افتتاحيات الصحف المحلية ليوم السبت 17 نيسان 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم السبت 17 نيسان  2021

Whats up

Telegram

افتتاحية صحيفة البناء

عون يضع المرسوم في كفّة مقابل تنفيذ تعهّدات هيل بتجميد «كاريش» ومعونة الخبراء /

ملف المصارف يقسم القضاء والإعلام وناشطي الحراك… والحريري يُحرج موسكو /

الحسنيّة: الالتفاف حول الرئيس الأسد إحياء لقيم الجلاء بمواجهة الاحتلال والإرهاب/

 

 

تؤكد مصار متابعة لملف ترسيم الحدود البحرية أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسم معادلة لقضية الترسيم والتفاوض عنوانها، توقيع المرسوم هو آخر الكيّ عند فشل المفاوضات وخوض المواجهة تحت عنوان التمسك بما تمّ رسمه في خرائط الجيش اللبناني وفقاً للقواعد التقنية والقانونية، وهذا ليس هدفاً لبنانياً. فالهدف هو كما يراه رئيس الجمهورية إنجاح المفاوضات حتى بلوغها التفاهم على خط تثبته دراسات الخبراء الذين طلب معونتهم من الأمم المتحدة لتدقيق الخرائط اللبنانية، وبعد تجميد أي تنقيب يخطط له كيان الاحتلال في حقل كاريش الواقع ضمن الخرائط المعتمدة من الجيش اللبناني وتجري المفاوضات على أساسها. وتقول المصادر إن عون أبلغ موقفه هذا الى معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل وحصل منه على تعهد بتجميد حقل كاريش وتسريع العودة الى المفاوضات وتأمين المعونة التقنية من خبراء دوليين لتدقيق الأساس التقني والقانوني للخرائط اللبنانية. وتخلص المصادر إلى القول إن أول استحقاق في حزيران كموعد محدد من كيان الاحتلال لبدء التنقيب في حقل كاريش، سيكون امتحاناً لهذه التعهدات فإذا لم تصدق تعهدات هيل سيكون المرسوم على طاولة رئيس الجمهورية للتوقيع.

لبنانياً، تصدَّر ملف الملاحقة التي تقوم بها القاضية غادة عون تحت عنوان تهريب الأموال الى الخارج والذي حطّ رحاله في مكاتب الصيرفي ميشال مكتف، في ظل موقف من النائب العام التمميزي غسان عويدات بنقل الملف وسائر الملفات التي تتولاها عون تحت عناوين ملاحقة الفساد الى قضاة آخرين. وقالت مصادر حقوقية إن ملف المصارف قسم القضاء بعدما قسم الإعلام والحراك، فظهر أن هناك حراكاً مع المصارف وإعلاماً مع المصارف، بعدما بدا المشهد السياسي الذي أحاط بملف حاكم مصرف لبنان، محرجاً للجميع، رغم تحريك القضاء في دول أوروبية لقضايا ملاحقة بحقه. وقالت المصادر إن المرجعيات القضائية امام مسؤولية التعامل بجدية مع هذه الملفات كي يصير التعامل مع ما يعرف بتحاوزات القاضية عون قابلاً للفهم من الرأي العام، وطالما استمر التجاهل عنواناً للمسارات القضائية في قضايا الفساد، ستزداد الفوضى القضائيّة أسوة بالفوضى السياسية والإعلامية، ويختلط حابل الحق بنابل السياسة والطائفية.

سياسياً، حضرت أنباء زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى موسكو، التي وزع عنها مكتب الحريري تقارير تابعها مدير مكتبه في موسكو جورج شعبان، تعاملت مع الزيارة كتكريس للحريري مرشحاً روسياً لرئاسة الحكومة ووعداً بمبادرة روسية للضغط لتشكيل الحكومة، ما أوحى بموقف روسي ضاغط على رئيس الجمهورية واستطراداً على حزب الله، وهو ما تسبب بإحراج موسكو التي نقلت عنها مصادر اعلامية روسية ترحيبها بتكليف الحريري بتشكيل الحكومة ورغبتها بالتعاون معه، لكنها استقبلته على هذا الأساس وبهذه الصفة. وقالت له هذا الكلام على قاعدة كونه رئيساً مكلفاً بصورة دستورية من المؤسسات اللبنانية وليس كمرشح روسي لرئاسة الحكومة، وهي دعته كما دعت كل الأطراف اللبنانيين الى تشهيل وتسريع عملية تأليف الحكومة، ولكن ليست لديها مبادرة محددة للمساعدة على ذلك ولا هي تنظر لعلاقتها برئيس الجمهورية وحزب الله الذي استقبلت وفداً رفيعاً يمثله قبل أسابيع وعاملته كحليف استراتيجي، كعناوين لضغوط تمارسها، وليس صحيحاً ان موسكو أيدت تصور الحريري لتشكيل الحكومة في مواجهة تصوّرات رئيس الجمهورية، وقالت المصادر إن استبدال اللقاء بين الحريري والرئيس فلاديمير بوتين كان رسالة روسيّة للحريري لتخفيف هذه المبالغة المحرجة لموسكو التي عاملته كصديق وتمنت لو أظهر فريقه حرصاً مشابهاً على صورة الزيارة.

رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي وائل الحسنية حيًا الشعب السوري في عيد الجلاء، مؤكداً ان مشاركة السوريين في الاستحقاق الرئاسي بالالتفاف حول الرئيس بشار الأسد، يشكل تجسيداً لقيم الجلاء في مواجهة الاحتلال والإرهاب.

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، أن جلاء المستعمر الفرنسيّ عن أرض سورية، لم يكن ليتحقق، لولا تضحيات السوريين ومقاومتهم للاستعمار.

وقال الحسنية في بيان أصدره بمناسبة اليوبيل الماسي لعيد الجلاء في الشام: إنّ الاحتفال بهذا العيد هو تخليد لثورات حقيقيّة انخرط فيها السوريون دفاعاً عن أرضهم وكرامتهم وسيادة بلادهم، وهو تخليد لمقاومة استبسل فيها شعبنا بمواجهة المستعمر الأجنبي، بدءاً من معركة ميسلون بقيادة البطل القوميّ يوسف العظمة، إلى سائر المعارك التي قادها أبطال كبار أمثال سلطان الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي والآلاف من المقاومين الذين خاضوا مقاومة شرسة دفاعاً عن الأرض والكرامة والسيادة.

وأشار الحسنيّة إلى أنّ الاستعمار الأجنبي الذي تقهقر واندحر عن سورية قبل خمسة وسبعين عاماً، عاد وأطلّ برأسه في العام 2011 من خلال حرب إرهابيّة كونيّة على سورية، شنّها مع حلفائه وأدواته من صهاينة وعثمانيين جدد وعرب الهرولة والذل وكل الإرهاب المتعدّد الجنسيات.

وأكد الحسنية، أنّ قرار مواجهة الإرهاب والتصدي للحرب الكونية، هو قرار مصيري حاسم لصدّ كل استعمار جديد أكثر قبحاً وإجراماً من الاستعمار الذي سبق، ولذلك، فإن صمود السوريين، والتضحيات والدماء التي بذلها الجيش السوري الباسل في معاركه ضد الإرهاب، هي التي حمت سورية من هذا الاستعمار الكريه المتعدّد الرؤوس والأنياب والمهدّد للمصير والوجود.

ورأى الحسنيّة أن ترسيخ مبدأ السيادة، يتطلب التمسك بعناصر القوة وتعزيزها في معركة التصدّي للاستعمار بكل أشكاله، لا سيما الاحتلال الاستعماري الصهيوني العنصري الاستيطاني، والاحتلالين التركي والأميركي. وشدّد على تحصين إرادة الصمود بمواجهة الحصار والعقوبات الظالمة، وبتحويل استحقاق الانتخابات الرئاسيّة المقبلة إلى استفتاء عارم يجدد الثقة بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي يقود معارك سورية الظافرة.

وبقي المشهد الداخلي تحت تأثير زيارة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل وسط ترقب لتعامل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع مرسوم ترسيم الحدود وما إذا كان سيوقعه أم لا؟

وبحسب مصادر “البناء” فإن عون سيتريث بتوقيع المرسوم وبالتالي سيبقى مجمّداً في بعبدا حتى اشعار آخر، كما سيعمل عون على استخدام صلاحيته الدستورية بتوقيع المرسوم كورقة تفاوضيّة في اطار التفاوض مع العدو الكيان الاحتلالي. وأضافت المصادر أن هيل مارس ضغوطاً على المسؤولين اللبنانيين لعدم توقيع المرسوم مقابل استئناف المفاوضات مع “كيان الاحتلال” على ترسيم الحدود، وأصرّ هيل خلال مباحثاته على إعادة انطلاق المفاوضات من حيث بدأت. وأكدت مصادر لـ “البناء” أن “هيل لم يتطرق خلال لقائه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى موضوع المرسوم إلا قليلاً، بل تركز البحث في هذا الملف في بعبدا والسراي الحكومي”.

 في المقابل أكد رئيس الجمهورية لهيل رغبة لبنان بمواصلة المفاوضات مع كيان الاحتلال حول ترسيم وتحديد الحدود البحرية، لكن من دون شروط مسبقة، وان هيل تعهد بنقل الموقف اللبناني الى “كيان الاحتلال” خلال زيارته لها، لمعرفة موقفها من الطرح اللبناني باستئناف المفاوضات وبتصحيح حدود لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

ولفت مطلعون على زيارة هيل لـ”البناء” الى أن “الرسالة الأولى التي وجهها هي دعم واشنطن لتأليف حكومة تنجز الإصلاحات الضرورية للحصول على مساعدات البنك الدولي والمجتمع الدولي، والثانية اسقاط الشرط الأميركي الذي تمسكت به واشنطن بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة، وإن أشار هيل الى دور إيران وتدخلها في لبنان ودور حزب الله، وبالتالي فإن الاميركيين أقرب الى دعم الحريري الى رئاسة الحكومة لكونه يتوافق والرؤية الاقتصادية والشروط التي يطالب بها صندوق النقد الدولي”، ولفتت الى أن “الاميركيين يخشون من انهيار لبنان نهائياً لكي لا يسقط في أيدي حزب الله والمحور الإيراني السوري في ظل توجه حزب الله الى التكيّف مع الحصار والعقوبات على لبنان من خلال ضخ كميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية في الاسواق لتعزيز صمود بيئته الشعبية ودعم بيئات شعبية وطائفية أخرى، وبالتالي إسقاط الشرط الأميركي بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة”. والحقيقة أن كيان الاحتلال مرغم للعودة الى طاولة المفاوضات بكافة الاحوال وحتى لو وقع عون المرسوم وارسله لبنان الى الامم المتحدة وذلك بسبب حاجته للتنقيب بالحقول البحرية التي تقع في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان”.

وبحسب مصادر بعبدا فلم ترد خلال محادثات هيل مع الرئيس عون أية إشارة إلى حزب الله، بل أن كلمة هيل كانت مكتوبة سلفاً ورأيه في الحزب لا يعني أنه تمت مناقشة وضعه وسلاحه في المحادثات مع الرئيس عون. وكان التركيز على موضوع ترسيم الحدود الذي استغرق حوالى 20 دقيقة في حين اقتصر الكلام على تشكيل الحكومة حوالى 5 دقائق. ولفتت إلى أن “كلام وكيل وزارة الخارجية الأميركية عن الحكومة انطلق من زاوية البرنامج وليس الأسماء وكرّر أن الإدارة الأميركية حريصة على أن تتشكل حكومة تتمتع بالشفافية وتكون قادرة على تحقيق الإصلاحات. فكان رد الرئيس عون: “هذا موقفي ولذلك أصرّ على ملف التدقيق الجنائي”.

في غضون ذلك، وفيما لم يسجل الملف الحكومي أي مستجدّ، بقيت الانظار شاخصة الى موسكو وما ستفضي اليه زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الذي اختتم لقاءاته بلقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو بحضور الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية السفير اندريه بانوف والمبعوث الخاص للرئيس الحريري الى روسيا جورج شعبان والمستشار باسم الشاب. وجرت خلاله مناقشة تطورات الأوضاع في لبنان بشكل تفصيلي ولا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية. كما تناول بحث موضوع اللاجئين السوريين وإمكانية تزويد روسيا لبنان باللقاحات لمواجهة جائحة كورونا. وأكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي، وغادر الحريري موسكو أمس عائداً الى بيروت.

ولفتت أوساط مقربة من الحريري لـ”البناء” الى أن “الروس يدعمون الرئيس الحريري منذ تكليفه، وبالتالي هم مع حكومة برئاسته، كما أن روسيا من البداية تدعو للإسراع بتشكيل حكومة قادرة وكفوءة، وستضغط موسكو دولياً واقليمياً لتأليف الحكومة لكن على اللبنانيين أن يقوموا بواجبهم ويؤلفوا الحكومة لكي يلقوا مساعدة روسيا والدول الأخرى”.

واستبعدت مصادر التيار الوطني الحر أن تؤدي زيارات الحريري المتكررة الى ولادة الحكومة”، مكررة بأن “التشاور والتفاوض على الحكومة يتم في لبنان وفق الاصول الدستورية اي بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ولن تؤلف الحكومة في أي دولة أخرى غير لبنان”، ولفتت المصادر لـ”البناء” الى أن “العقدة عند الحريري وليس في بعبدا، وتتلخص بالعلاقة السيئة بيم الحريري والسعودية، وعندما تحل هذه العقدة يتم تأليف حكومة في لبنان”.

على صعيد آخر، يبدو أن الحرب السياسية والحكومية بين بعبدا وبيت الوسط انتقلت الى المؤسسات لا سيما في القضاء، ما سيعمق الخلاف على وزارة العدل بين عون والحريري الذي يتمسك بها فيما يرفض رئيس الجمهورية اسنادها الى الحريري كي لا يسيطر على جميع مفاصل الوزارة في ظل سيطرته على المناصب القضائية كمدعي عام التمييز ومدير عام وزارة العدل.

فبعد اجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي اكدّ خلاله على الحق المطلق وسلطة النائب العام التمييزي وهيئة التفتيش القضائي بضرورة اتخاذ ما يرونه من إجراءات أناطها بهما القانون بحق القاضية غادة عون “احتراماً للعمل المؤسساتي وحفاظاً على سمعة وهيبة القضاء والجسم القضائي”، اصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قراراً قضى بتعديل قرار توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون ان يلحظ القرار اسم النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، وقاضيين آخرين سبق للمجلس التأديبي للقضاة أن كفّ يدهما عن العمل.

كما أصدر عويدات قراراً بمنع القاضية عون من النظر بالجرائم المالية وجرائم الاتجار بالبشر والمخدرات وجرائم القتل.

وأفادت المعلومات أن “قرار عويدات هو بمثابة إجراء تأديبي مسلكي بحق عون لعدم التزامها بتعهداتها امام مجلس القضاء الأعلى لناحية احترام القوانين والأصول التي تنظم عمل القضاة بشكل عام كما ومخالفتها للتعاميم الصادرة عن النائب العام التمييزي وقضايا مسلكية اخرى عالقة امام التفتيش القضائي”.

إلا أن القاضية عون بحسب المعلومات رفضت تبلغ هذا القرار، وقامت بمداهمة مكاتب شركة مكتف للصيرفة وتابعت. وأفادت وسائل إعلامية عن مشادة كلاميّة بين القاضية ومحامي شركة “مكتف للصيرفة” بعد إصرارها على فتح عناصر الحماية المرافقة لها من جهاز أمن الدولة محضر وسحب الملفات من الشركة.

وأفيد أن ميشال مكتف هو أكبر شاحن للدولار وكشف ملفاته قد يكشف الكثير من الأسرار. وجاء ذلك بعدما أصدر القضاء قراراً بتجميد اموال نقيب الصرافين السابق محمود حلاوة لاشتراكه في عمليات مضاربة على العملة الوطنية.

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

تعديل قانون السرية المصرفية: إصلاحٌ يُعزّز مصالح الفاسدين

 

 السرية المصرفية ورقة توت يتمسّك بها السياسيون وشركاؤهم من أصحاب الثروات. يحاربون من أجل بقائها بحجج واهية، تؤدي جميعها إلى طريق واحد: ممنوع كشف حسابات الموظفين والعاملين في الشأن العام كي لا يُفتضح أمر فسادهم. حتى لو كان المطروح هو وضع بعض الاستثناءات على السرّية المصرفية لا إلغاءها برمّتها، فإن الشعارات الفارغة تتدافع لإظهار عظمة هذه السرّية المرادفة لوجود لبنان! يتناسى هؤلاء أن تلك السرّية سقطت عملياً بالنسبة إلى كل الدول المتعاملة مع لبنان، لكنهم يصارعون لسحب حق القضاء في رفع السرّية المصرفية عن الموظفين المشكوك بهم! سنة مرّت على القانون المسخ الذي أقرّه مجلس النواب. وسنة مرّت على ردّه من قِبل رئيس الجمهورية. لكن بين القانون الذي أسقط حق القضاء بطلب رفع السرّية وبين ملاحظات الرئاسة التي تطلب إعادة هذا الحق، تضيع حقيقة أن السرّية المصرفية باقية. وهذا كفيل بحماية الفاسدين.
لا يفيد الصراع بشأن حق القضاء طلب رفع السرية المصرفية بشيء، سوى في إبعاد كأس إلغاء السرية المصرفية من أساسها. المدافعون عن هذه السرية، يستعملون مصطلحات كان يمكن أن تسعفهم في القرن الماضي. لكن طرحها في هذه الأيام لا يوحي سوى أن لدى هؤلاء ما يخفونه. النقاش نفسه يتكرر كل فترة. بعد كل ما حصل ويحصل من انهيارات مالية، يغرق النواب في الصراع على هوية الجهات التي يحقّ لها طلب رفع السرية المصرفية. يتجنّب هؤلاء النقاش الفعلي، أي النقاش في مبرّر وجود السرية المصرفية التي لم يبقَ لها من وظيفة سوى حماية المتهربين من الضريبة ومنع كشف الفاسدين الذين يودعون أموالهم في المصارف. أيّ جدوى إصلاحية من التعديل المقترح لقانون السرية المصرفية أُسقط عملياً منذ نحو عام. تحديداً منذ عبثت اللجان النيابية المشتركة بالنص الذي كانت اللجنة الفرعية المنبثقة عنها قد أقرّته. في ذلك الحين، وافقت اللجنة على النص الذي أعدّته لجنة تقنية تضم ممثلين عن وزارة العدل ونقابة المحامين وبرنامج الأمم المتحدة الإقليمي لمكافحة الفساد والنائب السابق غسان مخيبر. ودمجت ثلاثة اقتراحات قوانين مقدمة من التيار الوطني الحر والنائبين بولا يعقوبيان وسامي الجميل والنائب ميشال ضاهر (أضيف إليها لاحقاً اقتراح مقدّم من النائب جميل السيد، ثم مشروع قانون من الحكومة). الاقتراح الأبعد مدى كان إلغاء السرية بالمطلق، لكنه لم يصمد في وجه حزب المصرف الذي لا يزال يكرر خرافة أن "السرية المصرفية هي لبنان".


بعد سقوط اقتراح إلغاء السرية المصرفية بشكل كامل المقدم من ضاهر، انتقلت اللجنة إلى البحث عن صيغة دامجة للاقتراحات المقدمة. وبالفعل، توصلت إلى صيغة مجتزأة، لكنها وصفت بالخطوة المتقدمة، تنص على إلغاء السرية المصرفية عن أي شخص يؤدي وظيفة عامة أو خدمة عامة، سواء كان منتخباً أم معيناً، بما في ذلك أي منصب من مناصب السلطات الدستورية أو أي منصب تشريعي أو قضائي أو تنفيذي أو إداري أو عسكري أو مالي أو أمني أو استشاري، إضافة إلى رؤساء الأحزاب وأصحاب وسائل الإعلام.


وبخلاف ما تم تسويقه عن أن رفع السرية المصرفية يؤدي إلى استغلال البعض لهذه السرية في سياق أعمال غير مشروعة مثل الابتزاز والانتقام... فقد كان الاقتراح واضحاً في المحافظة على السرية المهنية، من خلال فرض عقوبات قاسية على المصارف أو المؤسسات المالية ومديريها وكل من له صفة تقريرية فيها في حال أعطوا أي معلومات مالية تتعلق بالأشخاص المرفوعة عنهم السرية، إلا بناء لطلب الجهات المخوّلة، أي: القضاء في إطار استقصاء أو ملاحقة أو تحقيق أو محاكمة، هيئة التحقيق الخاصة في إطار مكافحة عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في إطار الصلاحيات المحددة في قانون إنشائها، وزارة المالية في إطار إجراءات التدقيق والتحقق الضريبية، هيئة الإشراف على الانتخابات في إطار مراقبتها الإنفاق الانتخابي، المجلس الأعلى للجمارك ومدير الجمارك في إطار إجراءات مكافحة التهرب الجمركي.


هذا النص عندما وصل إلى اللجان المشتركة، سريعاً أُفرغ من مضمونه. أولاً تم إلغاء عبارة "تلغى أحكام السرية المصرفية" لأي شخص يؤدي خدمة عامة مهما كانت صفته، واستُعيض عنها بنصّ يكرس مبدأ السرية المصرفية ويضع الاستثناء عليها: يجوز للجهات المحددة في الفقرة الثالثة من هذا القانون الاستحصال على المعلومات المصرفية المشمولة بالسرية المصرفية عن الموظفين العموميين ورؤساء الأحزاب التي تتعاطى نشاطاً سياسياً. لكن الأهم أنه بدلاً من ? جهات كان يحق لها طلب رفع السرية بحسب الصيغة الدامجة، وصل الاقتراح النهائي إلى الهيئة العامة، مقتصراً على ثلاث جهات: هيئة التحقيق الخاصة (يحق لها حالياً رفع السرية) وهيئة مكافحة الفساد (لم تشكّل بعد، لكن ينص قانونها على حقها في طلب رفع السرية المصرفية)، والقضاء الذي يمكنه حالياً، لكن بشكل محدود، طلب رفع السرية المصرفية على حسابات معينة، على أن تبتّ هيئة التحقيق الخاصة بالطلب. للتذكير، كان المدعي العام التمييزي غسان عويدات قد طلب من هيئة التحقيق الخاصة، التي يرأسها حاكم مصرف لبنان، لائحة بأسماء الذين حوّلوا أموالهم بعد ?? تشرين ????، لكن طلبه رُفض.


تُظهر هذه الصيغة المجتزأة أن اللجان المشتركة "قامت بالواجب"، لناحية إفراغ الاقتراح من مضمونه. لكن مع ذلك لم تكتفِ الهيئة العامة بذلك، فعمدت إلى القضاء عليه نهائياً من خلال التصويت على إلغاء حق القضاء بطلب رفع السرية، ما يُبقي عملياً هذا الحق محصوراً بيد هيئة التحقيق الخاصة (في ظل عدم تشكيل هيئة مكافحة الفساد). "المستقبل" و"الاشتراكي" و"أمل" تولّوا حينها المعركة لإبعاد القضاء، تحت ذريعة الخوف من الكيدية وضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء قبل هذا القانون. وكان أبرز المدافعين عن هذا التوجّه النواب وائل أبو فاعور وهادي حبيش وأنور الخليل.
رفض رئيس الجمهورية هذا التعديل. وفي ?? حزيران ????، ردّ القانون الذي أُقرّ في ?? أيار ???? إلى المجلس، معتبراً أنه لا يجوز استبعاد القضاء عن حق طلب المعلومات المصرفية، انطلاقاً من أنه السلطة الضامنة للمتقاضين وحقوقهم وحرياتهم، كما حقوق المجتمع عليهم. ولذلك، رأى في كتاب الرد أنه لا بد من إعطاء النيابات العامة صلاحية طلب المعلومات المالية المتعلقة بمختلف أنواع الجرائم، لا سيما أن ثمة جرائم لا تدخل في اختصاص هيئتي مكافحة الفساد والتحقيق الخاصة، خاصة أن القانون نفسه ألزم المصارف تقديم المعلومات المالية المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية للهيئتين المذكورتين من دون أن يكون لهما صلاحية في ذلك.


نام الطلب في أدراج المجلس ما يقارب السنة، لأسباب عديدة منها المماطلة وانفجار المرفأ والإغلاق العام... والأسبوع الماضي طُرح القانون على لجنة المال. نقاش طويل شهدته الجلسة. حزب المصارف أعاد التصويب على القضاء من بوابة فساده وتبعيته. الجوقة نفسها كررت موقفها. حبيش يتحسّس من نموذج القاضية غادة عون، التي رفعت عليه دعوى لاعتدائه عليها في مكتبها، لكنه يرحّب بنموذج المحكمة العسكرية التي أصدرت حكماًَ مخزياً بحق زوجة أخيه التي لفّقت تهمة التعامل للفنان زياد عيتاني.
المسألة لم تُحسم في الجلسة تلك. لجنة فرعية جديدة شُكّلت من النواب جورج عقيص وهادي حبيش وسليم عون، مهمتها إعادة صياغة النص. رئيس اللجنة ابراهيم كنعان طمأن إلى أن تشكيل اللجنة سبقه تأكيد من النواب على عدم إلغاء دور القضاء، مشيراً، في هذا السياق، إلى "نقاش جدي وعلمي وغير مسيّس". أضاف: اللجنة ستعود إلينا خلال أسبوع لبتّه نهائياً، بما يؤكّد رفع السرية المصرفية ودور القضاء من دون أي تشابك بالآراء أو أي تسييس، بشفافية مطلقة في ضوء سعي العالم إلى أكبر قدر من الشفافية".
بعد عام من الانتظار، أقسى ما يمكن تحقيقه هو إعطاء الحق للقضاء لطلب رفع السرية المصرفية عن العاملين في الشأن العام. هذا "إنجاز" لن يغيّر في المشهد الذي لا يزال يعتبر أن "إلغاء السرية المصرفية هو إساءة لمصلحة البلد العليا الاقتصادية والمالية والنقدية". الأكيد أن من ينادي بذلك ليس ساذجاً ولا يعيش على أمجاد إنجازات السرية المصرفية، بل هو يتمسك بها لأنها لا تزال تحمي طبقة السارقين.


عندما أقر قانون السرية المصرفية في 3 أيلول 1956، فُتحت خزائن المصارف أمام الأموال والرساميل الهاربة من بلدانها، فكان أن تكوّنت سيولة ضخمة، أُضيفت إليها تحويلات اللبنانيين وغيرهم مدفوعين بالفوائد العالية التي تقدمها المصارف.
اليوم، تغيرت الأمور تماماً. عنصر الجذب تعطّل. النظام الضريبي العالمي الذي انضم لبنان إليه أفرغ هذه الميزة من مضمونها. الثروات الأجنبية المخبأة في المصارف، صارت مكشوفة بحكم دخول لبنان في مجموعة من المعاهدات التي فرضت عليه إقرار قانون تبادل المعلومات الضريبية. هذا أدى إلى الواقع التالي: لا يمانع لبنان الرسمي إلغاء السرية المصرفية أمام الإدارات الضريبية الأجنبية، وعلى رأسها الأميركية، لكنه يقاتل لحمايتها عندما يتصل الأمر بالإدارة الضريبية اللبنانية أو حتى بالقضاء! لماذا؟ ألا يعني ذلك أن ثمة ما تريد السلطة إخفاءه؟
للتذكير، فإن القانون، إن كان في نسخته الأولى أو الأخيرة لا يطال كل الناس ولا يؤثّر على المودعين الخارجيين، كما يحاول البعض الإشارة في معرض اعتباره أن القانون سيجعل هؤلاء يحجمون عن إيداع أموالهم في لبنان. القانون يطال بأحكامه الموظفين العموميين أو المتعاملين مع الدولة، إضافة إلى الشخصيات المعرضة سياسياً، أي المستفيدون من المال العام.
حائط الصدّ الذي وُضع في وجه القانون هو نفسه الذي وُضع أمام التدقيق الجنائي. اللاعبون هم أنفسهم. يخافون من التدقيق الجنائي ويتمسّكون بالسرية المصرفية، ثم يوحون بأنهم يحاربون الفساد وينكبّون على إقرار القوانين الإصلاحية!
 

*********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار  

عودة الشلل السياسي .. وفضيحة تمرد قضائي!

غادر وكيل وزارة الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل بيروت، كما عاد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى بيروت من زيارته لموسكو… وماذا بعد ؟

 

عادت البلاد الى الخواء السياسي الداخلي ودوامة انتظار تحرك ما في شأن تشكيل الحكومة الجديدة وسط تضخم المخاوف الى ذروتها من اقتراب الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية من ذاك الانهيار الكبير الذي يخشاه الجميع ويتوقعونه، بل وبدأوا العد العكسي لتلقي موجاته الأولى في تسونامي مخيف فيما يبدو الجميع كانهم سلموا بالاستسلام امام مؤامرة التعطيل المتعمد للوسيلة الانقاذية الوحيدة التي قد تمنعه وهي الحكومة الجديدة. لقد بات في حكم المؤكد ان العد العكسي لمرحلة انفجار تداعيات الفراغ الحكومي الذي لا تملأه اطلاقا حكومة تصريف الاعمال يقترب بسرعة مخيفة من استحقاقات داهمة لن يكون ممكناً تجاوزها والقفز فوقها او تخدير البلاد على وقع تداعياتها من مثل مسألة رفع الدعم او إبقائه او تقنينه كما في مسالة الموازنة والصرف على القاعدة الاثنتي عشرية او ناهيك عن التموجات الصادمة للدولار والليرة في السوق السوداء وما ترتبه الإجراءات المتخبطة للجسم المصرفي من انعكاسات سلبية على استيراد المواد والسلع الاستراتيجية على نحو لم يعرف لبنان مثيلا لها في الحرب. كل هذه الملفات والاولويات المخيفة المتزاحمة باتت استحقاقاتها تقاس بالأسابيع وليس بالأشهر فيما لا تلحظ اجندات السلطة الحاكمة والقوى الداخلية أي محطات او مواعيد او برامج تختص بالمسارعة الى إزالة حقل الألغام الذي يحول دون تشكيل الحكومة رغم كل التحركات الكثيفة في الشكل التي تدور حول هذا الاستحقاق المشلول. قد يكون اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في التاسع عشر من نيسان الحالي في بروكسيل محطة جديدة يطرح فيها، من جملة البنود المطروحة على جدول اعمال الاجتماع الأوروبي، موضوع الإجراءات الضاغطة التي قد تقررها دول الاتحاد ومن ابرزها إقرار عقوبات على جهات وشخصيات لبنانية لعرقلتها تشكيل الحكومة الجديدة. لكن أي معطيات دقيقة وجازمة لم تتوافر بعد في هذا الصدد ولو ان الفرنسيين يكررون ان ثمة استعدادات جارية في هذا الاتجاه. اما على الصعيد الداخلي، فان جدار الانسداد آخذ في الارتفاع في ظل التعنت الذي يطبع الازمة خصوصا مع تداخل سلوكيات سياسية وشخصية يغلب عليها طابع تصفية الحسابات على غرار الحملات التي تغزو وسائل التواصل الاجتماعي مستهدفة مراجع سياسية او دينية او مالية. وفي اطار المزاعم الدعائية التي تعكس توزيع الأدوار بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله ” جرى تسريب معلومات عن اجتماعين عقدا في الأسبوعين الماضيين بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا ورئيس “التيار الوطنيّ الحرّ” جبران باسيل وان “الاجتماعين لم يفضيا إلى نتيجة في ملف تشكيل الحكومة”.

 

وقد اختتم الرئيس سعد الحريري بعد ظهر امس زيارة العمل التي قام بها الى روسيا بلقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو جرى خلاله مناقشة  تطورات الأوضاع في لبنان بشكل تفصيلي ولا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية. واكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الرئيس الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي.

 

في الملف المعيشي الذي بدأت تداعياته تتخذ ابعاداً بالغة الخطورة، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر” قائلا “في انتظار اتفاق الاقطاب الكبار في الجو والبحر والبر لتركيب حكومة الانقاذ، فإنّ الدعم العشوائي وغير المدروس والذي يستفيد منه كبار التجار والمافيات المحيطة سيطيح بالاحتياطي الالزامي وبالمقومات الاساسية للوجود. أمّا الثروات البحرية فقد تصبح مشاعا يستباح من إسرائيل ومن سوريا”.

 

ونقلت وكالة رويترز عن  ثلاثة مصادر مطلعة أن “حزب الله” يقوم باستعدادات تحسباً لانهيار تام للبلد، عبر إصدار بطاقات حصص غذائية واستيراد أدوية وتجهيز صهاريج لتخزين الوقود من إيران.

 

تمرد واقتحام !

الى ذلك برز تطور قضائي لافت امس تمثل في تمرد القاضية غادة عون على قرار  النائب العام التمييزي غسان عويدات . فبعد اجتماع مجلس القضاء الاعلى الاخير، الذي اكدّ خلاله الحق المطلق وسلطة النائب العام التمييزي وهيئة التفتيش القضائي بضرورة اتخاذ ما يرونه من اجراءات اناطها بهما القانون بحق القاضية غادة عون اصدر النائب العام التمييزي قرارا قضى بتعديل قرار توزيع الاعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون ان يلحظ القرار اسم النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، وقاضيين آخرين سبق للمجلس التأديبي للقضاة ان كفّ يدهما. ويعتبر قرار عويدات بمثابة اجراء تأديبي مسلكي بحق عون لعدم التزامها بتعهداتها امام مجلس القضاء الاعلى لناحية احترام القوانين والاصول التي تنظم عمل القضاة بشكل عام كما ومخالفتها للتعاميم الصادرة عن النائب العام التمييزي وقضايا مسلكية اخرى عالقة امام التفتيش القضائي. ولكن القاضية عون رفضت تبلغ هذا القرار مخالفةً قرار مدعي عام التمييز وحضرت ظهر امس إلى مكاتب شركة مكتف للصيرفة في عوكر لإكمال التحقيق بحماية عناصر من أمن الدولة، ومؤازرة ناشطين مقرّبين منها، تحت اسم “متّحدون”، رغم صدور قرار كف يدها عن هذه الملفات .

 

وحين واجهها محامو شركة الصيرفة بأنّ النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كف يدها عن الملف وطلب نقله الى قاض آخر رفضت عون كلام المحامين، وطلبت من عناصر أمن الدولة إجبار الموظفين على تسليمها الداتا في الكمبيوترات. لكنّ مرجعاً قضائياً كبيراً طلب من المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا سحب العناصر باعتبار عون بلا صلاحيات في الملفّ. وهكذا كان. فبقيت عون هي ومرافقَيها، وبضعة ناشطين رافضة الخروج من المكاتب وأصرّت على البقاء حتى ساعات الليل حيث غادرت المكاتب بمؤازرة عناصر عسكرية . وعلم ان مجلس القضاء الأعلى سينظر في جلسته الثلثاء المقبل في تمرد القاضية عون على قرار النائب العام التمييزي ويتخذ الاجراء المناسب. وفي وقت لاحق ليلا دعت وزيرة العدل ماري كلود نجم رئيسي مجلس للقضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي والنائب العام التمييزي الى اجتماع طارئ اليوم “نظرا الى ما آلت اليه الأوضاع القضائية في الآونة الأخيرة التي أدت الى ضرب صورة القضاء وسمعته للامر المرفوض لاي سبب كان ” .

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“علامات استفهام كبيرة” حول موقف “حزب الله”

الترسيم… عون “ترك الجيش وحيداً” وبري “يضحك بعبّو”!

 

على الرغم من التراجع اللبناني الرسمي عن المضي قدماً في إقرار مرسوم تعديل الحدود البحرية الجنوبية، والعودة الى اتفاق الاطار الذي سبق أن أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بشكل يضع سقفاً للتفاوض ينطلق من النقطة 23 وليس النقطة 29 التي طالب بها وفد التفاوض اللبناني، استناداً إلى دراسات وخرائط الجيش وشركة بريطانية متخصصة، لم تقابل إسرائيل هذه الخطوة اللبنانية بتقديم ضمانات بالعودة إلى طاولة المفاوضات من حيث انتهت، إنما بقي التراجع اللبناني دون أي مقابل أو ثمن!

 

وفي هذا الإطار، يرى مصدر معني بملف الترسيم أنّ الوحيد الذي “يضحك بعبّو” اليوم هو الرئيس بري بعدما علم مسبقاً أنّ “الأفضل للبنان التفاوض على مساحة 860 كلم 2 وتحصيلها كاملةً بدل “توسيع بيكار” المطالب اللبنانية الذي سيؤدي إلى تطيير المفاوضات وسيدفع الدولة اللبنانية من بعدها إلى التراجع من دون تحصيل أي مكتسبات إضافية”، وهذا فعلياً ما انتهت إليه زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل، التي خلصت إلى “إظهار لبنان الرسمي في موقع تفاوضي ضعيف، وبيّنت بشكل فاضح أنّ مصالح شخصية تقف وراء حسابات الرئيس ميشال عون الذي ترك الجيش وحيداً على أرض المعركة التفاوضية وتراجع فجأة عن دعم موقف وفده المفاوض”.

 

وأوضح المصدر أنه “بعدما سبق أن أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أكثر من مرة أنّ ما يطرحه الوفد اللبناني هو حق لا يمكن التفريط به، ووصل به الأمر إلى الدفع باتجاه تخوين كل من يتنازل عن خط النقطة 29 كمنطلق لحدود التفاوض مع إسرائيل، كانت النتيحة أن عاد الفريق الرئاسي إلى النقطة الي بدأت معها المفاوضات من دون أي وضوح في أفق المرحلة المقبلة، والأخطر هذه المرة أنّ التراجع العوني لم يكن مقابل تحقيق أي ثمن مقابل، فلا تبلّغ لبنان قبول الجانب الاسرائيلي بالعودة إلى طاولة المفاوضات ولا حتى هيل نقل أي تعهدات أميركية بذلك”.

 

وسأل المصدر: “إذا كانت رئاسة الجمهورية تعرف سلفاً أنها لا تستطيع المضي في تثبيت مطلب الوفد اللبناني المفاوض باعتماد النقطة 29، لماذا إذاً شجعت الجيش على خوض معركة الرأي العام وهو بالفعل نجح في ذلك؟ ألم يكن الأجدى مصارحة الوفد العسكري منذ البداية حتى لا يخوض في هذا التحدي؟ ولماذا تعهد رئيس الجمهورية القيام بكل ما يلزم لتعزيز موقف الوفد اللبناني في التفاوض طالما يعرف أن الأمر قانونياً ودستورياً لا ينتظم بلا مجلس وزراء وبلا توافق وطني؟”.

 

وكشف المصدر النقاب عن معلومات تفيد بأنّ “الانقلاب العوني على السقف التقني الذي حدده الوفد العسكري اللبناني في اجتماعات الناقورة، أتى نتيجة اجتماع عُقد بعيداً من الأضواء عشية زيارة الموفد الأميركي إلى قصر بعبدا وأفضى إلى قرار العدول عن توقيع رئيس الجمهورية على مرسوم تعديل الحدود البحرية مقابل السعي إلى تحصيل مكاسب رئاسية وسياسية من الأميركيين”، متسائلاً: “لماذا لم يستخدم رئيس الجمهورية حقه الدستوري وفق نص المادة 52 بأن يوجّه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وعبره إلى الأمم المتحدة يؤكد فيها الإحداثيات الحدودية البحرية الجديدة؟، علماً أنّ الرسالة جاهزة منذ أشهر في دوائر بعبدا لكن هناك من منع إرسالها”، معتبرةً أنّ الدور الذي لعبه “حزب الله” في ملف المرسوم الحدودي تحيط به “علامات استفهام كبيرة”، سيما وأنه “لم يتفاعل مع الموضوع عبر إعلامه إلا “من باب رفع العتب” ولم يصدر عنه اي موقف علني سواءً بتأييد السقف الذي حدده الرئيس بري للإطار التفاوضي أو بتأييد الموقف الذي طرحه الجيش في سبيل توسيع الحدود البحرية، ما ساهم في تعميق “حالة الضعضعة والضياع” في الموقف اللبناني الرسمي”.

 

وختم المصدر قائلاً: “من يظنّ من خلال تطيير المرسوم أنه أصاب قيادة الجيش في دورها ومهامها، ومن اعتقد أنه بذلك يمنع الجيش من تحقيق انجاز وطني باستعادة مساحات بحرية واسعة، فهو يراهن على سراب لأنّ الجميع يعلم أنّ الجيش لا يعمل من منطلق التوظيف السياسي إنما هو حدد منذ البداية دوره ضمن نطاق تقني بحت، خصوصاً وأن المؤسسة العسكرية بحسب الدستور والقانون تلتزم قرار السلطة التنفيذية التي تقع عليها وحدها مسؤولية اتخاذ القرار من عدمه بشأن أي أمر سيادي”.

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

عون تجاوب مع رغبة واشنطن في تسهيل مفاوضات الحدود البحرية

دعا إلى الاستعانة بخبراء دوليين لفض النزاع مع إسرائيل

 

بيروت: محمد شقير

المفاجأة التي عاد بها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، إلى واشنطن في ختام لقاءاته في بيروت تمثّلت في أن رئيس الجمهورية ميشال عون، تجاوب معه حيال وجهة نظره كأساس لاستئناف المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية حول ترسيم الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، ما يعني أن التعديلات المقترحة على المرسوم رقم 6433 لزيادة المساحات البحرية للبنان في المنطقة المتنازع عليها بين البلدين صُرف النظر عنها، وهذا ما عكسه هيل في لقاءاته المتعددة مع القيادات اللبنانية وممثلين عن هيئات المجتمع المدني.

فلقاء «عون – هيل» -كما يقول عدد من القيادات لـ«الشرق الأوسط»- شكّل نقطة تحوُّل في الموقف الرسمي من دون أن يلقى اعتراضاً من الجهات الرسمية والعسكرية التي كانت قد أقحمت نفسها في تجاذبات حول الآلية الدستورية لإدخال التعديلات على المرسوم 6433 استناداً إلى الإحداثيات التي أعدتها قيادة الجيش بهدف زيادة المساحات البحرية للبنان لاعتمادها في حال تقرر استئناف المفاوضات في مقر قيادة القوات الدولية (يونيفيل) في الناقورة في جنوب لبنان، على أساس معاودتها من النقطة التي بدأت منها المفاوضات من دون تقييدها بسقف التعديلات التي لم يؤخذ بها بذريعة التوافق على كيفية إنجازها بصيغتها الدستورية.

ولفتت هذه القيادات إلى أن عون رمى مسؤولية إقرار التعديلات على مجلس الوزراء، للتوافق على الصيغة النهائية للمرسوم المعدّل، مع أنه سبق أن أُقرّت رزمة من المراسيم الاستثنائية منذ استقالة حكومة حسان دياب من دون العودة إليه، وقالت إن عون نجح في حشر الآخرين، متذرّعاً بموقف وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، لجهة طلبه إحالة المرسوم المعدّل إلى مجلس الوزراء لإقراره، فيما أبدى مرونة في اجتماعه مع الموفد الأميركي الذي سارع إلى التجاوب مع طلبه بضرورة الاستعانة بخبراء دوليين لترسيم الخط البحري لفض النزاع حول الحدود البحرية وعلى قاعدة عدم التفريط بالسيادة والحقوق الوطنية للبنان.

وقالت إن هيل بدا مرتاحاً لموقف عون ولم يُخفِ ارتياحه أمام الذين التقاهم، مستثنياً منهم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وسألت عمّا إذا كان تجاوبه مع هيل يتجاوز تعزيز علاقته بواشنطن إلى فتح ملف باسيل برفع العقوبات عنه، مع أن هيل تجنّب في لقاءاته إعطاء أي إشارة سلباً أم إيجاباً تتعلق بباسيل؟

وفي هذا السياق، سألت مصادر سياسية عن رد فعل «حزب الله» حيال معاودة المفاوضات لترسيم الحدود البحرية من حيث بدأت، خصوصاً أنه لا يزال يلوذ بالصمت، وهل يكتفي بموقفه المبدئي الذي عبّر عنه مع بدء المفاوضات وينطلق من وقوفه وراء الموقف الذي يتخذه عون أسوةً بموقفه الوقوف وراء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عندما طرح إطار الاتفاق لانطلاق المفاوضات من دون أن يأتي على ذكر المساحات البحرية المتنازع عليها بعد أن قام بما يتوجب عليه، تاركاً التفاوض للسلطة التنفيذية من خلال الوفد العسكري للمفاوضات الذي سمّته حكومة تصريف الأعمال؟

كما سألت عن الأسباب الكامنة وراء تجاوب عون مع هيل في تسهيل مهمته لإنقاذ المفاوضات بلا مقابل، خصوصاً أنه لم يلقَ حتى الساعة اعتراضاً من حليفه «حزب الله»، رغم أن الموفد الأميركي تناوله مباشرةً وبالاسم على غرار هجومه على إيران، وإنما هذه المرة من منصة رئاسة الجمهورية في ظل إحجامها عن إصدار أي تعليق، ولو بصورة مباشرة على الحملة الأميركية التي استهدفت حليفه.

وبالنسبة إلى تشكيل الحكومة، كشفت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن عون كرر أمام هيل عدم مطالبته لنفسه بالثلث الضامن من دون أن يسمع منه كلاماً بأنه لا يريد سعد الحريري رئيساً للحكومة أو أن الأبواب مقفلة في وجه تأليفها، وبالتالي فإن الفرصة ما زالت قائمة، من دون أن يخفي عون ما لديه من ملاحظات وانتقادات تستهدف الرئيس المكلف، وقالت إن عون ومن وجهة نظر المصادر نفسها، تجنّب الدخول في اشتباك سياسي مع واشنطن يتعلق بترسيم الحدود البحرية في الوقت الذي يتفرغ لمواصلة اشتباكه بالحريري لدفعه إلى الاعتذار، مع أنه يدرك أنْ لا طائل من رهانه في هذا الشأن.

وأضافت أن هيل -لدى إصراره على الإسراع بتوفير الأجواء لتشكيل الحكومة- لم يدخل في الأسماء، وركّز على أن تشكيلها بالمواصفات التي حدّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحدها يفتح الباب لتأمين انتقال لبنان من الانهيار إلى التعافي بدعم المجتمع الدولي الذي لا يزال شريكاً له، وهو ينتظر أن يتأمّن الشريك اللبناني الذي لن يكون جاهزاً ما لم تؤلَّف الحكومة.

وتجنّب هيل الردّ على أسئلة بعض الذين التقوه حول موقفه من إشراك «حزب الله» ولو بطريقة غير مباشرة في الحكومة كما هو حاصل الآن من خلال الوزيرين حمد حسن وعماد حب الله، رغم أن أحدهم سأله عمّا إذا كان لدى الحريري القدرة على تجاوزه من دون أن يتمثّل كما في الحكومة المستقيلة.

وفي المقابل، ركّز هيل على أن تشكّل الحكومة بالاعتماد على الداخل لأن المشكلة كانت وما زالت داخلية، وإن كانت إيران تضغط لمنع تأليفها وأن هناك من يستعصي على تشكيلها بالتناغم مع هذه الضغوط، ونصح مَن يعنيهم الأمر بعدم ربط ولادتها بالحلول الإقليمية لأنها ما زالت بعيدة ولا قدرة للبنان على الانتظار، سواء بالنسبة إلى الأزمة في سوريا أو المفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي.

وعليه، فإن هيل حمل رسالة إلى حلفاء واشنطن وأصدقائها بأنهم ليسوا متروكين منها، وأن الإدارة الأميركية لن تقف مكتوفة اليدين حيال المشروع الإيراني للتمدُّد إلى عدد من الدول العربية وزعزعة استقرارها، وبالتالي توخّى من لقاءاته رفع معنوياتهم وعدم الاستسلام للمشروع كأمر واقع.

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

دعم الخارج ينتظر من يتلقّفه.. التأليف أمـــام أيام حاسمة…

لم تبق لغة على وجه الأرض إلّا وقاربت الملف اللبناني المعقد بالنصيحة، وكلّها سعت الى محاولة إقناع اطراف الصراع الداخلي بنزع الصواعق المهددة للاستقرار الداخلي، وإطفاء فتائل التعطيل المانعة تشكيل حكومة، وبالتالي التفاهم على صيغة حكومية تنقل البلد من مسار الانفجار الى مسار الانفراج. وكل هذا التزخيم من الخارج، أُحبط واصطدم بالتعطيل والتطنيش في الداخل.

 

فالحراك الدولي الاخير الذي تكثّف في الآونة الاخيرة بشكل ملحوظ في اتجاه بلورة حل للأزمة الحكومية في لبنان، عكس تحذيراً بأنّ الوقت يضيع على لبنان، ووقت الحلول ينفد ولا يوجد متّسع منه. كذلك عكس توجّه المجتمع الدولي الى مدّ اليد للبنان، والنأي به عن كلّ النقاط المتوترة او المتفجرة في المنطقة. هذا ما اكد عليه العرب مع الحضور المصري مع جامعة الدول العربية، كما قُرىء في خلفية الحضور الأميركي، وهو الأول في ظل ادارة جو بادين، الذي يتّسِم بزخم ورسائل واضحة ومباشرة الى معطّلي الحياة السياسية والحكومية في لبنان، تدعو الى «كسر الشر» والتفاهم على حكومة. ويَتوازى مع ذلك الحضور الروسي الذي يمكن وصفه بـ»النوعي»، كذلك الحضور الالماني من الباب الاقتصادي والاستثماري وعرض اعادة اعمار مرفأ بيروت.

 

كل ذلك، يُضاف الى الحراك الفرنسي المتواصل مع أهل السياسة والقرار منذ إطلاق مبادرتهم الانقاذية في آب من العام الماضي، اصطدم بعمق الهوة الفاصلة بين المعطّلين القابضين على الحل في لبنان، وبخشية جدية من ان ينضم هذا الحراك الى ما سبق من محاولات فاشلة أخفقت حتى الآن في سحب هؤلاء المتصارعين من حلبة الحقد والكراهية الشخصية والسياسية المتبادلة بين مَن يدّعون انّهم أمناء على البلد، فيما هم في الحقيقة قد قرروا سلفاً ان يبيعوه لقاء وزير من هنا، أو حقيبة وزارية من هناك، ويتاجروا به عند أي مفترق شعبوي أو محطّة استثمارية على السياسة وغير السياسة.

 

واشنطن

المشهد الداخلي العام بعد هذه الزحمة الدولية، يمكن وصفه بالأقل سواداً مما كان عليه قبل ايام قليلة، الّا انه في قمة الارباك، فكل الداخل منهمك في قراءة أبعاد وخلفيات زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد هيل وما تؤسّس له في الحاضر والمستقبل.

وعلى ما تقول مصادر سياسية وثيقة الصلة بالاميركيين لـ»الجمهورية»: يجب التعمّق ملياً في زيارة هيل أولاً. وخلافاً لكل ما قيل من قبل البعض في لبنان ان هذه الزيارة هي زيارة وداعية يقوم بها هيل لقرب مغادرته منصبه مع الادارة الاميركية الجديدة، فإنّ الاميركيين مع هذه الزيارة أعطوا اشارة لكل الاطراف في لبنان خلاصتها: «نحن هنا، ولن نترك لبنان»، وهم بذلك لم يؤسّسوا فقط لعودة فاعلة تجاه لبنان، بل لاندفاعة اكثر فعالية في مقاربة ملفاته، وهو ما اكد عليه هيل خلال مروحة اللقاءات الواسعة التي أجراها في بيروت.

واللافت في هذا السياق، هو التساؤلات التي أحيط بها الحضور الاميركي عبر هيل، والتي بحثت عما اذا كان حضور الولايات المتحدة الاميركية بصورة فاعلة في الملف اللبناني، بعد فترة طويلة من الانكفاء، مُزاحماً للمبادرة الفرنسية او حاجباً لها او مكمّلاً او رافداً. الّا ان

المصادر الوثيقة الصلة بالأميركيين وقفوا في الاساس مع المبادرة الفرنسية، وثمة رغبة مشتركة بين واشنطن وباريس لبلورة حل في لبنان. الا أنّ تحرّكهم الحالي في اتجاه لبنان يندرج في سياق برنامج اميركي لحل سياسي يقود الى حكومة متوازنة في لبنان تلبي طموحات وتطلعات الشعب اللبناني، وتجري اصلاحات بنيوية وتكافح الفساد وتحاسب الفاسدين، وتعيد بناء الثقة بلبنان وتفتح باب المساعدات الدولية. وبالتالي، كل هذا الحراك الخارجي يتقاطع عند هذا الهدف، سواء أكان عبر المبادرة الفرنسية، التي لا شك انها لم تعد بالزخم الذي كانت عليه في السابق، او عبر الحراك الاميركي الاخير الذي له بالتأكيد ما يكمله.

ورداً على سؤال، حول توقيت زيارة هيل في هذا الوقت بالذات، قالت المصادر نفسها: لنكن صريحين، الزيارة من الاساس جاءت بحسب التوقيت الاميركي، ويجب ان يفهم مغزى هذا الحضور جيداً الذي ارادت ادارة جو بايدن ان تقول من خلاله انها معنيّة بلبنان واستقراره، وهذا يَتأمّن عبر تشكيل حكومة، ولا تضع الادارة الاميركية اي شروط

سياسية او غير سياسية امام هذه الحكومة سوى ان تعبّر هذه الحكومة عن تطلعات اللبنانيين، وتتمتع بالارادة الجدية في العمل واتخاذ الاجراءات الاصلاحية المطلوبة. والأهم، وقبل كل ذلك هو ان يتوفر الشريك اللبناني الصادق والجدي في السير بحكومة كهذه، تشكل المعبر الى خلاص لبنان، والى اصلاحات تفتح الباب على تدفق المساعدات اليه.

 

حراك داخلي مكثف

واذا كانت زيارة هيل وما رافقها من رسائل اميركية اضافة الى الرسائل السياسية والاقتصادية التي عكستها زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى موسكو، قد حرّكت المشهد السياسي وفرضت حالاً من الترقب الداخلي للنتائج وما اذا كان منسوب الايجابيات سيطغى على السلبيات الآسِر للملف الحكومي منذ ما يزيد عن أشهر، فإنّ مصادر سياسية موثوقة على صلة مباشرة بالملف الحكومي، أبلغت الى «الجمهورية» قولها: يبدو انّ المياه الحكومية ستتحرّك، فالملف الحكومي ومع زخم الاتصالات، يبدو انه امام فرصة ثمينة واخيرة. ولكن في ظل الخلاف العميق بين عون والحريري لا يمكن المجازفة بتوقع ايجابيات ملموسة.

 

مبادرة بري أولاً

وبحسب المصادر، ان الحراك الدولي الاخير فتح الباب مجددا على حركة مشاورات مكثفة على الخط الحكومي. والساعات المقبلة ستكون زاخرة باتصالات على اكثر من خط، خصوصاً ان كل الخارج اكد على الحاجة الى تشكيل حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن، فضلاً عن ان هذا الحراك الخارجي تجاه لبنان، حشر المعطّلين في الزاوية، وحصرهم في «مكان واحد»، خصوصاً ان كل العناوين التي تم طرحها على حافة ملف التأليف، من التدقيق الجنائي، الى ملف ترسيم الحدود وغيرها، قد اصطدمت كلها بحائط مسدود، وبمعنى ادق بحائط الفشل على تمريرها، وبحائط الحاجة الى تشكيل حكومة تقوم بهذه الامور، الى جانب ما هو منتظر منها على صعيد المهمة الأم التي ستشكّل على اساسها الحكومة، وهي الشروع في إجراء اصلاحات واتخاذ الخطوات المطلوبة لأخذ الوضع اللبناني الى واحة الانتعاش من جديد.

وتوقعت المصادر ان يكون الحراك الداخلي المتجدد بوتيرة اكثر كثافة، وذلك بالاستفادة من الظروف التي خلقها الحضور الخارجي، والاميركي تحديداً، لتشكيل حكومة اصلاحية متوازنة. واكدت ان وتيرة الاتصالات هذه ستشهد الزخم الواضح مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت.

على ان الأرضية التي سيتركز عليها الحراك الجديد، كما تشير المصادر، هي مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التي تحظى بدعم خارجي عام، سواء من الفرنسيين او من الاميركيين الذين اكدوا على هذا الأمر خلال زيارة هيل، كونها وحدها تشكّل النافذة التي يمكن ان يعبر منها الحل الى حكومة متوازنة من اختصاصيين لا سياسيين، ولا ثلث معطلاً فيها لأيّ طرف. وبحسب المصادر، فإن طريق المبادرة ربما هي الآن أسهل مما كانت عليه قبل الزيارات الخارجية والاميركية الى بيروت، والتي أعادت تحديد خريطة الطريق الدولية الى الحل في لبنان عبر حكومة اصلاحات، وهو ما تؤكد عليه مبادرة بري. فضلاً عن ان هذه المبادرة قد قطعت اكثر من ثلاثة ارباع المسافة الى الحل، وما يبقى منها (ما يتصل بوزارة العدل وبالوزيرين المسيحيين من خارج الحصة الرئاسية) ليس من النوع الصعب على الحل، بل هو قابل للحل سريعاً اذا ما توفّرت النية بتغليب تسهيل الحكومة على تعطيلها، وكذلك توفرت الرغبة والارادة الجدية والصادقة في تشكيل حكومة البلد في أمَسّ الحاجة اليها.

ورداً على سؤال اكدت المصادر ان هامام القوى السياسية حائط، وثمة من حاول المراوغة بطرح امور مستحيلة، وثبت للجميع ان من يسلكون طريق الهرب من تشكيل الحكومة لا يملكون ان يتابعوا هذا الهرب، وصاروا وحدهم معزولين امام العالم كله، ولا يستطيعون اقناع احد بحججهم، ولذلك هناك حائط مسدود، ومبادرة الرئيس بري تتلمّس في هذا الحائط ثغرة للنفاذ منها، ودفع القوى السياسية الى التفاهم، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف. فمهما كان قرارهما او قرار اي منهما بعدم التفاهم والتعايش مع الآخر، فهما تِبعاً لواقع الحال اللبناني محكومان بأن يتفاهما في نهاية الامر ولو رغماً عنهما. ومبادرة بري موجودة، وليوفّرا على البلد هذا الانتظار.

واشارت المصادر الى ان التعويل حالياً هو على حراك التأليف، حيث اذا ما امكن تحقيق خطوات الى الامام، فساعتئذ يمكن اعتبار الاسبوع المقبل حاسماً على الصعيد الحكومي.

 

لا شيء في الأفق

الّا ان مصادر سياسية معنية بملف التأليف لا ترى في الافق ما يؤشر الى امكان توافق حكومي لا الآن ولا في المدى المنظور. وحقيقة المواقف تلخّصها حقيقة المشاعر الحاكمة للعلاقة بين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي والرئيس المكلف وفريقه السياسي. فضلاً عن ان ايّاً من الطرفين لم يبد اي تجاوب حتى الآن في الانفتاح على الآخر او التجاوب معه.

وقالت المصادر لـ»الجمهورية»: الواضح من كل الحراك الذي حصل وقد يحصل انه يهدف الى حشر رئيس الجمهورية وحمله على تليين موقفه من تشكيل الحكومة.

ولفتت المصادر الى انها لا تعوّل على اي حراك سابق ولاحق، كما لا تعوّل على اي اتصالات داخلية قد تحصل، فكل ذلك لن يُبدّل في واقع الحال اللبناني، فقد سبق ان جُرِّب وفشل، وذلك لسبب اساسي هو ان كل ذاك الحراك أكان اتخذ شكل اتصالات او زيارات او نصائح او تمنيات، لم يقترن بما يجب ان تقترن به، اي الضغوط الجدية التي تحمل الاطراف المعنيين بتعطيل الحكومة على التراجع والتنازل والتفاهم على تشكيل حكومة بمعزل عن الشروط التعجيزية التي تطرح.

 

الحريري وموسكو

وكان الحريري قد تلقى امس جرعة دعم روسية جديدة لتشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسيين برئاسته، وجاء ذلك في نهاية زيارة العمل التي قام بها الحريري الى روسيا، والتي اختتمها بلقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو في حضور الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية السفير اندريه بانوف والمبعوث الخاص للرئيس الحريري الى روسيا جورج شعبان والمستشار باسم الشاب، جرى خلاله مناقشة تطورات الأوضاع في لبنان بشكل تفصيلي ولا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية. كما تناول البحث موضوع اللاجئين السوريين وإمكانية تزويد روسيا لبنان باللقاحات لمواجهة جائحة كورونا. واكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الرئيس الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي. وبعد الظهر اختتم الرئيس الحريري زيارته الى روسيا وغادر مطار موسكو.

واعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ «الوزير لافروف التقى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري اثناء تواجده في موسكو للقيام بزيارة عمل تلبية لدعوة رئيس الحكومة الروسية ميخائيل ميشوستين». وأوضحت الخارجية الروسية، في بيان، أنه «جرى خلال الاجتماع تبادل معمّق للآراء حول الوضع الراهن في لبنان مع التشديد على ضرورة الاسراع في تجاوز الازمة الاقتصادية – الاجتماعية عبر تشكيل حكومة مهمة تكنوقراط مقتدرة، تحظى بتأييد قوى سياسية اساسية وطائفية في البلاد». وأكد الجانب الروسي موقف روسيا الثابت في صون سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، كذلك شدد على ضرورة حل القضايا الحادة الملحّة في الأجندة الوطنية على قاعدة تفاهم القوى السياسية الاساسية في لبنان ومن دون تدخلات اجنبية. وقال البيان إن البحث تطرّق الى الوضع الإقليمي بما فيه العمل على عودة اللاجئين السوريين المتواجدين في لبنان الى ديارهم. كما تناول الطرفان واقع وآفاق تفعيل التعاون الروسي – اللبناني ذي النفع المتبادل، بما في ذلك تقديم مساعدات إضافية الى لبنان في محاربته انتشار فيروس كورونا.

 

هيل

في هذه الاثناء، اختتم مساعد وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، زيارته بيروت بلقاء مع رئيس «حركة الاستقلال» النائب المستقيل ميشال معوض في دارته في بعبدا، الذي استقبله والسفيرة الأميركية دوروثي شيا والوفد المرافق. وجرى البحث خلال اللقاء، بحسب بيان صادر عن معوض، «في الأوضاع اللبنانية في ظل الأزمات المتتالية وعجز الطبقة السياسية، مع التشديد على ضرورة تحقيق التغيير المنشود، بالإضافة إلى دور الولايات المتحدة في تقديم المساعدات الضرورية للشعب اللبناني». واستبقى معوض الوفد إلى مأدبة عشاء، في حضور الوزيرة السابقة نايلة معوض وعدد قليل من الأصدقاء.

 

«حزب الله»

من جهة ثانية، برز تقرير أعدّته وكالة «رويترز» اشارت فيه الى ان «حزب الله» يقوم باستعدادات تحسباً لانهيار تام للبلد، عبر إصدار بطاقات حصص غذائية واستيراد أدوية وتجهيز صهاريج لتخزين الوقود من إيران».

واعتبرت انّ هذه الخطوة التي تعدّ استجابة لأزمة اقتصادية خطيرة، ستمثّل توسعاً في الخدمات التي يقدمها الحزب إلى قاعدة دعمه الشيعية الكبيرة، بشبكة تشمل جمعيات خيرية وشركة بناء ونظام تعويضات.

وقالت: انّ هذه الخطوات تلقي الضوء على المخاوف المتزايدة من انهيار الدولة اللبنانية، وهو الوضع الذي تصبح السلطات فيه غير قادرة على استيراد الغذاء أو الوقود من أجل تفادي الظلام. كما تبرز الدور المتنامي لـ»حزب الله» في التعامل مع الأزمة بخدمات يوفرها عادة ما تكون من اختصاصات الحكومة. كما تعكس هذه الخطة المخاوف في لبنان من أن يدفع الانهيار الناس إلى الاعتماد على الأحزاب السياسية للحصول على الغذاء والأمن، كما كان الحال مع الميليشيات خلال الحرب الأهلية.

ونقلت رويترز عمّا سمّتها مصادر مؤيدة لـ»حزب الله»، طلبت عدم نشر أسمائها، «أنّ الخطة التي من شأنها التحضير للسيناريو الأسوأ المحتمل تسارعت مع اقتراب رفع الدعم في الأشهر المقبلة، ما يثير أشباح الجوع والاضطرابات».

وقال مسؤول كبير لـ»رويترز»: «الاستعدادات بدأت للمرحلة المقبلة. إنها بالفعل خطة معركة اقتصادية».

وقالت المصادر إنّ بطاقة «حزب الله» التموينية الجديدة، تساعد بالفعل مئات الأشخاص على شراء السلع الأساسية بالليرة اللبنانية، وهي عبارة عن مواد إيرانية ولبنانية وسورية بسعر أرخص إلى حد كبير وبخصم يصل إلى 40 في المئة بدعم من الحزب. ويمكن استخدام البطاقة، في تعاونيات بعضها جديد في ضواحي بيروت الجنوبية وأجزاء من جنوب لبنان حيث نفوذ «حزب الله». ولم تتطرق المصادر إلى تفاصيل الميزانية أو المستفيدين.

وقال مصدر شيعي إن «حزب الله» ملأ المستودعات ووزع البطاقات لتقديم الخدمات إلى عائلات لا تنتمي إلى الحزب، كما سدّ الثغرات في السوق اللبنانية، وهذه البضائع مدعومة من «حزب الله» أو تستوردها شركات حليفة له، أو تأتي من دون رسوم جمركية عبر الحدود مع سوريا.

وذكر مصدران لـ»رويترز» أنّ الخطة تشمل تخزين الوقود من إيران، فيما تحذّر وزارة الطاقة اللبنانية من احتمال انقطاع التيار الكهربائي. وقال المسؤول الكبير إنّ «حزب الله» يسعى لإيجاد أماكن تخزين الوقود في سوريا المجاورة، مضيفاً: «عندما نصل إلى مرحلة العتمة والجوع، ستجدون أنّ («حزب الله») اتّجه نحو الخيار الثاني، وهذا قرار خطير. عندها الحزب سيقوم مقام الدولة». وتابع: «إذا وصلنا إلى ذلك الوقت يكون الحزب قد اتخذ احتياطاته لمنع الفراغ».

 

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

تهاوي مؤسسات الدولة الواحدة: عون تتلبس دور «جيمس بوند» في عوكر!

إجتماع عاصف للهيئات القضائية اليوم… وإجراءات قريبة لرفع الدعم مع انكشاف فضائح الهدر والإختلاسات

 

على وقع تهاوي مؤسسات الدولة، أو تآكل وظائفها، وانهيار البنيان الذي تقام عليه، في ظل تمادي قوى «السلطة الهابطة» في الممارسات الكارثية في بلد نخره الفساد، وأصبحت الممارسات «الشيطانية» سمة مسؤوليه، في نظر الزوار العرب والأجانب، فضلاً عن اللبنانيين، سجلت المدعي العام الاستئنافي السابق في جبل لبنان القاضية غادة عون دوراً «جيمس بوندياً» مشهوداً بتاريخه، ووقائعه، على طريقة «قباضايات الأحياء» في باب الحارة، وسائر حارات البلد المسكين، لبنان.

 

بدا الحدث بالغ الخطورة.. والأخطر ما سينجم عن الاجتماع الذي دعت إليه وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم إلى اجتماع مع مجلس القضاء الأعلى والمدعي العام التمييزي، وهيئة التفتيش القضائي، للبحث في قضية القاضية غادة عون.

 

ووصف الإعلام العوني (OTV) «قرار عويدات بالتعميم المثير للجدل، ويتعلق بالقاضية غادة عون، ولا سيما في ما يتعلق بصلاحياتها في متابعة الجرائم المالية الهامة». في إشارة نقلاً عن أوساط متابعة عن الخشية من محاولات لسحب ملفات أساسية من يد القاضية عون، ولا سيما ما يرتبط بالتلاعب بالدولار وتحويل الأموال إلى الخارج»، مستبقاً ما سيترتب على التجاذب الحاصل في ساحة القضاء الذي استخدم بعض منه بطريقة انتقائية بملفات، يغلب عليها البعد الانتقامي.

 

ويأتي هذا التطور في ضوء المراوحة القائمة في الملفات وانعدام القدرة على معالجتها مما يفسح في المجال أمام المزيد من التدهور والصورة الحكومية  الضبابية آخذة في التمدد ما يعني أن الطروحات لم تصل إلى المكان الذي يجب أن تصل إليه والمبادرات متوقفة إلى حين ما قد يحمله رئيس الحكومة المكلف مع العلم ان الاتصالات التي تمت مؤخرا بين المعنيين اظهرت ان ما من تقدم وليس مؤكدا أن الكلام الشديد اللهجة للسفير هيل سيؤخذ بالاعتبار، حسب مصادر سياسية واسعة الاطلاع.

 

في هذه الأثناء رأت المصادر نفسها أن حركة تسجل للأحزاب في ما خص تقديم إعانات أو إعاشات، مشيرة إلى أنه كلما اقترب التحضير للانتخابات النيابية كلما قامت حركة كهذه ولو أن الأحزاب صنفتها في خانة المساعدة  للتخفيف من ضغوطات الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

 

وتأتي هذه الإجراءات، من قبل الأحزاب النافذة للتعويض عما سيترتب على خطوات رفع الدعم التدريجي، بعد انكشاف فضائح الأموال المهدورة في اللحم المدعوم (بملايين الدولارات)، والأمر نفسه ينسحب على الحليب، خاصة حليب الأطفال المفقود في الصيدليات والأسواق، فضلاً عن الهدر في المحروقات والكهرباء.

 

يأتي ذلك، في ظل تجديد الرئيس عون بأن معركته الأساسية هي المحاسبة، وقال: «أخذت على نفسي متابعة موضوع الفساد وتنفيذ التدقيق الجنائي مستمر».

 

إلى ذلك، تحدثت معلومات عن اجتماع عقد بين مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «​حزب الله​» ​وفيق صفا​، ورئيس «​التيار الوطني الحر» النائب ​جبران باسيل​، لم يُفض إلى نتيجة في ملف تشكيل ​الحكومة​».

 

ولفتت إلى أنّ «باسيل أشار إلى أنّه من حيث المبدأ، لا مانع لديه من تشكيل حكومة «8-8-8»، وإلى أنّ الرئيس عون​ قد أبلغ الأمر للمعنيّين، لكنّه أكّد أنّ «التيار» لا يريد المشاركة في الحكومة أو إعطاء الثقة لها، ولا أحد يمكنه إجباره على ذلك».

 

وأفادت المعلومات، بأنّ «باسيل سأل من حصّة مَن ستكون ​وزارة الداخلية والبلديات​؟ وإذا كانت للمسيحيّين فمَن سيسمّي الوزير؟»، مشيرةً إلى أنّه «سأل أيضًا عمّن سيسمّي الوزراء المسيحيّين الذين ليسوا من حصّة الرئيس عون؟»، فضلاً عمن سيتولى وزارة العدل.

 

الحريري يغادر موسكو

 

على صعيد آخر، غادر الرئيس المكلف سعد الحريري موسكو، مختتماً زيارة العمل الى روسيا بلقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو بحضور الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا نائب وزير الخارجية  ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية السفير اندريه بانوف والمبعوث الخاص للرئيس الحريري الى روسيا جورج شعبان والمستشار باسم الشاب، جرى خلاله مناقشة  تطورات الأوضاع ِفي لبنان بشكل تفصيلي ولا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية .

 

كما تناول البحث موضوع اللاجئين السوريين وإمكانية تزويد روسيا للبنان باللقاحات لمواجهة جائحة كورونا.

 

وقد اكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الرئيس الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي.

 

وحسب الخارجية الروسية، فقد جرى خلال الاجتماع تبادل معمّق للآراء حول الوضع الراهن في لبنان مع التشديد على ضرورة الاسراع في تجاوز الازمة الاقتصادية- الاجتماعية عبر تشكيل حكومة مهمة تكنوقراط مقتدرة، تحظى بتأييد قوى سياسية اساسية وطائفية في البلاد.

 

وأكد الجانب الروسي على موقف روسيا الثابت في صون سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، كذلك شدد على ضرورة حل القضايا الحادة الملحة في الأجندة الوطنية على قاعدة تفاهم القوى السياسية الاساسية في لبنان ومن دون تدخلات اجنبية.

 

وأضاف البيان أن البحث تطرق الى الوضع الإقليمي بما فيه العمل على عودة اللاجئين السوريين المتواجدين في لبنان الى ديارهم.

 

ويتوجه غداً إلى قطر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، يرافقه مستشاره خضر طالب، من دون أي وفد وزاري، لبحث موضوع المحروقات في زيارة تستمر يومين، ويعود بعد غد الاثنين.

 

وبدا ان العلاقات بين بعبدا والسراي الكبير ليست على ما يرام في ضوء تمنع الرئيس دياب عن دعوة مجلس الوزراء للاجتماع لإقرار تعديل المرسوم البحري، الذي رفض الرئيس عون التوقيع عليه.

 

وكان الرئيس عون طلب من هيل الاتصال بالجانب الإسرائيلي لمعرفة موقفه من استئناف المفاوضات، موعد الدبلوماسي الأميركي بإثارة الموضوع، ونقل الجواب إلى لبنان.

 

غادة عون في مؤسسة «مكتف»

 

والحدث الذي شغل الرأي العام، تمثل باقدام مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، بتلبس شخصية «جيمس بوند» هاجمت قبل قليل مكاتب ميشال مكتّف للصيرفة، بحماية عناصر من أمن الدولة، ومؤازرة ناشطين مقرّبين منها، تحت اسم «متّحدون»، والحرس القديم، القريبين من التيار الوطني الحر.

 

لكنّ المحامي ألكسندر نجّار واجهها بأنّ النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قد أصدر صباحاً قراراً قضى بتعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون أن يلحظ القرار اسم عون. ما يعني أنّها باتت بلا صلاحيات في هذا الملفّ.

 

 

وبالتالي فقد انتقل ملفّ الصيرفة إلى يد القاضي سامر ليشع، ومعه كلّ الملفات المالية، كمحامٍ عام في جبل لبنان.

 

لكن عون رفضت كلام نجار، وطلبت من عناصر أمن الدولة إجبار الموظفين على تسليمها الداتا في الكمبيوترات. لكنّ مرجعاً قضائياً كبيراً طلب من المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا سحب العناصر باعتبار عون بلا صلاحيات في الملفّ. وهكذا كان. فبقيت عون هي ومرافقَيها، وبضع ناشطين مقرّبين منها تحت اسم «متّحدون». وهؤلاء حاولوا افتعال مشكلة، لكنّ عناصر أمن الدولة المنسحبين جعلوا عدد الموظفين أكثر من عدد الناشطين ومرافقي القاضية.

 

وقال المحامي نجّار لعون: «نحن قدمنا طلب ردّ بحقّك، وهناك قرار جديد بعزلك، لكن نحترمك كقاضية لكن لا يحق التدخّل في هذا الملف»، فأجابت: «أنا لا آبه بقرار غسان عويدات، وأنا لم آبه بالمديرة العامة لمصلحة تسجيل السيارات والآليات هدى سلوم ولا بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولا بالنائب سليمان فرنجية، فهل سأسأل عن غسان عويدات؟. أنا معي الشعب…».

 

وعلى الفور، توجهت مجموعات من «متحدون» إلى عوكر لاعلان التضامن مع القاضية عون.

 

وحسب القاضي السابق حاتم ماضي فإنه بموجب سلطة النائب العام التمييزي التسلسلية الرئاسية، يمكنه ان يوجه سير الدعوى العامة بتعليمات خطية أو شفهية، وعلى النائب العام المعنى ان يتوقف فوراً عن متابعة أعماله.

 

الاستعداد للأسوأ

 

وسط ههذ الأجواء القاتمة، يستعد حزب الله عبر تخزين المواد الغذائية والنفطية للمرحلة الخطرة المقبلة، والتي ستكون بعنوان اقتصادي.

 

وبحسب ما يلاحظ المواطنون فإن الحزب يتوسع بتقديم إلى قاعدة شعبية مرتبطة بشبكة تشمل جمعيات خيرية وشركة بناء ونظام تعويضات.

 

وتلقي هذه الخطوات الضوء على المخاوف المتزايدة من انهيار الدولة اللبنانية وهو الوضع الذي تصبح السلطات فيه غير قادرة على استيراد الغذاء أو الوقود من أجل تفادي الظلام. كما تبرز الدور المتنامي لحزب الله في التعامل مع الأزمة بخدمات يوفرها عادة ما تكون من اختصاصات الحكومة.

 

وتعكس هذه الخطة أيضا مخاوف في لبنان من أن يدفع الانهيار الناس إلى الاعتماد على الأحزاب السياسية للحصول على الغذاء والأمن كما كان الحال مع المليشيات خلال الحرب اللبنانية بين 1975 و1990.

 

وردا على سؤال حول خطط حزب الله قالت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال ليلى حاطوم إن البلاد «ليست في وضع يسمح لها برفض المساعدة» بغض النظر عن السياسة.

 

وقالت المصادر  المطلعة، إن الخطة التي من شأنها التحضير للسيناريو الأسوأ المحتمل تسارعت مع اقتراب رفع الدعم في الأشهر المقبلة، مما يثير أشباح الجوع والاضطرابات.

 

وقال أحد المصادر وهو مسؤول كبير «الاستعدادات بدأت للمرحلة المقبلة.. إنها بالفعل خطة معركة اقتصادية».

 

الى ذلك، أوضحت المصادر أن بطاقة حزب الله التموينية الجديدة تساعد بالفعل مئات الأشخاص على شراء السلع الأساسية بالليرة اللبنانية وهي عبارة عن مواد إيرانية ولبنانية وسورية بسعر أرخص إلى حد كبير وبخصم يصل إلى  40٪ بدعم من الحزب. يمكن استخدام البطاقة في تعاونيات بعضها جديد في ضواحي بيروت الجنوبية وأجزاء من جنوب لبنان حيث نفوذ حزب الله.

 

وأضاف المصدر أن حزب الله لديه خطط مماثلة لاستيراد الأدوية. وقال بعض الصيادلة في الضاحية الجنوبية لبيروت إنهم تلقوا تدريبات على التعامل مع ماركات إيرانية وسورية جديدة ظهرت على الرفوف في الأشهر الأخيرة.

 

وقال مصدران إن الخطة تشمل تخزين الوقود من إيران، فيما تحذر وزارة الطاقة اللبنانية من احتمال انقطاع التيار الكهربائي. وقال المسؤول الكبير إن حزب الله يسعى لإيجاد أماكن تخزين الوقود في سوريا المجاورة.

 

وقال المسؤول «عندما نصل إلى مرحلة العتمة والجوع، ستجدون أن حزب الله راح على الخيار الثاني وهذا قرار خطير. عندها الحزب سيقوم مقام الدولة ومنع الفراغ».

 

منصة المركزي

 

ويبدأ مصرف لبنان بعد غد الاثنين في المعهد العالي للأعمال ECOLE SUPERIEURE DES AFFAIRES-CLEMENCEAU تدريب أكثر من 150 متعاملاُ من المصارف والصرّافين على ما أصبح يُعرف بـ«المنصة». وهي التطبيق الألكتروني الجديد المعوَّل عليه تخفيض معادلة دولار- ليرة في الأسواق ،وسحب الطلب المؤسساتي من السوق السوداء إلى سوق شبه ‏رسمية.

 

تهدف هذه المنصّة إلى تنظيم سوق العملة. وبالتالي، فإن هذه المنصّة ستخدم بالدرجة الأولى، وبشكل حصري في المرحلة الأولى، النشاط ‏الاقتصادي. أي التجار والصناعيين والمزارعين.

 

وتأخرت المنصة لبعض الوقت نظراً لبعض الإجراءات التنظيمية، التي استوجبت فتح مديرية خاصة بها (وعدم توكيلها لمديرية الحسابات الجارية كما كان مقرراً) وتعيين عباس عواضة (رئيس نقابة الموظفين) لإدارتها، وفقا لمصادر مصرفية، والسؤال الأهم اليوم هو: هل ستنجح هذه المنصّة في خفض سعر صرف الدولار مُقابل الليرة اللبنانية؟ وبمعنى آخر، ما هي قواعد الاشتباك في السوق الموازي.

 

ثانياً- مُحاربة التهريب بكل أشكاله لضمان كفاية السوق اللبناني وعدم السماح للتجّار بتهريب البضائع ‏والسلع المدعومة (وحتى غير المدعومة!) إلى خارج الحدود، كما هو الأمر حتى الآن حيث نرى المواد ‏الغذائية المدعومة في العديد من دول العالم (السويد، الكويت، غانا…) والمحروقات في سوريا.‏ وبالتالي، فإن ‏استخدام المنصّة الجديدة، التي ستُسجّل العمليات بشكل علني، ستسمح للأجهزة الرقابية من وزارة ‏الاقتصاد والتجارة ووزارة المال والجمارك بملاحقة التجار المُخالفين. والأهمّ، ملاحقة التهرّب الضريبي ‏الذي يقوم به هؤلاء عبر رفضهم القبول بوسائل الدفع بالشيكات أو البطاقات المصرفية واعتماد النقد.

 

والسؤال كيف يمكن ان يكون سعر الدولار؟ يُمكن القول ‏إن نجاح عمل المنصّة التي سيطلقها مصرف لبنان، سيجعل الدولار ينخفض حكمًا على المدى القصير. ‏وإذا ما تشكّلت حكومة قادرة على القيام بإصلاحات اقتصادية ومالية، فإن الدولار سيعود أدراجه إلى ‏مستويات مقبولة للمواطن اللبناني.‏

 

506808 إصابة

 

صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 2008 إصابة جديدة بفايروس كورونا و45 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 506808 إصابة مثبتة مخبرياً.

 

وفي الإطار، فقد غرّد مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض، قائلاً «يعد الانخفاض، خلال الأسبوع الماضي، في عدد مرضى الكورونا الذين احتاجوا دخول العناية المركزة، وفي معدل الفحوصات الموجبة المبلغ عنه، أخبارًا جيدة. في بلد يمر بأزمات متعددة، هناك حاجة ماسة إلى هذه الأخبار السارة. ومع ذلك، لا تزال قضايا عدة ذات صلة تثير القلق. على الرغم من الانخفاض في حالات الاستشفاء بسبب الكورونا، لا يزال عدد حالات العدوى اليومية الجديدة مرتفعًا، ولا يزال معدل الفحوصات الموجبة يزيد عن ١٠٪.  هذا يعني ان الفيروس حاضر بقوة في المجتمع. مع تخفيف القيود وفتح المدارس، لن يكون عودة التزايد في عدد الحالات مفاجئًا.

 

***************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

معركة الحكومة: عون يتعثر بالتدقيق.. والحريري يفشل في استثمار سفراته بالداخل

 حرب الملفات تنفجر قضائيا: عويدات يكف يد القاضية عون عن القضايا المالية الهامة

شهر حاسم لسياسة الدعم ودياب الى قطر غدا طلبا لمساعدة عاجلة

 محمد بلوط

 

هل تبقى الابواب موصدة امام تشكيل الحكومة ام ان تراجع تاثير معركة الملفات والرهانات سيساعد على تحسين اجواء وفرص نجاح المساعي التي يبذلها الثنائي الشيعي لتذليل العقبات امام التأليف؟

 

حتى مساء امس لم يطرأ على الوضع الحكومي اي تطور يبعث على التفاؤل بقرب الحسم، لكن مصادر مطلعة ابلغت الديار ان الرئيس بري بالتنسيق مع حزب الله مستمران بجهودهما باتجاه الرئيسين عون والحريري لتذليل العقبات العالقة لا سيما عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين الاضافيين وحسم وزارتي الداخلية والعدل بعد ان جرى حسم صيغة الـ ٢٤ وزيرا والموافقة المبدئية على معادلة الـ ٨،٨،٨.

 

وتقول المعلومات ان الثنائي الشيعي طرح في الايام القليلة الماضية اكثر من اقتراح ومخرج لهذه العقد انطلاقا من تاكيد استبعاد الثلث المعطل ومعالجة ما سمي بهواجس بعبدا المتعلقة بطريقة تسمية الوزيرين المسيحين واصرار الحريري على التمسك بوزارة العدل.

 

وتضيف بان الرئيس عون او النائب باسيل لم يطالبا بثمانية وزراء زائد تسمية الوزيرين المسيحيين كما تحدث البعض لكنهما ما زالا يبديان تحفظا حول موضوع تسمية الوزيرين، وينتظران موقف الرئيس الحريري في هذا الشأن وفي موضوع العدل والداخلية. بينما تعتبر اوساط بيت الوسط ان هذا الموقف هو هروب الى الامام ومحاولة لاخفاء رغبة عون وباسيل في التمسك بالثلث المعطل.

 

وقالت مصادر مقربة من الحريري امس للديار ان لا شيء استجد على موضوع الحكومي، وان المعلومات التي لديها تفيد بان بعبدا لم تعط حتى الآن جوابا صريحا للرئيس بري حول تخليها عمليا عن الثلث المعطل.

 

واضافت ان اثارة موضوع تسمية الوزيرين المسيحيين ليس سوى محاولة للحصول على الثلث المعطل المقنع، مؤكدة رفض اعطاء هذا الثلث بشكل مباشر ام مقنع.

 

وقالت مصادر الحريري ان هناك اجماعا داخليًا وخارجيًا على رفض الثلث المعطل، وبالتالي فان الكرة في مرمى الرئيس عون. وعندما يتخلى عن هذا الثلث قولا وفعلا تسلك عملية تشكيل الحكومة مسارها لان التخلي عن الثلث هو السبيل لتأليف الحكومة.

 

وفي المقابل قال مصدر في التيار الوطني الحر للديار ان الرئيس عون عبر اكثر من مرة عن موقفه مؤكدا عدم المطالبة بالثلث المعطل، لكن هذا لا يعني الاخلال بالمشاركة في تشكيل الحكومة وما يؤكد عليه الدستور في هذا المجال، ولا يعني عدم التوازن في الحكومة ليس على مستوى توزيع عدد الوزراء فحسب بل ايضا على صعيد توزيع الحقائب واعتماد المعيار الواحد.

 

واعتبر المصدر ان اتهام رئيس الجمهورية او التيار بالعرقلة والتشبث بالثلث المعطل هو من باب التعمية على الحقيقة، مشيرا الى ان في كل مرة يصل النقاش والبحث في التشكيلة الحكومية الى نقطة حاسمة، يجتهد الرئيس الحريري للسفر الى هذا البلد او ذاك في اطار سياسة الهروب الى الامام تهربا من المسؤولية.

 

واضاف ان مثل هذه الزيارات والجولات لن يغير شيئا، فالمطلوب من رئيس الحكومة المكلف ان يقوم بمسؤولياته ويتابع عملية التشكيل مع رئيس الجمهورية بدلا من ممارسة رحلاته وتجواله في الخارج.

 

وفي ظل هذا المشهد قال مصدر سياسي بارز للديار امس ان هناك عوامل ومعطيات يفترض ان تحدث خرقا في جدار الازمة ابرزها:

 

– المواقف الدولية التي باتت محسومة لجهة تحميل المسؤولين والاطراف اللبنانية مسؤولية تاخير الاستحقاق الحكومي.

 

– استنزاف استخدام عون والحريري لاوراقهما في معركة الحكومة. فرئيس الجمهورية لم ينجح في تقديم التدقيق الجنائي على الحكومة ولم يتمكن من استثمار موضوع مرسوم الحدود البحرية بل اضطر الى التراجع غداة زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل تحت عنوان دستوري. اما الحريري، الذي نجح في تحسين وضعه في الخارج من خلال برنامج زياراته المكثفة، فانه لا يستطيع ان يستثمر هذا النجاح في معركة الحكومة، كما انه لم يتمكن حتى الآن من حصول جواز سفر سياسي الى السعودية.

 

وهذا الواقع يعتبر عاملا مؤثرا وضاغطا على الرجلين للعودة الى التعامل مع المساعي الحكومية بواقعية اكثر.

 

– هناك شهر حاسم يتعلق بمصير الدعم وما يمكن ان يفرضه هذا الاستحقاق من تحديات ومخاطر، وبالتالي فان كلا من عون والحريري بات محشورا فلا الاول يستطيع ان يفرط بمصير باقي عهده ولا الثاني يستطيع ان يضمن الاستمرار على هذا المنوال من دون تشكيل حكومته.

 

مصير الدعم وزيارة دياب لقطر

 

على صعيد آخر كشفت مصادر مطلعة للديار عن مراجع بارزة تخوفها من تداعيات ومخاطر الوضع في ظل التحذيرات التي ابلغها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لكبار المسؤولين مؤخرا وما اعلنه وزير المال غازي وزنة مؤخرا بان سياسة الدعم والاموال المخصصة لها لن تكفي لاكثر من نهاية ايار المقبل.

 

وقالت المصادر ان الاتصالات الاخيرة لم تسفر عن اية نتائج بسبب الخلافات في الاراء حول هذا الموضوع، وعدم تجرؤ اي مسؤول على اتخاذ قرار حاسم بشأنه.

 

وفي المعطيات المتوافرة فان زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الرسمية الى قطر بعد غد الاحد مرتبطة بالبحث مع المسؤولين في الدوحة وعلى راسهم امير قطر في السعي للحصول على مساعدة فورية وسريعة للبنان من اجل توفير استنزاف احتياطي مصرف لبنان في دعم المحروقات والفيول اويل، الى جانب ما يمكن ان توفره الدوحة من مساعدة مالية عاجلة. وقالت المعلومات ان الرئيس دياب ،الذي استمهل البت بموضوع خطة ترشيد الدعم الى ما بعد شهر رمضان، لا يريد تحمل رفع الدعم وتداعيات هذه الخطوة. ويشدد في هذا المجال على خيارين: اما الاسراع بتشكيل الحكومة لتتحمل مثل هذه المسؤولية، او ان يتحمل الجميع المسؤولية فعلا لا قولا اتخاذ القرار المناسب لا سيما في ظل الخلافات الحاصلة حول هذا الموضوع.

 

وتشير المعلومات الى ان كل الاتصالات والمشاورات التي حصلت حتى الآن لم تسفر عن نتائج ملموسة ما يترك قضية الدعم قنبلة موقوتة لا يحسب متى تنفجر في وجه الجميع.

 

ويقول مصدر مطلع للديار ان هذا الموضوع يشكل بالاضافة الى انه يشكل تحديا كبيرا للجميع فانه يجب ان يكون حافزا قويا لتخلي الاطراف المعنية عن تعنتها من اجل تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، محذرا من ان انفجار الوضع الاجتماعي ربما ادى الى تغيير معادلة تاليف الحكومة واطاح بكل رهانات وحسابات بعض الاطراف.

 

وفي هذا السياق قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس» انه بانتظار اتفاق الاقطاب الكبار في الجو والبحر والبر لتركيب حكومة الانقاذ فان الدعم العشوائي وغير المدروس والذي يستفيد منه كبار التجار والمافيات المحيطة سيطيح بالاحتياطي الالزامي وبالمقومات الاساسية للوجود. اما الثروات البحرية فقد تصبح مشاعات تستباح من اسرائيل ومن سوريا».

 

 عويدات يكف يد عون

 

على صعيد آخر برز امس تطور قضائي يتصل بالتجاذب الحاصل في قضايا وملفات مالية وتهريب اموال وتلاعب بسعر الدولار وغيرها.

 

واصدر المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات قرارا بكف يد المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات المالية المهمة ومنها ملف الدعوى على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وملف الصرافين.

 

وقضى القرار بتوزيع الاعمال في دوائر النيابات العامة الاستئنافية في جبل لبنان، فاسند جرائم الاتجارالمالية الهامة للقاضي سامر ليشع، وجرائم الاتجار بالمخدرات للقاضي سامي صادر، وجرائم القتل للقاضي طانيوس السغبيني.

 

وبعد ظهر امس توجهت القاضية عون الى مركز مكتف للصيرفة في عوكر الذي كان ختم بالشمع الاحمر في دعوى تهريب الاموال والدولار الى الخارج ثم نزع الختم بعد ذلك. ورافق عون عناصر من امن الدولة، وفي المركز اعترض محامو القاضية التي اصرت على ختم المركز بالشمع الاحمر الى حين تسلم القاضي الجديد، وحققت ذلك بعد مناوشات طويلة تخللها وعكة صحية وحالة ارتفاع ضغط القاضية عون ما استدعى حضور راهبتين ممرضتين وسيارة اسعاف لمتابعة وضعها.

 

 زيارة الحريري لموسكو

 

وامس اختتم الرئيس الحريري زيارته الى موسكو بلقاء موسع مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وكبار المسؤولين في الوزارة، وتركز البحث حول موضوع الحكومة وملفات عديدة تتعلق بالتعا ون مع روسيا في المرحلة المقبلة.

 

وحسب بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري اكد لافروف دعم روسيا لجهود الحريري في تاليف الحكومة باسرع وقت.

 

واعربت مصادر الحريري عن ارتياحها لنتائج الزيارة ووصفتها بالممتازة، لافتة الى تاكيد موسكو مرة اخرى دعمها للحريري كما عبر لافروف سابقا في ابو ظبي.

 

وقال المبعوث الخاص للحريري في موسكو جورج شعبان ان الزيارة كانت رسمية وتم استقباله رسميا. وكانت مثمرة ومهمة جدا، وكان هناك دعم واضح للجهود التي يبذلها الرئيس الحريري في سبيل انقاذ لبنان من الازمة الاقتصادية والسياسية.

 

واضاف ان المكالمة الهاتفية بين ألرئيس الحريري والرئيس الروسي كانت واضحة واكدت على دعم لبنان واستقلاله وسيادته، والعمل على عدم السماح باستمرارتدهور الوضع في لبنان.

 

واشار شعبان الى ان هناك اهتماما روسيا بتحقيق الامن والاستقرار في لبنان، واستعداد روسيا للتواصل مع كل الدول والقوى المؤثرة من اجل حل الازمة الحكومية.

 

 هيل ووفد التيار

 

من جهة اخرى وصف مصدر مطلع في التيار الوطني الحر اجواء لقاء وفد التيار الذي ضم النائبين الان عون والياس بو صعب ومستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي مع الموفد الاميركي هيل بانه كان جيدا، مشيرا الى ان المسؤول الاميركي ابدى حماسا لتشكيل الحكومة باسرع وقت وان الادارة الاميركية تتطلع لتاليف الحكومة كمدخل طبيعي من اجل تقديم المساعدة للبنان.

 

ولم يتطرق الى تحميل المسؤولية لاي طرف لبناني في تاخر التاليف، لكنه شدد على وجوب تحمل الجميع مسؤولياتهم تجاه هذا الاستحقاق الاساسي.

 

واشار المصدر ان هيل بحث موضوع المفاوضات حول الحدود البحرية، وجدد تاكيده استمرار استعداد واشنطن في هذه المفاوضات ودفعها الى الامام، مؤكدا على استئنافها انطلاقا مما انتهت اليه في الجولة الاخيرة.

 

وابدى هيل ارتياحه لعدم توقيع الرئيس عون على مرسوم الحدود البحرية المعدل، معتبرا ان هذا الموقف يساعد على عدم تعقيد الامور واستئناف المفاوضات.

 

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

لافروف : الحل بتشكيل حكومة برئاسة الحريري   

 

اختتم الرئيس المكلف سعد الحريري زيارة العمل الى روسيا بلقاء مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في مقر وزارة الخارجية في موسكو في حضور الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال افريقيا نائب وزير الخارجية  ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية السفير اندريه بانوف والمبعوث الخاص للرئيس الحريري الى روسيا جورج شعبان والمستشار باسم الشاب، جرى خلاله مناقشة  تطورات الأوضاع ِفي لبنان بشكل تفصيلي لا سيما العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة والازمة الاقتصادية  .

 

كما تناول البحث موضوع اللاجئين السوريين و إمكانية تزويد روسيا للبنان باللقاحات لمواجهة جائحة كورونا.

 

وقد اكد وزير الخارجية الروسي دعم روسيا لجهود الرئيس الحريري في تأليف حكومة برئاسته بأسرع وقت، تكون قادرة على معالجة الازمة والحصول على الدعم العربي والدولي.

 

واعلن المكتب الاعلامي للرئيس  الحريري انه جرى خلال الاجتماع، بحسب البيان، «تبادل معمق للآراء حول الوضع الراهن في لبنان مع التشديد على ضرورة الاسراع في تجاوز الازمة الاقتصادية – الاجتماعية، عبر تشكيل حكومة مهمة تكنوقراط مقتدرة، تحظى بتأييد قوى سياسية اساسية وطائفية في البلاد».

 

وأكد الجانب الروسي «موقف روسيا الثابت في صون سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، كذلك شدد على ضرورة حل القضايا الحادة الملحة في الأجندة الوطنية على قاعدة تفاهم القوى السياسية الاساسية في لبنان ومن دون تدخلات اجنبية».

 

كما تناول الطرفان «واقع وآفاق تفعيل التعاون الروسي – اللبناني ذي النفع المتبادل، بما في ذلك تقديم مساعدات إضافية الى لبنان في محاربته انتشار فيروس كورونا».

 

وبعد الظهر اختتم الرئيس الحريري زيارته الى روسيا وغادر مطار موسكو، حيث كان في وداعه نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب رئيس التشريفات في الحكومة الروسية السفير كوزنيسوف والسفير اللبناني في موسكو شوقي أبو نصار والمبعوث جورج شعبان.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram