أردوغان يلعب بنار البحر الاسود.. و”اليسار الأتاتوركي” يرد

أردوغان يلعب بنار البحر الاسود.. و”اليسار الأتاتوركي” يرد

Whats up

Telegram

ما أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن الشروع بتنفيذ قناة إسطنبول، حتى صدر موقف لأكثر من مائة ضابط بحري متقاعد من الجيش التركي يرفضون المشروع ويدافعون عن معاهدة مونترو البحرية الصادرة في العام 1936. أدار رجب طيب أردوغان الاذن الطرشاء لكل التحذيرات المحلية والخارجية، واكد مجدداً أن حكومته أوشكت على إتمام الاستعدادت اللازمة من أجل مشروع شق قناة إسطنبول، قائلاً إنه من المزمع وضع حجر الأساس لمشروع القناة في الصيف المقبل. في العام 2011، جرى الإعلان للمرة الأولى عن مشروع حفر قناة إسطنبول، لكن القرار بالشروع بشقها إتخذ في شهر آذار/ مارس الماضي في ذروة ازمة قناة السويس عندما إنحرفت ناقلة عملاقة فيها إلى إغلاق واحدة من أهم قنوات التجارة العالمية. القناة التركية الجديدة هي عبارة عن مجرى مائي مواز لمضيق البوسفور، على بُعد 30 كيلومتراً منه، وتمتد في غرب البلاد لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب، بطول 45 كيلومتراً، وعمق 25 متراً، ويبلغ عرضها حوالي 400 متر، ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومتر واحد. وتعد هذه القناة أحد المشاريع العملاقة التي واكبت ظهور “رؤية 2023” التي اعتمدتها تركيا كخطة متوسطة المدى، تهدف من خلالها إلى احتلال مركز بين أقوى عشر دول في العالم بحلول الذكرى السنوية المئة لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة. ومن المتوقع ان يجذب المشروع الذي تبلغ قيمته 25 مليار دولار، استثمارات داخلية وأجنبية لمشاريع البنى التحتية والإنشاءات على شاطئي مرمرة والبحر الأسود، كما سيزيد من الكثافة السكانية في المنطقة. وعند اكتمال شق القناة، ستتكون جزيرة جديدة في الجانب الأوروبي من إسطنبول يحدها البحر الأسود شمالاً وبحر مرمرة جنوباً ومضيق البوسفور شرقاً والقناة الموازية الجديدة غرباً. ومن شأن تدشين القناة المائية الحد من الازدحام والتلوث والضوضاء في مضيق البوسفور الذي تعبره نحو 150 سفينة يومياً، كما سيعزز في مقابل ذلك فرص الافادة من المضيق في الأنشطة السياحية والرياضات المائية، نظراً لموقعه في قلب المنطقة التاريخية لمدينة إسطنبول. بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، شهدت معاهدة مونترو تحولاً كبيراً بسبب تغير موازين القوى في البحر الأسود وحدوث تغير في ميول بعض الدول المطلة عليه نحو الغرب وانضمام بلغاريا ورومانيا إلى حلف “الناتو” ماذا عن وجهة نظر المعارضين للقناة؟ يرفض حماة البيئة هذا المشروع ويقول ابرزهم أستاذ الهندسة البيئية في جامعة “هاجي تبيه” جمال صيدم إنها ستؤثر بشكل كبير على التركيبة المعقدة للنظم المائية التركية. ويوضح ان المسطحات المائية المحيطة بإسطنبول لا سيما البحر المتوسط الذي يعتبر بحر مرمرة جزءاً منه والبحر الأسود، يختلفان في تركيبتهما الملحية ومحتوياتهما الحيوية والغذائية جراء التفاوت في أعمارهما بفوارق تتجاوز آلاف السنين. ويضيف أن هذا الاختلاف يجعل إمكان اختلاط مياه البحرين وتجانسهما مستحيلاً، كاستحالة امتزاج الزيت والماء. لكن القناة ستمنح تركيا أفضلية تنافسية كبيرة في تجارة النقل الدولي التي يمر أكثر من 75% منها عبر البحار. وتظهر تقديرات اقتصادية تركية أن المشروع سيدر على انقرة نحو 8 مليارات دولار سنوياً تعوّضها عن الأموال التي حرمتها اتفاقية مونترو من تحصيلها، ذلك انه يسمح لها بجباية 5.5 دولارات عن كل طن من البضائع وحمولات السفن التي تعبرها يومياً. وعلى رغم ان الحكومة التركية اكدت انها لن تمس بالاتفاقية، الا ان القناة المزمع انشاؤها لن تخضع لمعاهدة مونترو التي تنص على حرية الملاحة في مضايق البحر الأسود، وبينها البوسفور، لانها غير مشمولة فيها. وترجع الاتفاقية لعام 1936، وتسمح للسفن التابعة للدول المطلة على البحر الأسود بحرية المرور والوجود في حوض البحر الأسود، أما السفن التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود، فيُسمح لها بالوجود لمدة ثلاثة أسابيع. وكانت هذه الاتفاقية تعتبر بمثابة صمام أمان بالنسبة لتركيا والدول الغربية في مواجهة التهديدات السوفياتية خلال حقبة الحرب الباردة. لكن بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي، شهدت معاهدة مونترو تحولاً كبيراً بسبب تغير موازين القوى في البحر الأسود وحدوث تغير في ميول بعض الدول المطلة عليه نحو الغرب وانضمام بلغاريا ورومانيا إلى حلف “الناتو”، وهو ما جعل واشنطن تضغط لجعل بنود الاتفاقية أكثر مرونة بالنسبة لحركة سفنها الحربية من وإلى البحر الأسود. ووقفت تركيا في السابق في وجه أي محاولة أميركية لتغيير موازين القوى في البحر الأسود استنادا إلى تلك الاتفاقية، مؤكدة أن أمن البحر الأسود مسؤولية الدول المطلة عليه. لا تقتصر بنود الاتفاقية على تحديد عدد وأنواع السفن الحربية والتجارية التي ستمر من المضائق التركية بل تشمل وزن حمولة تلك السفن أيضا. ووفقا للاتفاقية، فإن الدول المطلة على البحر الأسود ملتزمة بإعلام تركيا بموعد مرور سفنها عبر المضايق، كما يجب ألا يزيد عدد السفن المارة في وقت واحد على 9 سفن ولا تزيد حمولتها مجتمعة على 15 ألف طن. وتفرض الاتفاقية على دول البحر الأسود أن تعلم تركيا مقدماً عن مرور غواصاتها من المضايق وتجعل عبورها مشروطاً بالظهور على سطح الماء نهاراً. إقرأ على موقع 180  معجزة الصين أو رأسمالية النهر الأصفر وتثير قناة إسطنبول مخاوف موسكو بشأن استخدامها لأغراض عسكرية، وقد تفتح الباب لوجود السفن الحربية الأميركية في البحر الأسود. تعمدت المخابرات التركية السماح للرسالة المفتوحة بأنّ تسلك مسارها، لأجل إستدراج ردة فعل بينها القول إنها “تستحضر انقلاباً”، بدليل ما تلاها من فتح تحقيق قضائي وتوقيف عشرة أدميرلات ممن وقعوا عليها وصدور مواقف حكومية وحزبية (العدالة والتنمية) تستخدم لغة التنديد بالإنقلابات! وحذر بيان أصدره 103 أدميرالات متقاعدين من القوات البحرية، من إلغاء مفاعيل اتفاقية مونترو (1936) من جهة، وشدّدوا على ضرورة التزام الجيش بمبادئ تأسيس الجمهورية التركية وبـ”الخط  المعاصر” الذي رسمه مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك، من جهة أخرى. وكشف موقع “المونيتور” أنّ الرسالة المفتوحة سبقتها مداولات عبر تطبيق الواتساب في الأسبوعيْن الماضييْن، على مرأى من أجهزة الاستخبارات التركية التي كانت تراقب هذه المجموعات، وكانت قادرة على إيقاف الرسالة ـ المبادرة عبر تحذير الأدميرالات المتقاعدين بشكل غير مباشر أو علانية، ما يعني أنها تعمدت السماح للرسالة المفتوحة بأنّ تسلك مسارها، لأجل إستدراج ردة فعل بينها القول إنها “تستحضر انقلاباً”، بدليل ما تلاها من فتح تحقيق قضائي وتوقيف عشرة أدميرلات ممن وقعوا عليها وصدور مواقف حكومية وحزبية (العدالة والتنمية) تستخدم لغة التنديد بالإنقلابات! وفي تحليله للتداعيات، يعتبر الموقع أنّ الرسالة جاءت بمثابة “منحة إلهية” لأردوغان لإعادة إحياء سرديته المتعلقة بالتهديدات الانقلابية وتعزيز قاعدته الشعبية المتراجعة في ظل الاضطرابات الاقتصادية المتفاقمة. ويشير موقع “المونيتور” إلى أن الرسالة عنوانها التحذير من إلغاء إتفاقية مونترو لكن الضباط المتقاعدين يعبرون عن فئة منزعجة من التعديلات التي طالت القوانين الراعية للتعيينات العسكرية، في شهر آذار/ مارس الماضي وبينها نقل صلاحية تعيين وترقية الجنرالات من هيئة الأركان وقيادة الجيش إلى وزارة الدفاع. وكشف الصحافي المقرب من الحكومة التركية طه عودة أوغلو لقناة “الجزيرة” أن إلغاء الاتفاقية سيضر بروسيا التي تقع ضمن حوض البحر الأسود، وأشار إلى أن الضباط الموقّعين على البيان يمثلون “اليسار الأتاتوركي”، أي الجناح المقرب من روسيا ومن الصين، وتاليا فإن الدافع الأهم لتوقيت هذا البيان هو التطورات الموجودة في أوكرانيا والتوتر بين روسيا والناتو. وأوضح الصحافي نفسه أن جناح “اليسار الأتاتوركي” أو “الأوراسي” قوي جداً في الجيش ووزارة الخارجية، لكنه ضعيف في السياسة وأجهزة الدولة الأخرى، ودائماً ما يعمل هذا الجناح على إبعاد تركيا عن الناتو والعمل على إنشاء تحالفات مع روسيا والشرق، ويشير إلى أنه بتأثير من هذا الجناح جرى توقيع صفقة إس-400. واشارت صحف تركية الى أن بيان الضباط المتقاعدين يشبه البيان الذي صدر عام 2007 قبيل انتخاب الرئيس عبد الله غول منتصف الليل، أي اللغة نفسها التي يستخدمها الانقلابيون في البلاد على مدار السنوات الماضية، الأمر الذي استدعى ردود فعل قوية من قبل الحكومة والشريحة المؤيدة لها على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين غابت المعارضة عن الرد. لكن منذ إعلان أردوغان وحكومته نيتهم شقَّ قناة إسطنبول، والأنظار موجهة باتجاه معاهدة مونترو، والتساؤلات سيدة الموقف بخصوص إذا ما كان شقّ القناة سيسبب خرقاً لشروط الاتفاقية، كون الاتفاقية تحمي أمن دول البحر الأسود وتجنب روسيا الاصطدام مع حلف الناتو في مياهه. يذكر أن المعاهدة مكّنت تركيا من لعب دور حيادي إبّان الحرب العالمية الثانية. وتمثل المضائق التركية، المخرج الوحيد للسفن الروسية من البحر الأسود المغلق، وتمر عبرها نحو 20 سفينة تجارية روسية يوميًا، وتمثل السفن التجارية الروسية 40 في المئة من الحمولة المارة في المضيقين (البوسفور في إسطنبول، والدردنيل في جناق قلعة)، وقد طالب الاتحاد الروسي أكثر من مرة بتعديل معاهدة مونترو من خلال إشتراك دول البحر الأسود جميعًا في الإشراف على الملاحة في المضايق. من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة ودول حلف الناتو إلى تعزيز مواقعها في البحر الأسود، من خلال إيجاد باب خلفي للتحايل على اتفاقية مونترو، حيث إنه ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي تسعى الولايات المتحدة لكسب موطئ قدم لها في البحر الأسود من خلال قبول ضم بعض دول حلف وارسو السابق إلى المعسكر الغربي ومواصلة جهودها لتطويق روسيا بقواعد الناتو العسكرية.
 

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram