة، جاء من يعطّل كل محاولة فيها أمل… سنبقى نتجاوب، ضمن الأصول، مع كلِّ مسعى خارجي أو داخلي، ولن نيأس إلى ان يبصر الحل النور».

 

التدقيق الجنائي

في هذا الوقت، كان لافتاً في موازاة زيارة الوزير المصري الى بيروت، وكذلك وزير الخارجية السويسري الذي زار القصر الجمهوري امس، مبادرة رئيس الجمهورية الى فتح معركة التدقيق الجنائي، معلناً في اطلالة تلفزيونية مساء امس انّ «سقوط التدقيق الجنائي يعني ضرب المبادرة الفرنسية، لأنّ من دونه لا مساعدات دولية ولن يكون مؤتمر «سيدر» ولن يكون دعم عربي وخليجي أو صندوق دولي».

 

إنطلق عون في كلمته من الاجتماع الذي عقد امس الاول بين ممثلين عن وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان وشركة «الفاريز ومارسال»، من دون التوصل الى نتيجة ملموسة حيث تقرر عقد اجتماع آخر يوم الجمعة. ورأى في ذلك «مُماطلة مؤكدة، تدل على عدم وجود إرادة بإجراء التدقيق الجنائي».

 

واكد «انّ مسؤولية القيادات السياسية وغير السياسية كبيرة امام الله والشعب والقانون، وما كان ليحصل ما حصل لو لم توفّروا أنتم بالحد الأدنى الغطاء للمصرف المركزي والمصارف الخاصة ووزارة المال». وحمّل «المسؤولية الأساسية لمصرف لبنان»، وكذلك للمصارف، وقال: جميع الحكومات والإدارات والوزارات والمجالس والهيئات مسؤولة عن كل قرش أُهدِر عبر السنوات، وجميعها يجب ان يشملها التدقيق الجنائي. وتوجّه عون الى ما سماها «الدول التي تدّعي التضامن مع الشعب اللبناني»، وقال: «تطالبون بالشفافية في المصرف المركزي وسائر القطاع المصرفي وبالإصلاحات المالية والنقدية، فساعدونا على كشف عمليات تحويل أموالٍ أَخذت بعد 17 تشرين الأول 2019 طابع التهريب المالي. هذه الأموال هي بالعملات الأجنبية، وتم تحويلها من لبنان الى مصارف معروفة في العالم. عمليات كهذه لا يمكن إخفاؤها؛ واذا توفر القرار فنحن قادرون على معرفة مَن حوّل أموال اللبنانيين الى الخارج، وقادرون على التحقيق والتدقيق لنكشف ما اذا كانت هذه الأموال نظيفة، وكيف حصل عليها أصحابها، وهل من إمكانية لاسترجاعها. وخَلص الى دعوة الحكومة لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس، وكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق.

 

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

العقوبات الأوروبية على الطاولة.. وعون يتحصّن «بالتدقيق الجنائي»!

شكري: معالجة الإنسداد الحكومي باحترام الطائف.. ومحاولات لاقناع دياب بجلسة للحكومة

 

ذكر وزير الخارجية المصري سامح شكري انه بعد زيارة سابقة له إلى لبنان للتضامن معه، بعد انفجار مرفأ بيروت، قبل ثمانية أشهر، «لا يزال هناك انسداد سياسي، ولا تزال الجهود تبذل لتشكيل حكومة من الاختصاصيين قادرة على تحقيق استقرار لبنان المهم له وللمنطقة ولمصر».

 

أهمية كلام شكري انه جاء في مستهل زيارة لثماني ساعات، بدأت قبل الظهر في بعبدا، بلقاء مع الرئيس ميشال عون، الذي أرتأى أن يوجه رسالة غير مسبوقة حول «التدقيق الجنائي»، محملاً مصرف لبنان المسؤولية عن عدم الجدية والمماطلة، كما حمل المصارف «مسؤولية واضحة» عن «التصرف بعدم مسؤولية» بأموال المودعين، طمعاً بالربح السريع، ومن دون «توزيع مخاطر»، داعياً إلى شمول التدقيق الجنائي جميع الحكومات والإدارات والوزارات والمجالس والهيئات المسؤولة عن كل قرش أهدر عبر السنوات..

 

وإذا كان الرئيس عون دعا حكومة تصريف الأعمال لجلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب وحماية ودائع النّاس، وكشف أسباب الانهيار، فإن المسار الحكومي الذي استطلع أسباب استمرار تعثره أو انسداده رئيس الدبلوماسية المصرية، عاد إلى القعر مجددا».

 

وبدا ان مختلف الأطراف المعنية غسلت يدها من كلام عن مبادرة أو توجه إلى عقد لقاءات مصالحة ومعالجة في باريس. فلا رئيس التيار الوطني الحر طلب زيارة العاصمة الفرنسية، ولا إدارة الملف في الاليزيه استنسبت دعوته، في ظل اعتراض الرئيس المكلف سعد الحريري على الاجتماع معه، سواء في بيروت أو باريس، لأن الجهة المولجة بتأليف حكومة هي الرئيس المكلف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وفقاً لمنطوق المادة 53 من الدستور.

 

واعتبرت مصادر سياسية رداً على سؤال لـ«اللواء» أن وزير الخارجية المصرية لم يحمل معه مبادرة إنما ابدى استعداد بلاده لأي مساعدة تصب في إطار إنهاء الأزمة في لبنان. ولفتت إلى أن الوزير المصري اعاد التأكيد على أهمية الإسراع في تأليف الحكومة في لبنان وإن هناك تفاهما مع الجانب الفرنسي في هذا المجال لأن عملية التشكيل تفتح الباب للدعم الإقليمي والدولي مبديا في محادثاته مع رئيس الجمهورية قلق مصر من التأخير الحاصل في هذا المجال وتداعياته على الوضع اللبناني.

 

وأوضحت المصادر أن رئيس الديبلوماسية المصرية كرر بذل الجهود لدعم لبنان وشدد على ضرورة الالتزام بأتفاق الطائف.

 

في سياق متصل قالت أوساط مراقبة أن الوزير المصري استطلع الوضع واستفسر عنه، لكن لم يحمل معه أفكارا محددة تساعد على تحقيق أي خرق، ورأت أن الملف الحكومي يراوح مكانه ولم ترصد تطورات في إطار الحلحلة وبالتالي التصلب في المواقف لا يزال قائما بإنتظار ما ستؤول إليه بعض الاتصالات الداخلية والخارجية.

 

وفي الوقت الذي ثمن فيه مصدر وزاري سابق الاهتمام الدولي بلبنان في هذه المرحلة، لفت إلى ان الفرنسي كما المصري جادان في مساعدة لبنان على تجاوز ازمته وتأليف حكومة في أقرب وقت لكي تقوم بالاصلاحات المطلوبة لكي يقدم المجتمع الدولي المساعدة.

 

لكن المصدر استبعد أن يكون التحرّك الفرنسي منسقاً مع التحرّك المصري وإن كان الهدف واحداً، لافتاً إلى ان الفرنسيين أبدوا استعداداً لتقديم تنازلات في ما خص عملية التأليف، لكن الرئيس الحريري ما زال يرفض تقديم أي تنازل، موضحاً ان هذا الأسبوع والذي سيليه سيكونان حافلين بالاتصالات والمشاورات داخلياً ومع الخارج في سبيل تذليل العقبات التي ما تزال تعترض عملية تأليف الحكومة، معتبراً أن العقد ما تزال مستعصية حتى هذه الساعة.

 

شكري: رسائل ونصائح

 

ومع جمود الحركة السياسية الداخلية، نقل وزير خارجية مصر سامح شكري امس، رسالة للرئيس ميشال عون من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، وجال على كلٍّ من الرئيس نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والتقى في مقر إقامته رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واجرى اتصالا برئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قبل ان يُنهي جولته بلقاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ويعقد من بيت الوسط مؤتمراً صحافياً. ولكنه استثنى من لقاءاته رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ووزير الخارجية شربل وهبه ولو بلقاء بروتوكولي، ربما لأنهما غير معنيين بتشكيل الحكومة.

 

لكن استثناء كلٍ من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحزب الله، حمل رسائل سياسية كثيرة ما لم يكن لديه سبب مقنع، كونهما ايضا معنيين بتشكيل الحكومة.

 

وعلمت «اللواء» ان الوزير شكري لم يحمل مبادرة مصرية بمعنى الكلمة لحل الأزمة الحكومية، بل حمل نصائح واكد على دعم المبادرة الفرنسية وعلى إبقائها حية، وشدد على ضررة تلقف القوى السياسية المبادرات والأفكار المطروحة لتشكيل الحكومة، ومنها المبادرة الاخيرة للرئيس نبيه بري.

 

واشارت مصادر المعلومات الى ان شكري على تنسيق مع فرنسا، وقالت: أن مصر ترى ان هناك مخاطر على لبنان والقلق كبير اذا تأخر تشكيل الحكومة، نظراً للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية القائمة. وهوفي الوقت ذاته اكد على وقوف مصر الدائم الى جانب لبنان ومحبتها له.

 

وتأتي زيارة الوزير شكري، بحسب بيان صادر عن المكتب الاعلامي للسفارة المصرية، «في إطار الجهود المصرية الرامية إلى حض الأفرقاء السياسيين اللبنانيين على الإسراع في تشكيل الحكومة الإنقاذية، وذلك في ضوء الحرص الكبير لدى القيادة السياسية المصرية على استقرار لبنان وتجاوزه للأزمات التي يمر بها حاليا».

 

وبعداللقاء مع الرئيس عون، شدد الوزير شكري على أن «الاطار السياسي يحكمه الدستور واتفاق الطائف، ويجب الالتزام بهذه الدعائم الرئيسية للاستقرار». وأكد ان مصر مستمرّة ببذل كل الجهود للتواصل مع كل الجهات للخروج من الأزمة.

 

وقال: بعد 8 اشهر من زيارتي الماضية، لا زال هناك انسداد سياسي، والجهود تبذل لتشكيل حكومة اختصاصيين وتحقيق الاستقرار، وهذا مهم لكل المنطقة ومصر وليس فقط للبنان. مشددا على ضرورة قيام حكومة اختصاصيين ليصل الدعم الدولي الى لبنان.

 

اما الرئيس عون فشرح، حسب المعلومات الرسمية، للوزير المصري «العقبات التي واجهت مسار تشكيل الحكومة». وتمنى « ان تثمر هذه الجهود عن نتائج إيجابية، لاسيما اذا ما توافرت إرادة حقيقية للخروج من هذه الازمة، من خلال اعتماد القواعد الدستورية والميثاقية التي يقوم عليها النظام اللبناني، وبالتعاون مع جميع الأطراف اللبنانيين من دون اقصاء او تمييز.  وشدد الرئيس عون على دقة المهمات التي ستلقى على عاتق الحكومة الجديدة لاسيما في مجال الإصلاحات الضرورية التي يلتقي اللبنانيون والمجتمع الدولي في المناداة بها والعمل على تحقيقها، وفي مقدمها التدقيق المالي الجنائي.

 

وبعد اللقاء مع الرئيس بري، اعلن شكري «أنه نقل القلق الذي ينتاب مصر بسبب استمرار الازمة السياسية في لبنان. وجدد الدعوة لتشكيل حكومة اختصاصيين واضطلاع الحكومة بمسؤولياتها كاملة لمواجهة التحديات الراهنة. وقال: إن استقرار لبنان حيوي بالنسبة لاستقرار لبنان واستقرار المنطقة حيوي ايضاً لمصلحتنا المشتركة.

 

وفي بكركي، شكر البطريرك الراعي الوزير شكري على «وقوف مصر الى جانب لبنان وشعبه، خاصة أثناء الأزمات والمحن وآخرها تفجير مرفأ بيروت». وكان توافق على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة «تتمكن من العمل على الاصلاحات المطلوبة والتي ستفتح مجالات الدعم الاقليمي والدولي للبنان».

 

وبعد لقاء الحريري، قال شكري: أكّدت للرئيس الحريري دعم مصر تشكيل حكومة مهمّة، بعيدة عن التجاذبات السياسية لاستعادة لبنان موقعه الطبيعي. ونتطلّع للحوار مع الجميع للخروج من هذه الأزمة بالاعتماد على الأرضية القانونية المتعلقة بالدستور واتفاق الطائف. إن مصر حريصة على أمن واستقرار لبنان وهذا يقتضي إضطلاع الجميع بمسؤولياتهم وانهاء حالة الجمود الراهنة.

 

لودريان العقوبات آتية

 

وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان «أن بلادة ستتخذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية».

 

وقال لودريان: أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين. القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد، على الرغم من تعهداتها، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة.

 

وزير خارجية سويسرا

 

على هامش ما يجري بدأ وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس زيارة الى بيروت على رأس وفد، وزار امس، رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، وعرض معه العلاقات بين البلدين، والمساعدات التي قدمتها سويسرا الى لبنان.

 

التهرب من مسؤولية التعطيل

 

ووصفت مصادر سياسية كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون بالامس بتسخين ملف التحقيق الجنائي وتصويب السهام والاتهامات بعرقلة تنفيذه  باكثر من اتجاه، بانها محاولة متجددة للتهرب من مسؤولية الرئاسة في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والالتفاف على المطالبة الملحة لتشكيلها في أقرب وقت ممكن، وتوجيه انظار الناس بعيدا عن مواصلة الضغوط على رئيس الجمهورية وتحميله بالداخل والخارج مسؤولية التعثر والاهتراء السياسي وانهيار الدولة.

 

واعتبرت انه لم يكن توقيت كلام الرئيس في هذا الظرف بالذات مصادفة خلال زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت، او هكذا بالتزامن مع الموقف الفرنسي العالي النبرة الذي اعلنه وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، بل تم التحضير له على عجل لحجب الأنظار والتقليل من اهمية الاهتمام العربي والدولي بلبنان.

 

وتقول «المصادر صحيح ان ملف التدقيق الجنائي مهم ولكن مهمة متابعته حتى النهاية يتطلب اولا تسريع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة مهمتها الاساسية اجراء الاصلاحات المطلوبة في كل القطاعات والادارات التي شملها الفساد وفي مقدمتها وزارة الطاقة، لا ان يستعمل كفزاعة واسلوب للتهويل والانتقام السياسي كما هو حاصل اليوم وليس في اطار نهج اصلاحي، تتولاه الحكومة الجديدة».

 

وتساءلت المصادر ما هي الفائدة من تاجيج معارك وهمية حول ملف التدقيق الجنائي واثارة مزيد من الخلافات السياسية مع اطراف ومسؤولين بالدولة، في حين يتطلب الوضع اعادة التواصل وتحقيق الحد الأدنى من التوافق لتشكيل الحكومة العتيدة والمباشرة بخطوات سريعة لإنقاذ البلد مما يتخبط فيه، ولكن لا يبدو أن رئيس الجمهورية يريد تشكيل الحكومة في الوقت الحاضر.

 

عون يتقدّم أو يتحصن بالتحقيق الجنائي؟

 

وعلى مسافة يوم واحد، يعود ممثلون من وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان وشركة «الفاريز ومارسال» إلى الاجتماع غداً، وهو الثاني من نوعه، بعدما عجز الاجتماع الأوّل، الثلاثاء الماضي عن التوصّل إلى أية نتيجة، واستباقاً، كشف الرئيس عون في رسالة موجهة إلى اللبنانيين ان ما أسفر عنه اللقاء الثلاثي الأوّل ينم عن «مماطلة مؤكدة» وهو دليل على عدم وجود إرادة بالتنفيذ، بعد استبدال المفاوضات بالمراسلات عن بعد وخفض مستوى المتفاوضين.

 

وكشف ان «الفاريز ومارسال» وجهت بواسطة وزير المال 133 سؤالاً لمصرف لبنان، الذي أجاب عن 60 منها ورفض الإجابة عن البقية..

 

واشار رئيس الجمهورية الى ان التدقيق المالي الجنائي واجه عراقيل عدّة «كنا نفككها تباعا» واستمرت العرقلة الى ان اعترف وزير المال منذ بضعة أيام ان المصرف المركزي يمتنع عن الإجابة على عدد كبير من أسئلة شركة الفاريز ومارسال.وقال: «لقد صار واضحا ان هدف المماطلة هو دفع الشركة الى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب».

 

وحمل الرئيس عون المصرف المركزي المسؤولية الأساسية «لانك خالفت قانون النقد والتسليف، وكان لزاماً عليك ان تنظم العمل المصرفي، وتأخذ التدابير لحماية أموال النّاس في المصارف، وتفرض معايير الملاءة والسيولة».

 

كما حمل المصارف «المسؤولية الواضحة» ولا يمكن «ان تهربوا من الحقيقة، فالناس اودعتكم اموالها، وأنتم تصرفتم بعدم مسؤولية طمعاً بالربح السريع، ومن دون «توزيع مخاطر» على ما تقتضيه أصول المهنة».

 

وتوجه إلى الدول التي تدعي التضامن مع الشعب اللبناني: هذه الأموال هي بالعملات الأجنبية وتم تحويلها من لبنان الى مصارف معروفة في العالم. عمليات كهذه لا يمكن إخفاؤها؛ واذا توفر القرار فنحن قادرون على معرفة من حوّل أموال اللبنانيين الى الخارج، وقادرون على التحقيق والتدقيق لنكشف ما اذا كانت هذه الأموال نظيفة، وكيف حصل عليها أصحابها، وهل من إمكانية لاسترجاعها». «إن التدقيق الجنائي هو البداية، ولعلها معركةٌ أصعب من تحرير الأرض لأنها ضد الفاسد والحرامي اللذين هما اخطر من المحتل والعميل. فمن يسرق أموال الناس يسرق وطناً».

 

وإذ دعا حكومة تصريف الأعمال لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب لحماية ودائع النّاس، وكشف أسباب الانهيار، وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق، اعتبر ان سقوط التدقيق الجنائي يعني ضرب المبادرة الفرنسية، لأن من دونه لا مساعدات دولية، ولا مؤتمر سيدر، ولا دعم عربي وخليجي ولا صندوق دولي.

 

ودعا الرئيس عون اللبنانيين إلى وضع خلافاتهم السياسية جانباً، وقال: «أتقدمكم في معركة كشف أكبر عملية نهب بتاريخ لبنان فكونوا معي. ضعوا خلافاتكم السياسية جانباً وثقوا بأننا لن ندعهم يسرقون الشعب ويقهرون أمّاً ويذلّون أباً ويهينون مريضاً».

 

وعلمت «اللواء» ان اتصالات جرت وتجري مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، للدعوة إلى عقد جلسة استثنائية حول «التحقيق الجنائي» لم تصل بعد إلى حدّ الموافقة، من زاوية موقفه المكرر من ان الأولوية لتأليف حكومة جديدة.

 

سياسياً، انكر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حسب اوساطه، ان يكون تلقى دعوة لزيارة فرنسا، والبحث بإمكان اجتماعه مع الرئيس المكلف سعد الحريري، معرباً عن استعداده لتلبية الدعوة في حال وجهت إليه..

 

واتهمت الأوساط الحريري بعدم الرغبة بعقد لقاء مع باسيل في باريس، وانه يسعى لتسمية الوزراء المسيحيين ليضمن النصف + واحد في الحكومة وهو الأمر الذي لن تقبل به بعبدا.

 

ورفع المطارنة الموارنة في بيانهم الشهري الدعوات لتأليف حكومة إنقاذية تنفذ الإصلاحات المطلوبة مشددين على تحميل المسؤولين عواقب استعصاء التوافق السياسي وانسداد الأفق امام إخراج لبنان من محنته المتشعبة.

 

ملاحقة سلامة

 

قضائياً، ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على خلفية تحويلات مصرفية أدّت إلى المضاربة على العملة الوطنية وتسببت بانهيارها.

 

يوميات الأزمة

 

وفي يوميات الأزمة، علّق اصحاب الصيدليات اضرابهم الذي كان مقررا اليوم، فيما نفذت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان اعتصامات في مختلف المناطق احتجاجا على سوء اوضاع القطاع، فانطلقت مسيرات للشاحنات والصهاريج والفانات في كل المناطق، من بينها مسيرة من الدورة باتجاه وزارة الداخلية والبلديات للانضمام الى التجمع المركزي الذي دعت اليه الاتحادات، وسلكت خط الكرنتينا – الصيفي – بلدية بيروت – برج المر – شارع الحمرا – أبو طالب وصولا الى وزارة الداخلية، حيث نفّذوا اعتصاماً أمامها. وطالب المعتصمون بـ «ان يكون سعر صفيحة البنزين 25 الف ليرة لسائقي السيارات العمومية ووقف المعاينة نظرا إلى الاذلال الذي يتعرض له المواطن وخصوصا سائق «التاكسي».

 

وفي الشمال، اعترض محتجون عند جسر نهر البارد في بلدة المحمرة على الطريق الدولية بين لبنان وسوريا، 4 شاحنات مبردة مخصصة للنقل الخارجي وبداخلها كميات من البنزين والمازوت المهرب بعضها معبأة بغالونات، فتمت مصادرتها، وحضرت دورية للجيش الى المكان، وتمت معالجة الامور.

 

اجتماع الناقورة

 

في مجال آخر، أعلنت قيادة «اليونيفيل» في بيان «أن رئيس بعثتها وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول رأس أمس اجتماعا ثلاثيا استثنائيا مع ضباط القوات المسلحة اللبنانية الكبار والجيش الإسرائيلي في موقع للأمم المتحدة في رأس الناقورة، حيث انعقد الاجتماع بشكل معدل بسبب القيود التي فرضتها جائحة الكوفيد-19. وتركزت المناقشات على الوضع على طول الخط الأزرق والانتهاكات الجوية والبرية، بالإضافة إلى قضايا أخرى تدخل في نطاق ولاية اليونيفيل بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701. وشجع اللواء ديل كول الأطراف على الاستمرار في الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها اليونيفيل لتجنب امكانية التوترات والتصعيد.

 

485918 إصابة

 

صحياً، أعلنت وزارة الصحة، في تقريرها اليومي عن تسجيل 3120 إصابة جديدة بفايروس كورونا و33 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية ليرتفع العدد التراكمي إلى 485918 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.

 

****************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

باريس ترفع اللهجة بوجه القوى اللبنانية العمياء : اجراءات ضد المعرقلين وأيام حاسمة

 محمد بلوط

ما هي السيناريوهات الفرنسية بعد فشل محاولة مصالحة الحريري وباسيل في الأليزيه ؟

 

عون يعلن معركة التدقيق الجنائي ويحمل المصرف المركزي مسؤولية التأخير

 

سجلت في الساعات الماضية مواقف وتحركات ناشطة تؤشر الى تطورات محتملة على صعيد مسار الازمة وعملية تاليف الحكومة ، لكن الاجواء بقيت ضبابية لا سيما في ظل التوتر المستمر على محور بعبدا – بيت الوسط.

 

وفي الوقت الذي كان وزير الخارجية المصري سامح شكري يجول على المسؤولين وقيادات سياسية في اطار زيارته امس للبنان من اجل الدفع باتجاه حسم موضوع الحكومة ، برز تحذير فرنسي عالي النبرة على لسان وزير الخارجية جان ايف لودريان يوحي بأن باريس نفد صبرها، وانها في صدد اتخاذ تدابير واجراءات معينة حيال معرقلي الحل في لبنان في الايام المقبلة سعيا لحسم الموقف.

 

وفي تحذيره قال لودريان «ان فرنسا ستتخذ اجراءات بمن غلبوا مصالحهم وعرقلوا حل الازمة في لبنان ، وان الايام المقبلة ستكون حاسمة ومصيرية».

 

واضاف «ان الازمة اللبنانية ليست نتيجة كارثة طبيعية بل نتيجة مسؤولين سياسيين معروفين جدا»، مشيرا الى «ان هناك اطرافا سياسية في لبنان تضع مطالب تعجيزية ، وان القوى السياسية اللبنانية تعمي البصيرة ولا تتحرك لانقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها ، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الازمة».

 

ولم يكشف الوزير الفرنسي عن طبيعة الاجراءات التي ستتخذها بلده حيال من يعرقل ولا عن الجهات التي تعرقل الحلول في لبنان، لكنه تحدث عن ايام مقبلة مصيرية.

 

واستبعد مصدر سياسي مطلع للديار ان تقدم باريس على فرض عقوبات على جهات او اشخاص او مسؤولين في هذا الوقت لان من شأن ذلك ان يعقد الموقف اكثر ويخلق اهتزازا في الدور الفرنسي الوسيط. لكنه لم يستبعد ان ترفع باريس من وتيرة ضغوطها السياسية والمعنوية على بعض الاطراف والمسؤولين المعنيين.

 

في هذا الوقت لم تتوقف المساعي والجهود المحلية لاخراج الحكومة من عنق الزجاجة . وقال مصدر سياسي مطلع للديار امس ان ابرز هذه المساعي هي التي يقوم بها الرئيس بري من خلال استكمال طرح وبحث الافكار والاقتراحات التي من شأنها تذليل العقبات الباقية من امام تشكيل الحكومة.

 

وكشف المصدر ان الرئيس بري يركز تواصله مع الرئيس الحريري من خلال معاونه السياسي النائب علي حسن خليل الذي زار بيت الوسط اول من امس لهذه الغاية، وانه على تواصل دائم ايضا مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

 

واضاف المصدر ان حزب الله على تنسيق دائم مع بري، وانه يتواصل مع بعبدا ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في سعي مشترك للثنائي الشيعي من اجل تقريب المسافة بين بعبدا وبيت الوسط وانتاج الحل.

 

واشار الى انه جرى مؤخرا حسم خيار تشكيل الحكومة من ٢٤ وزيرا والاتفاق المبدئي على توزيعة ٨،٨،٨ . لكن هناك امورا اخرى هي قيد التفاوض تتعلق بوزارتي الداخلية والعدل وبتسمية الوزيرين المسيحيين الاضافيين.

 

ولم يخف المصدر قلقه من استمرار التوتر الشديد في العلاقة بين عون والحريري الذي يساهم في عدم تسريع التأليف ، لكنه اشار في الوقت نفسه الى ان اعادة التطبيع بين الرجلين ليست مهمة مستحيلة لانهما محكومان بالتوافق على التشكيلة الحكومية.

 

سيناريوهات التحرك الفرنسي

 

وفي ضوء اللغط حول التحرك الفرنسي الاخير وما سعت وتسعى اليه باريس لاستضافة اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين واطراف سياسية لبنانية، قال مصدر لبناني مطلع شارك في اجتماع «سان كلو» سابقا للـ «الديار» : «هناك افكار عديدة درستها وتدرسها فرنسا في السعي للانتقال من مرحلة المراوحة الى مرحلة حسم الخيارات لانجاز الحكومة . وان من بينها اجتماع الرئيس ماكرون مع الرئيس الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ومصالحتهما في الاليزيه ، لكن هذه الفكرة التي طرحت جديا تعطلت في اللحظة الاخيرة بعد تسريبها للاعلام ومعارضة الرئيس المكلف الاجتماع مع باسيل قبل حسم موضوع الحكومة مع الرئيس عون».

 

وردا على سؤال قال المصدر «ان فكرة عقد لقاء موسع مع الاطراف اللبنانية وممثلين عنهم في سان كلو الفرنسية لم تطرح بعد ، ولم يتبلغ احد من الاطراف بها «، مرجحا ان باريس لا تريد الاقدام على مثل هذه الخطوة في الوقت الراهن خصوصا في ظل عدم توافر الضمانات الكافية لنجاحها، وانها ربما تفعل ذلك كباكورة لحل ما للازمة الحكومية».

 

وفي شأن ما يجري الحديث عنه حول عقوبات فرنسية محتملة على مسؤولين لبنانيين قال المصدر «ان مثل هذا الخيار مستبعد ولم يطرح على طاولة الادارة الفرنسية لاعتبارات عديدة، اولا ان الشروط والآلية القضائية الفرنسية لفرض مثل هذه العقوبات هي معقدة وتحتاج الى ترتيبات معينة وتستلزم وقتا. ثانيا ان باريس لا تريد التماثل بتجربة الرئيس الاميركي السابق ترامب الفاشلة لانها لم تؤد الى اي نتيجة ايجابية. ثالثا ان لجوء فرنسا الى العقوبات ضد بعض المسؤولين والاطراف المتهمة بتعطيل تاليف الحكومة ستفقدها دور الوسيط ، وبالتالي سيؤثر في مبادرتها».

 

وكشف المصدر المطلع عن مسؤول فرنسي قوله «ان فرنسا لم ولن تتوقف عن البحث في كل ما يمكن ان يؤدي الى تسريع تشكيل الحكومة اللبنانية ، وهي ماضية وعازمة على المضي في مبادرتها وتنشيطها ولن توقفها تحت اي ظرف. وتركز في الوقت الراهن على ممارسة كل اشكال الضغط المعنوي والسياسي على الاطراف اللبنانيين وخصوصا المعرقلين منهم لتحقيق الحلول في اسرع وقت ممكن».

 

وتجنب المسؤول الفرنسي الحديث عن طرف اوشخص محدد متهم بالتعطيل في لبنان، لكنه اضاف «ان اي اجتماع مع قيادي او مسؤول لبناني لن يكون من اجل الاستماع الى موقفه فحسب لان المواقف صارت معروفة ، بل سيكون من اجل حضه على التخلي عن شروطه المتشددة ووضعه امام مسؤولياته وحسم موقفه لمصلحة تاليف الحكومة».

 

وختم المصدر «ان الفرنسيين يبحثون اليوم كل الافكار والمحاولات الممكنة لفرض اجواء ضاغطة على الجميع للاسراع في تشكيل الحكومة ، وان تحركهم مفتوح على سيناريوهات متعددة ستتبلور قريبا».

 

 باسيل

 

وفي سياق متصل قال النائب باسيل امس «ابديت وما زلت ابدي كل التجاوب مع اي رغبة فرنسية بزيارة باريس، او بلقاء في اي مكان ومع اي كان، بلا عقد او حجج ، ومن دون المس بصلاحيات رئيس الجمهورية او التعرض لدوره شكلا ومضمونا. فالهم واحد اوحد هو تنفيذ الاصلاحات بدءا بتاليف الحكومة».

 

ولفت في تصريح على وسائل التواصل الاجتماعي الى انه «رغم كل ذلك، ورغم قرارالتيار عدم المشاركة في الحكومة مع تقديم كل تسهيل لتشكيلها وازالة كل العقبات امامها ، ورغم تحديد اكثر من موعد وفرصة، جاء من يعطل كل محاولة فيها ، سنبقى نتجاوب ، ضمن الاصول مع كل مسعى خارجي، ولن نيأس الى ان يبصر الحل النور».

 

وربطت مصادر مطلعة بين كلام باسيل وموضوع لقاء المصالحة الذي جرى الحديث عنه بينه وبين الحريري في الاليزيه والذي كان مقررا الاربعاء. وقالت للديار ان اللقاء كان جرى التحضير له الا ان باريس عدلت عن الفكرة بعد تسربه  الى وسائل الاعلام ومعارضة الحريري.

 

 عون ومعركة التدقيق

 

من جهة اخرى شدد الرئيس عون في رسالة الى اللبنانيين امس على «ان التدقيق الجنائي هو البداية لمعركة اصعب من معركة تحرير الارض، وهي معركة ضد الفاسد والحرامي».

 

وقال «ان سقوط التدقيق الجنائي يعني ضرب المبادرة الفرنسية لان من دونه لا مساعدات دولية ولا مؤتمر سيدر ولا دعم عربي وخليجي ولا صندوق دولي».

 

وراى ان اسقاط التدقيق الجنائي هو ضرب لقرار الحكومة ، داعيا اياها لعقد جلسة استثنائية لاتخاذ القرار المناسب وحماية اموال وودائع الناس».

 

واكد عون «ان الشكوك كانت تتاكد يوما بعد يوم بان حسابات المصرف المركزي غير شفافة ولم يكن يعرف حجم النقص في الاحتياط بالعملات الاجنبية وهو نقص كانت تتم تغطيته من اموال المودعين خلافا للقانون».

 

واتهم المصرف المركزي بعرقلة التدقيق الجنائي بذرائع عديدة، منها قانون السرية المصرفية وغيرها . وقال «ان العرقلة استمرت في تنفيذ التدقيق الجنائي الى ان اعترف وزير المال منذ بضعة ايام ان المصرف المركزي يمتنع عن الاجابة عن عدد كبير من اسئلة شركة الفاريز ومارسال».

 

وقال «ان شركة الفاريز ومارسال وجهت بواسطة وزير المال ١٣٣ سؤالا الى المصرف المركزي الذي اجاب عن ستين منها ورفض الاجابة عن البقية اما بحجة انها مخالفة قانون النقد والتسليف او لان لا جواب لديه…».

 

وحمل المصرف المركزي المسؤولية قائلا « المسؤولية الاساسية تقع عليك . انت خالفت قانون النقد والتسليف ، وكان لزاما عليك تنظيم العمل المصرفي واتخاذ التدابير اللازمة لحماية اموال الناس في المصارف».

 

جولة شكري

 

وفي هذه الاجواء برزت امس زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري في مهمة وصفت بانها تتكامل مع المبادرة الفرنسية وتهدف الى حض المسؤولين اللبنانيين على تشكيل الحكومة باسرع وقت.

 

وقالت مصادر مطلعة ان الوزير المصري لم يحمل مبادرة او مقترحات معينة ، لكنه ابلغ المسؤولين والسياسيين اللبنانيين الذين التقاهم قلق مصر من تفاقم الوضع اللبناني وتداعياته ايضا على المنطقة ، مجددا ان القاهرة مستعدة لتقديم كل دعم من اجل الخروج من الازمة وتاليف الحكومة.

 

ولفتت المصادر الى ان التحرك المصري هو التحرك العربي المباشر اليوم باتجاه لبنان ، وان هناك تتسيقا وتعاونا واضحين بين القاهرة وباريس لرفع وتيرة زخم الجهود لحسم موضوع الحكومة .

 

والتقى شكري الرؤساء عون وبري والحريري والبطريرك الراعي وكلا من جنبلاط ورئيس المردة سليمان فرنجية ورئيس الكتائب سامي الجميل واتصل برئيس « القوات اللبنانية « سمير جعجع بسبب اصابته بكورونا.

 

ونقل للرئيس عون رسالة تضامن من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ودعا الى الخروج من الازمة في اطار «الحفاظ على الدستور واتفاق الطائف».

 

كما اعرب في عين التينة عن تقدير مصر وتثمينها للدور والمبادرات التي يقوم بها الرئيس بري لاخراج لبنان من ازمته.

 

وقالت مصادر مواكبة لاجواء زيارة الوزير المصري للديار انه على الرغم من عدم طرحه مبادرة او مقترحات محددة لتاليف الحكومة ، فانه شدد على النقاط الاتية :

 

– تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين تحظى بثقة داخلية وخارجية لتنفيذ مهمتها الانقاذية.

 

– التاكيد على ضرورة تعاون الجميع في لبنان لانجاز الاستحقاق الحكومي سريعا وفقا للدستور واتفاق الطائف.

 

– حرص مصر على التوافق بين جميع المسؤولين لتعزيز رصيد الحكومة وعملها الاصلاحي.

 

– دعم مصر مهمة الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة.

 

من جهة ثاني توقفت الاوساط السياسية عند استنثاء الوزير شكري من جدول لقاءاته حزب الله وباسيل، طارحة علامات استفهام حول اسباب وخلفيات هذا الاستثناء. وقالت ان هناك تاويلات كثيرة حول عدم لقائه باسيل خصوصا ومنها انها ربما تكون رسالة مصرية تشير الى انزعاجها من موقفه من موضوع الحكومة. كما توقف عند كلام الرئيس عون خلال استقباله شكري وقوله «ان الخروج من الازمة يكون باعتماد القواعد الدستورية والميثاقية وبالتعاون بين جميع الاطراف من دون اقصاء او تمييز».

 

وقالت ان رئيس الجمهورية في موقفه هذا يغمز صراحة من قناة الرئيس الحريري لجهة رفضه التعاون او اللقاء مع باسيل.

 

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

تحذير فرنسي شديد .. ومساع مصرية  

 

مصر وسويسرا والمانيا، كلها في بيروت لدعم لبنان العاجز عن دعم نفسه او بالاحرى المصّر على العيش في جهنم مجموعة مسؤولين لا يرون فيه سوى قالب جبنة يتقاتلون عليه ولو بات عفناً، ومثلهم الشعب يتقاتل على  ليتر البنزين وكيس السكر وغالون الزيت  ودولار تتحكم به سوق سياسية سوداء كأيام اللبنانيين المعلق مصيرهم ومستقبلهم على لقاء رئيس مكلف مع رئيس تيار لا يعقد لنكايات شخصية وغايات في نفس الطامحين لترؤس الجمهورية، فيما الجهود تنصب فقط على عدم التفريط بقليل تم انجازه بعد اتصالات استلزمت جهودا كونية، من دون ان تكمل مشهد البازل الحكومي.

 

وزير خارجية مصر سامح شكري نقل رسالة للرئيس ميشال عون، لكن جولته حملت رسائل كثيرة اخرى، ان لطبيعة لقاءاته التي استثنت رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحزب الله، او لاختياره بيت الوسط لعقد مؤتمر صحافي بما تعني هذه الرسالة من جانب المسؤول المصري الذي حط في فرنسا قبل لبنان.

 

التأليف جامد

 

مسار التأليف عاد الى دائرة الجمود مع توقّف كل المساعي الانقاذية المحلية وعدم نجاح الفرنسيين في تحقيق اي خرق حتى الساعة، لاسيما على خط جمع القيادات السياسية وعلى رأسهم الرئيس الحريري والنائب باسيل.

 

رسالة عون

 

وسط هذه الاجواء، وجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مساء امس رسالة الى اللبنانيين عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة تناول فيها التدقيق الجنائي.

 

واعتبر ان التدقيق المالي الجنائي واجه عراقيل عدة «كنا نفككها تباعا»، وقال: « لقد صار واضحا ان هدف المماطلة هو دفع الشركة الى اليأس لتغادر لبنان وتوقف بالتالي التدقيق الجنائي ويفلت المجرمون من العقاب.»

 

الميثاق والدستور

 

وامس تصدّرت الحركة المصرية، المنسقة مع الفرنسيين، واجهة الحدث اللبناني السياسي امس. فقد جال وزير الخارجية المصرية سامح شكري الآتي من باريس، على القوى السياسية باستثناء حزب الله ورئيس التيار، مشددا على ضرورة قيام حكومة اختصاصيين ليصل الدعم الدولي الى لبنان.، وعلى ضرورة احترام الدستور واتفاق الطائف.

 

وأضاف شكري: «لقد كانت آخر زيارة لي للبنان منذ ثمانية اشهر بعد انفجار مرفأ بيروت وكانت هناك مؤازرة على المستوى الإقليمي والدولي، وتطلع بان ينهض لبنان للتعامل مع التحديات سواء السياسية منها او المرتبطة بجائحة كورونا وتأثير ذلك المباشر على مصلحة الشعب اللبناني الشقيق. وللاسف بعد ثمانية اشهر، لايزال هناك انسداد سياسي لاتزال الجهود تبذل لتشكيل حكومة من الاختصاصيين القادرين على الوفاء باحتياجات الشعب اللبناني الشقيق وتحقيق الاستقرار المهم ليس فقط للبنان بل للمنطقة ومصر للارتباط الوثيق القائم على المستوى السياسي والشعبي بين لبنان ومصر».

 

لودريان

 

في هذا الوقت أكد وزير الخارجية الفرنسي جان لإيف لودريان على أن بلاده ستتخذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية.

 

وشدد لودريان على أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين. وتابع قائلاً: «القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة».

 

وعلمت الشرق ان كلام لودريان بعدما حصل اتصال هاتفي عاصف بينه وبين النائب جبران باسيل، وقد حمل الوزير الفرنسي تيار رئيس الجمهورية بعرقلة تطبيق المبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة.

 

وكان لافتا ان باسيل اصدر امس بيانا بعد تهديد لودريان بفرض عقوبات على المعرقلين، حاول فيه تبرير موقفه.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram